الحاخام الذي يكذب ويتجمّل

751011512704751.jpg
حجم الخط

 

 

في إعلامنا، يبتلع بعضنا الطُعم، فينشر بغير معالجة معرفية للخبر، تصريحاً للحاخام الإسرائيلي الأكبر، اسحاق يوسف، إبن سيىء الذكر عوفاديا؛ يقول فيه إن إعدام الأسرى الفلسطينيين مخالف للشريعة اليهودية، علماً بأن مثل هذا الإعدام، يخالف الشريعة الإسلامية، على النقيض مما يفعله الإرهابيون، بينما شريعة الأحبار اليهود الصهاينة، وبخاصة عوفاديا والد اسحاق، تدعو صراحة الى قتل الأسرى الفلسطينيين والعرب، بل إنها تدعو الى قتلهم بعد الإعلان عنهم كصراصير!

لماذا يصرح الآن، اسحاق يوسف أن إعدام الأسير يخالف شريعة الأحبار، علماً بأنه ألأكثر تشدداً وجهلاً ومجافاة لمبدأ التسامح، حسب ما تلقى من اتهامات من اليهود أنفسهم؟

الجواب إنه قال ذلك، لكي يتراجع تحت ضغوط ردود الأفعال السياسية في إسرائيل، ضد تصريحات من شأنها إحراج الدولة أمام متوددين جدد اليها، ما يجعل إخفاء النزعة الإجرامية على المستوى الثقافي والديني، واجباً. لذا أراد المتطرف الأصولي اليهودي، أن يتراجع، لتسهيل سن قانون الإعدام، باعتباره تدبيراً قضائياً لا أكثر، لكي يتبدى أن السياسة الإسرائيلية، قد تجاوزت شريعتها الدينية وضحّت من أجل الحفاظ على حياة النفس البشرية!

 كثيراً ما تراجع حاخامات الهوس والتطرف الصهيوني، عن تصريحات، بموجب مقتضيات السياسة الصهيونية. بل إن إسحاق يوسف نفسه، الذي يزعم اليوم أنه يعارض الإعدام، هو الذي وقف ضد ثرثرة رئيس الأركان أشكنازي، عندما كان يكذب ويخدع ويصرح أمام كبار ضباط جيش الإحتلال، أن على الجنود، أثناء العمل وفق قواعد الإشتباك المعتمدة، أن يلتزموا بالقانون، فلا مُوجبَ لقتل مهاجم بالسكين بعد أن يسقط أرضاً ويفقد القدرة على الطعن. يومها رد عليه إسحاق يوسف قائلاً: "ينبغي قتل من يُظهر الرغبة في الطعن والهجوم، وعلى الجنود ألا يقلقوا بشأن التداعيات القانونية والأوامر العسكرية". ولما رأى العسكريون، أن تصريحاته تسيء الى سمعة المرجعية الدينية التي يلتزم بها الجيش، عاد إسحاق يوسف الى تعديل التصريح والقول بلغة مُضَلِلة:"إذا لم تعد هناك سكين، في يد المهاجم، فيجب وضعه في السجن الى الأبد، حتى يبعث الرب أحد العماليق العبرانيين لتنفيذ القتل"!

هؤلاء متطرفون ومعتوهون، وكفار حتى بالمعايير اليهودية الصحيحة، إذ يعارضهم من الألف الى الياء مؤمنون باليهودية مثل منتسبي منظمة "ناتوري كارتا" التي لها جمهورها الكبير في الولايات المتحدة، وتعتبر أمثال إسحاق يوسف كفرة ومارقين ومن أهل الدنيا الوسخة لا من أهل الدين!

ومن المفارقات، أن إسحاق يوسف، يكذب ويفتري حتى على الكتب التي بين يديه، بل يخالف توجهات معلمه ووالده عوفاديا الذي كان يقول:"إن اليهودي عندما يقتل مسلماً فكأنما قتل ثعبانا أو دودة، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن كلاّ من الثعبان أو الدودة خطر على البشر، لهذا فإن التخلص من المسلمين مثل التخلص من الديدان أمر طبيعي أن يحدث"!

إن مثل هذه المقاربة الفاجرة المتعدية على مكانة الإنسان عند خالقه، لم تعد صالحة للعمل، بينما أطراف من بلدان العرب والمسلمين، تتقرب من إسرائيل وتنافقها، ما اقتضى تغيير ما يسميه الإعلام العبري "الشريعة اليهودية" وهي محض هرطقات تؤدي دورها لتخليق مرجعية للفعل الصهيوني العدواني بآلة الحرب.

على مستوى إسحاق يوسف، فرخ عوفاديا، لا مجال عنده لتغيير حرف واحد، من الحكم الذي نطق به والده على العرب والمسلمين، في حديث متلفز في العام 2004 الى القناة العبرية العاشرة، شرح فيه قاعدة التعامل معنا حسب ما يسميه الدين اليهودي:"إن هذا الدين يحث على التخلص من كل من يسكن فلسطين من غير اليهود، وقد جاء في التلمود "إذا دخلت المدينة ومَلَكْتها فاحرص على أن تجعل نساءها سبايا لك ورجالها عبيدا لك أو قتلى مع أطفالهم".

لا مجال لتسويق كلمة نورانية واحدة، تُنسب الى هؤلاء، ولا فرصة للهرب من طبائع هذا العدو ومحاولة تجميلها أو التخفيف من قبحها  وعدوانيتها.