مركز حقوقي يُحذر من تصعيد الاحتلال لخطوات تهويد الأرض الفلسطينية المحتلة

مركز حقوقي يُحذر من تصعيد الاحتلال لخطوات تهويد الأرض الفلسطينية المحتلة
حجم الخط

في محاولة لتغيير الحقائق وتكريس الأمر الواقع، أقر الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 1 يناير 2018 بالقراءتين الثانية والثالثة لتعديل "القانون الأساسي للقدس الموحدة لعام 1980"، والذي يحول عملياً دون تمكين الفلسطينيين من ممارسة السيادة على القدس الشرقية.  وسبق ذلك تصويت حزب الليكود بالإجماع الإسرائيلي على قرار يطالب الكنيست بضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية بشكل رسمي إلى دولة الاحتلال.

وأدان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشدة الإجراءات الاسرائيلية الهادفة إلى تهويد الأرض الفلسطيني وفرض حقائق على الأرض تنهي وبشكل كامل أية فرصة للفلسطينيين لممارسة حقهم في تقرير مصيرهم، وحقهم في إقامة دولة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967. 

وأكد المركز في بيان تلقت وكالة "خبر" نسخة عنه، على أن هذه القرارات هي بمثابة استثمار للخطيئة الأمريكية - إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي - في تحد واضح للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بما يشمل: قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية ومنظمة اليونيسكو.

ويشترط  تعديل قانون "القدس الموحدة" تصويت (80) عضواً من أصل (120) عضواً في الكنيست الإسرائيلي لتمرير أي قرار يتعلق بتغيير الوضع القائم في القدس، أو لنقل أجزاء منها لسلطة أخرى في سياق أي اتفاق سياسي.  ويأتي ذلك كتشديد للإجراءات التي تطلبها القانون القديم والذي كان يتطلب إما تصويت (80) عضواً كما التعديل الحالي، أو بتصويت (61) عضوا بالإضافة إلى استفتاء شعبي عام يقر التصرف بالأغلبية المطلقة.

وألغى التعديل الجديد النص المتعلق بتعيين حدود مدينة القدس الموجود في القانون السابق، وبذلك سمح لبلدية القدس أن تعيد تعيين حدودها بما يسمح استثناء الأحياء السكانية العربية الخالصة من نطاقها، مثل حي الشيخ جراح ومخيم شعفاط، وهي إحياء مفصولة عن المدينة قسراً بجدار الضم العنصري، وفي نفس الوقت بموجب القانون الجديد يمكن لها إلحاق المستوطنات الإسرائيلية في محيط مدينة القدس ضمن نطاق بلدية القدس، فيما يسمى بمشروع القدس الكبرى. 

كما يؤكد القانون في الوقت نفسه على السيادة الإسرائيلية على تلك الأجزاء العربية أيضاً،  ولكنه لا يعتبرها جزءاً مما اسماه مقدمو مقترح القانون "عاصمة إسرائيل الموحدة".  وبالتالي، وفي أي تسوية مستقبلية، تستطيع أي حكومة إسرائيلية تسليم إدارة هذه الأحياء العربية للفلسطينيين بعد الحصول على أغلبية عادية (61) عضواً وليس (80) عضواً.

وبموجب هذا القانون، وبقراءة الخارطة السياسية الإسرائيلية، يمكن التأكيد أن الحصول على مثل هذه الأغلبية مستحيل عمليا، وبالتالي فإن اسرائيل حسمت من جانب واحد مسالة القدس، واعتبرت القدس الشرقية، بما فيها الحرم القدسي، ضمن العاصمة المزعومة لهم، مع التخلص من التجمعات العربية الخالصة.  ولهذا يقول، الوزير نفتالي بينيت، رئيس حزب "البيت اليهودي"، مقدم مشروع القانون "الأن يمكن لنا أن نؤكد أن القدس ستبقى موحدة للأبد، بعد أن اصدرنا قانوناً يجعل تقسيمها يتطلب أغلبية ضخمة، 80 عضوا"

يُشار إلى أن ما يسمى "القانون الأساسي للقدس لسنة 1980 هو القانون الذي بموجبه أعلنت إسرائيل ضم القدس الشرقية تحت سيادتها، واثار زوبعة ضخمة من الانتقادات والتحركات، وكان السبب المباشر في صدور قرار مجلس الأمن رقم (478).  وقد أدان قرار مجلس الأمن القانون المذكور بشدة واعتبره منعدماً وباطلاً ويجب إلغاءه، وطالب الدول بعدم التعاطي معه، أو إقامة أي بعثات دبلوماسية في المدينة واستجابت حينها الدول 13 التي كان لها سفارات في القدس، وقامت بنقل سفاراتها.  وبعد 37 سنة من هذا القرار يصدر قرار أشد وطأه دون ان يحرك العالم ساكناً.

