عقد المجلس التشريعي الفلسطيني، اليوم الأربعاء، جلسة خاصة ناقش فيها تقرير لجنة الرقابة حول سياسات حكومة "الحمد الله" تجاه قطاع غزة وتداعياتها على الواقع الفلسطيني.
وأكد التقرير على أن حكومة "الحمد الله" تمارس الفساد المالي والسياسي وتتعامل مع قطاع غزة على قاعدة التمييز العنصري، داعياً لرحيل الحكومة لعدم نيلها ثقة التشريعي، ولأنها تمارس إجراءات مشبوهة من شأنها اضعاف قطاع غزة وتقويض صمود المواطنين.
بدوره، أشاد أحمد بحر في كلمته الافتتاحية بالمؤتمر الدولي الذي نظمه الأزهر الشريف لنصرة القدس وأهلها الصامدين، مثمنًا الدور الهام الذي يضطلع به الأزهر لدعم القضية الفلسطينية والدفاع عن شعبنا الفلسطيني.
كما دعا كل المؤسسات الدينية والمنظمات الحقوقية والدولية والأممية والمجتمع الدولي للوقوف في وجه المؤامرة الصهيونية والأمريكية التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وشدّد بحر، على أن العديد من المؤسسات والجهات الدولية والمحلية أصدرت تقارير رقابية أكدت فيها أن الفساد قد تفشى واستشرى بشكل خطير في كافة أعمال ومؤسسات السلطة الفلسطينية بسبب غياب الرقابة البرلمانية على الحكومة، محذرًا من استمرار رئاسة السلطة في توفر الغطاء السياسي للحكومة التي أهدرت سياساتها الكثير من الأموال العامة والمقدرات الوطنية.
فساد سياسي
وأشار بحر، إلى أن استمرار السلطة في التمسك باتفاق أوسلو واتفاقية باريس الاقتصادية ومسار التسوية والمفاوضات في ظل المخططات والمؤامرات الصهيوني والأمريكية، يشكل فساداً سياسياً، رافضًا استمرار السلطة في تنسيقها وتعاونها الأمني مع الاحتلال معتبرًا ذلك فساداً أمنياً بامتياز.
وحمّل السيد محمود عباس المسؤولية الكاملة عن فساد السلطة وانهيار الحالة الوطنية الراهنة، داعيًا الكل الفلسطيني للعمل على ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وإرساء استراتيجية وطنية موحدة.
واستنكر الاتهامات التي وجهها "عباس" للنائب محمود الزهار، وأضاف:" هذا الاتهام لا يجوز شرعاً ولا سياسياً ولا دبلوماسياً ولا أخلاقياً أن يصدر من رئيس حركة فتح محمود عباس وقد ناهز الثمانين".
تقرير لجنة الرقابة
من ناحيته تلا رئيس لجنة الرقابة النائب يحيى العبادسة تقرير لجنته الذي سلط الضوء على الواقع الاقتصادي والمالي المتردي بسبب السياسات والإجراءات العقابية الظالمة التي اتخذتها ولا زالت حكومة الحمد الله ضد قطاع غزة، والتي تصل وفق القانون الدولي الإنساني إلى جرائم ضد الإنسانية.
أهداف التقرير
وذكر "العبادسة" أن تقرير لجنته يهدف إلى التالي:
1- وضع جميع مكونات الشعب الفلسطيني وفصائله ونخبه أمام الحقائق وتداعياتها لقيامهم بمسئولياتهم الوطنية، ودفعهم لاتخاذ مواقف حازمة وضاغطة على عباس وحكومته لوقف الإجراءات العقابية المفروضة على قطاع غزة وإنصافه.
2- وضع الجهات المحلية والإقليمية والدولية كافة في صورة المشهد الإنساني والاقتصادي الكارثي لقطاع غزة جراء السياسات والممارسات العقابية الظالمة التي انتهجتها حكومة الوفاق منذ تشكيلها.
3- وضع الإخوة في جمهورية مصر العربية بصفتهم الراعي والضامن لاتفاق المصالحة في صورة السياسات والإجراءات العقابية التمييزية والعدوانية ضد قطاع غزة على الرغم من الجهود المبذولة والمستمرة من طرفهم لإتمام المصالحة.
