أسئلة الى القوى الفصائلية

751011512704751.jpg
حجم الخط

 

يجف الحبر، وتُرهق شاشات الحاسوب، دون أن تُلبى أمنية واحدة، للجماهير الفلسطينية، كتبها المتفائلون والمتشائمون، وتتعلق بترميم وإصلاح النظام السياسي، وأخذ خطوة واحدة على طريق الرُشد، وتكريس فاعلية المؤسسات، والتوجه الى استعادة الصفة التمثيلية للممسكين بمقاليد الأمور!

كل شيء يُراد له أن يستمر من وراء الإرادة الشعبية، ويطفو على السطح الآن، وتكابد القوى الفصائلية بؤسها، مهما كبُرت أسماؤها. وليت هذه، وضعت أصابعها على النقاط المجروحة والثغرات، باستثناء ما يتعلق بمواقفها كأندية لديها توجهات سياسية. فلم يُلاحظ أن تهميشها قد أزعجها كثيراً، وبدا ميلها واضحاً الى الاكتفاء بالمشاركة في انعقاد المجلس المركزي، وإسماع الناس خطابات الطنين. أما في سائر الحياة، فلا طنين يتعلق برزايا الحُكم وغياب العدالة وخرق القانون وإدارة الظهر للوثيقة الدستورية وتجويف المؤسسات والانحرافات على صعيد التصرف بالمقدرات المالية وخنق غزة ومظاهر البذخ السلطوي وأفاعيل القبضة الأمنية وغير ذلك مما جعل حياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، شقاءً بأيدي ذوي القربى معطوفاً على شقاء من العدو!

في هذا السياق، يجري الحديث عن انعقاد المجلس المركزي، بلغة اليتيم الذي يتحرى التفصيلات ذات الصلة بمأدبة اللئام ومواضع الأطباق. فلا مشاركة في إعداد الوثائق وخطط العمل الحقيقي، لغير من يختارهم عباس. وفي الجلسة الافتتاحية، سيُقال للحاضرين لا تزاودوا علينا، فنحن نرفض قرار ترامب مثلما ترفضون، وعندما يُقال لعباس، وهو رئيس كل شيء وليس هناك مؤسسة تضبط أداءه أو تحسم موقفاً؛ إن رفض قرار ترامب ليس ترفاً لفظياً لا يتاح لأحد سواه، حيال تجرؤ ترامب على حقوقنا في القدس، وإنما هو رفض ينبغي ترجمته الى استراتيجية عمل وإجراءات لإعادة بناء الذات، وإرجاع الهيبة للمؤسسات، وهذا يخدم الرئاسة الفلسطينية، قبل أن يخدم الآخرين. فمن يتنصل من واجب الإصلاح والدَمَقْرَطَة وتوسيع دائرة التشاور في إطار المؤسسات، يصبح موقفه الرافض لقرار ترامب بلا معنى وذراً للرماد في العيون، ولم يكن سيُسمع من عباس لو كان هناك موقف غيره.

في هذه الأثناء، يتوسل البعض ربط قاعة انعقاد المجلس المركزي، بقاعات أخرى عبر تقنية الفيديو كونفرانس، لمن لا يستطيعون الوصول الى رام الله. وهذه تقنية يسيطر عليها الاحتلال ويمكن أن يقطعها متى يريد. لكن المُحبَطين الذين يئسوا من إمكانية استجابة عباس، بإظهار جدية موقفه، من خلال الاستجابة لمطلب عقد دورة كاملة للمجلس الوطني الفلسطيني، بمشاركة كل ألوان الطيف؛ جعلت سقفهم الفيديو كونفرانس. فإلي متى ستظل القوى الفصائلية الفلسطينية، فاقدة للقدرة على عقد اجتماع حتى للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عندما تتوافر أسباب الانعقاد، وتكون الأسباب خطيرة وبحجم ما نواجهه اليوم؟!

وفي حال تلبية طلب الربط بالفيديو كونفرانس، من ذا الذي يضمن أن يتاح لمن يريدون أن يضعوا كل النقاط على الحروف استكمال مداخلاتهم؟ وفي حال أتيح لهم أن يستكملوا، وأن ينجحوا في استصدار قراغرات، فمن الذي يضمن أن تنفذ القرارات، علماً بأن سجلات ومآلات كل القرارات، في المصالحات وفي التوجهات السياسية والأمنية، سجلت فشلاً ذريعاً على صعيد التنفيذ؟

ناطق بلسان فصيل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يقول إن هذا الفصيل سيطلب محاسبة رئيس اللجنة التنفيذية على عدم تنفيذ قرارات الانعقاد الأخير للمجلس المركزي نفسه في مارس 2015. وهذه دعوة تظل مجازية في ظل انعدام وجود المؤسسة التي تحاسب. وفي حال إصرار أي طرف على البحث عن وسيلة للمحاسبة، سيجد نفسه هو الذي يُحاسب. لأن أجنحة الجميع ستظل مَهيضة طالما أن الأطراف تنتف ريشها بنفسها طوعاً.

ومن اللافت أيضاً، أن مربع منظمة التحرير هو وحده الذي ترى الفصائل فيه نفسها ذات أحقية في الكلام. كأنما لا شأن لها بالسلطة التي يُفترض أنها تحكم الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 67. أو كأن لا جمهور ولا مقرات ولا وظائف ولا خرائط تنظيمية للفصائل في المجتمع الذي تحكمه السلطة، وهذه كلها تشملها عملية الإضرار بالمجتمع!

نتمنى على الجميع، أن يقرع الجرس، على الرغم من بؤس الانعقاد ومن الطابع الإقصائي لعملية التحضير له. فقد طفح الكيل وبلغ السيل الزُبى!