وفي ذات السياق، صوت حزب الليكود الإسرائيلي، صاحب الأغلبية في الكنيست الإسرائيلية، بالإجماع على قرار يطالب الكنيست الإسرائيلي بسن قانون بضم المستوطنات الاسرائيلية المقامة على ارضي المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، وذلك بتاريخ 29 ديسمبر 2017.

وعلى الرغم من أن القرار غير ملزم للكنيست، إلا أن المركز يعتبر أنه مقدمة لتبني مشروع القانون من قبل الكنيست، وخاصة إن فكرة ضم مستوطنات الضفة الغربية والقدس إلى دولة الاحتلال مشروع يحظى بقبول واسع في الساحة السياسية الإسرائيلي، ليست فقط في أحزاب اليمين الإسرائيلي والتي تمثل الأغلبية، بل أيضاً في اوساط اليسار الإسرائيلي. 

وشدّد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على أن الإجراءات الاسرائيلية تأتي تحدياً للقانون الدولي والشرعية الدولية المتمثلة في قرارات الأمم المتحدة، وتمثل إنهاء فعلي لحل الدوليتين ولحق الفلسطينيين في تقرير المصير وإقامه دولة على أرضهم المحتلة في العام 1967.

وأوضح أن ما تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي القيام به من ضم أجزاء من الأرض المحتلة تحت سيادتها بضوء أخضر أمريكي، يمثل خرقاً لميثاق الأمم المتحدة سيما المادة (2) فقرة (4) منه والتي تحظر ضم أراضي الغير بالقوة.  كما وتعتبر تهديداً للأمن والسلم الدوليين، لما تتضمنه من إثارة النزاع وإلغاء ضمنياً لعملية السلام وحل الدولتين.

وأشار إلى أن القراران السابقان يكشفان العقلية العنصرية لدولة الاحتلال، والتي تحاول جاهدة التخلص من التجمعات السكانية العربية الخالصة، وفي الوقت نفسه ضم كل الأجزاء الأخرى من مدن الضفة الغربية والقدس.  كما ويبرز ذلك الهدف الحقيقي من العملية السياسية الإسرائيلية، وهي التخلص من التجمعات العربية قدر الإمكان من خلال تسليم إدارتها للفلسطينيين، وليس تحقيق السلام، والذي لن يكون الا من خلال تسويه عادلة تعطي الفلسطينيين حقوقهم غير القابلة للتصرف والتي تقرها الشرعية الدولية.

وحذر المركز من خطورة الإجراءات الاسرائيلية والتي لن تقود الا لتأبيد النزاع في المنطقة، ويؤكد أن جميع الإجراءات الإسرائيلية تعتبر منعدمة ولا ترتب أي أثر على المستوى الدولي، وأن الاستيطان جريمة، بموجب المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة (8) من ميثاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية، لا يضفي شرعية عليها تصريح أمريكي أو قانون إسرائيلي.

وأكد على أن إسرائيل باتت تكشف عن وجهها الحقيقي كدولة أبارتهيد، تمارس العنصرية بكافة أشكالها، سواء من خلال الممارسات أو القوانين.  ويفند ذلك مزاعم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في خطابه، من أن إسرائيل دولة ديمقراطية لجميع السكان فيها بما فيها العرب المسلمين والمسيحيين. 

وعبر المركز عن قلقه تجاه الصمت الدولي المريب من القرارات الإسرائيلية، فإنه، يطالب المجتمع الدولي باتخاذ خطوات حقيقية لضمان تنفيذ قرار الجمعية العامة رقم (A/ES-10/L.22) الصادر بتاريخ 21 ديسمبر 2017، والذي يؤكد على تنفيذ قراري مجلس الأمن: (478) والمتعلق بمطالبة الدول بالامتناع عن إنشاء أي بعثات دبلوماسية في القدس؛ وقرار (2334) المتعلق بإدانة الاستيطان.

كما طالب الاتحاد الأوروبي باتخاذ مواقف واضحة من الإجراءات الإسرائيلية الرامية إلى مصادرة حقوق الفلسطينيين، وحقهم في تقرير المصير، وإدانة كافة الإجراءات العنصرية ضدهم، واعادة صياغة العلاقة مع دولة الاحتلال بما يؤمن الضغط باتجاه إنهاء الاحتلال واحترام حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما يمليه عليها نداء الضمير وشروط اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية التي توجب احترام حقوق الإنسان للتعامل.