الواقع الاقتصادي في قطاع غزة ومؤشرات انهياره
ورصد التقرير أهم مؤشرات الانهيار الاقتصادي في قطاع غزة على النحو التالي:
1- معدلات البطالة: حيث ارتفعت معدلات البطالة في قطاع غزة فترة حكومة الحمد الله بشكل قياسي وغير مسبوق وصلت إلى ما يقارب من 60-70%.
2- معدلات الفقر: ارتفعت معدلات الفقر في قطاع غزة نتيجة ممارسات وسياسات حكومة الحمد الله إلى ما يقارب من 80% وذلك نتيجة دخول فئات جديدة من الموظفين لشريحة الفقراء.
3- السيولة النقدية: تناقصت معدلات السيولة النقدية المتداولة في قطاع غزة، ما أدى إلى انخفاض القوة الشرائية، ترتب عليه انخفاض في حجم الواردات والحركة التجارية في الأسواق.
4- الشيكات المرجعة: أشار التقرير إلى أن عدد الشيكات المرجعة بلغ حوالي (60) ألف شيك مرجع.
5- الخدمات الحكومية: أوضح التقرير أن قطاع غزة شهد في ظل إدارة حكومة الحمد الله تراجعاً وتدنياً واضحاً في مستوى الخدمات الحكومية المقدمة للموطنين، لا سيما في مرافق وزارتي الصحة والتعليم.
6- حركة المعابر: أوضح التقرير أن عدد الشاحنات الواردة إلى قطاع غزة انخفض بمعدل النصف (من 750 إلى 350 شاحنة تقريباً) خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب انخفاض القوة الشرائية لدى سكان القطاع.
السياسات والإجراءات المالية والاقتصادية
ولفت العبادسة في تقريره إلى أن الحكومة اتبعت سياسات وإجراءات مالية واقتصادية أضرت بقطاع غزة ومنها:
1- تقليص دورة المال (الخاص والعام) إلى أدنى مستوياتها وصولاً إلى ندرة المال.
2- تحويل كامل عائدات قطاع غزة المالية إلى حساب السلطة في رام الله والتي من أهمها ضريبة القيمة المضافة (المقاصة)، والتي تقدر مساهمة قطاع غزة فيها (100) مليون دولار شهرياً، والذي يفوق فاتورة احتياجات قطاع غزة بالكامل.
3- إجبار تجار قطاع غزة لفتح مشتغل مرخص صادر عن رام الله، وذلك بهدف تسجيل كامل وارداتهم على كود رام الله بدلاً من غزة لإظهار ضعف مساهمة القطاع من واردات المقاصة أمام الجهات المحلية والدولية.
4- استبعاد قطاع غزة من مخصصات الصرف في نفقات الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية لا سيما النفقات التشغيلية والتطويرية ومشاريع البنية التحتية ورواتب الموظفين.
5- فرض قيود على حركة تداول العملة من قبل سلطة النقد الفلسطينية على البنوك العاملة في قطاع غزة لا سيما على مؤسسات العمل الخيري.
6- إنهاء عمل الهيئات والشركات العامة في قطاع غزة.
السياسات والإجراءات الإدارية
1- حرمان أبناء شعبنا في قطاع غزة من حقه في الوظيفة العمومية طوال سنوات الانقسام.
2- حرمان القطاع من حقه في خدمات الكهرباء، وتلكؤ حكومة الحمد الله في إعادة الــ 50 ميجا وات التي يزود الاحتلال بها غزة حتى حصلت على ضمانات بنكية بتحمل غزة لثمن هذه الكميات.
3- عدم اعتراف حكومة "الحمد الله" بالجامعات والمؤسسات التعليمية التي أُنشأت في القطاع فترة الانقسام، وعدم تصديق شهادات خريجيها البالغ عددهم ما يزيد عن (23) ألف خريج تقريباً.
4- ضعف الأداء الرقابي على المعابر مما أدى إلى عدم مطابقة البضائع الواردة إلى غزة لمواصفات الجودة المعتمدة فلسطينيا، وتضرر المنتج المحلي وصغار التجار والمزارعين، وهروب المستثمرين من قطاع غزة في مجال الصناعة لعدم وجود حماية للمنتجات المصنعة محلياً.
5- تعمد وزراء حكومة الحمد الله بتجاهل مؤسسات الوزارة العاملة في قطاع غزة، وتواصل الوزارة في رام الله مع الجهات التنفيذية الدنيا أو المواطنين مباشرة.
سحب السيولة النقدية من القطاع
وأوضح التقرير أن الحكومة اتخذت جملة من السياسات المالية والاقتصادية الرامية لسحب السيولة النقدية من قطاع غزة بهدف إفقاره مالياً وإغراقه في العديد من الأزمات الاقتصادية المتتالية، وقد اتسمت هذه السياسات بإجراءات ناعمة تارة وخشنة تارة أخرى ومنها:
1- سحب السيولة النقدية المتداولة في السوق من القطاع.
2- تخفيض القوة الشرائية في أسواق قطاع غزة بنسبة تصل إلى 30% مما أثر وبشكل مباشر على الحركة التجارية في أسواق القطاع.
3- التمهيد للخطوة التالية المتمثلة بحسم 30-40% من رواتب موظفي السلطة.
4- إحالة جميع موظفي السلطة مالياً إلى التقاعد، ومن يعمل منهم مع الحكومة في غزة بقي على رأس عمله دون حصوله على كامل حقوقه المالية.
5- اتباع ممارسات وإجراءات مالية ضد المؤسسات الدولية والخيرية والتي تقدم المساعدات لأبناء قطاع غزة لثنيها عن القيام بدورها.
وأضاف التقرير:" هذه الإجراءات بالإضافة إلى حرمان أبناء قطاع غزة من الوظيفة العمومية أدى إلى تقليص فاتورة رواتب موظفي السلطة في القطاع بقيمة (35) مليون دولار تقريباً".
إدارة حكومية فاسدة لملف الإعمار
أدى قبول حكومة الحمد الله ممثلة بوزير الشئون المدنية حسين الشيخ بالآلية الدولية لإعادة إعمار قطاع غزة (GRM) والتي رفضها غالبية الفلسطينيين، لمفاقمة معاناة من تضرروا جراء عدوان العام 2014م، واستشراء الفساد في هذا الملف، فحسب ما جاء في آخر تقرير للبنك الدولي فإن نسبة ما تم تلبيته من إجمالي احتياجات التعافي لخمسة قطاعات تأثرت بعدوان 2014م لا تتجاوز 17%، أما على صعيد القطاع الاقتصادي فهو مغيب كلياً عن عملية إعادة الإعمار وهذا أيضا يصب في ذات الهدف المتمثل بتدمير قطاع غزة اقتصادياً.
التوصيات
وجاءت توصيات التقرير على النحو التالي:
1- إعلان قطاع غزة منطقة منكوبة واتخاذ كافة الإجراءات القانونية والمالية والإدارية التي تقتضيها الحالة.
2- قيام المؤسسات الحقوقية والوطنية بتحمل مسئولياتها تجاه كل الحالة ورفع تقارير بشأنها للجهات ذات العلاقة.
3- تشكيل لجنة تحقيق برلمانية تقوم بالتحقيق في الإجراءات الحكومية العقابية بحق أبناء قطاع غزة ومؤسساته.
4- فتح ملفات الفساد المتعددة والمتعلقة بالموازنات التشغيلية والرأسمالية الخاصة بالدوائر الحكومية وغير الحكومية في قطاع غزة.
5- التحقيق بملف العلاج بالخارج والتمييز المتبع بحق المرضى، وكذلك ملف إعمار قطاع غزة.
6- اعتبار حكومة الحمد الله حكومة غير شرعية، حيث لم يصادق عليها من المجلس التشريعي، ولم يتم الرقابة عليها، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تضم كافة الفصائل الفلسطينية وفق اتفاق المصالحة 2011م.
7- دعوة جميع أعضاء المجلس التشريعي من كافة الكتل والقوائم البرلمانية إلى تحمل المسئولية القانونية والأخلاقية أمام أبناء شعبهم، وعقد جلسة طارئة لمناقشة تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وكيفية الرقابة عليها، وذلك منعاً لاستشراء حالة الفساد التي تمارسها حكومة الحمد الله.
8- الطلب من النائب العام فتح تحقيق رسمي في الفساد الموجه الى الحمد الله نفسه والفريق العامل معه لانتحالهم صفة الحكومة والوزارة، وقيامهم بالتصرف في المال العام خلافاً للقانون الأساسي والأصول.
9- دعوة البنوك إلى تأجيل استرداد أقساط القروض المترتبة على المواطنين لفترة ستة أشهر مراعاة لمعاناة المقترضين.