"الانتصار الساحق والسريع في حرب خاطفة ومكثفة"!

آيزنكوت يكشف الصيغة الجديدة لاستراتيجية الجيش الإسرائيلي

الجنرال ايزنكوت.jpg
حجم الخط

إيران والفلسطينيين، السايبر والجبهة الداخلية، الحرب متعددة الجبهات، هذه هي المواضيع الرئيسية التي ركزت عليها وثيقة الجنرال آيزنكوت، والتي نشرها في المراحل الأخيرة من فترة خدمته العسكرية. 

الصيغة الجديدة لاستراتيجية الجيش الإسرائيلي، التي صاغها الفريق جادي آيزنكوت، لا تتعلق بجبهة واحدة فقط، أو بعلاقات الجيش مع الحكومة، انها تعليمات واضحة للدرجة العليا من الضباط لجنودهم، بالتركيز على العمل والشجاعة والانتصار في الميدان.

عند نشر النسخة الأولية من وثيقة آيزنكوت، في العام 2015، لم تكن تحتوي الوثيقة على وجود ترامب وسياساته، والعلاقات الجديدة مع إيران، ولم يتم رفع نسبة الاستعداد للعمل العسكري في سوريا.

آيزنكوت أراد أن يفسر للجيش قاعدة المفاهيم العامة للخطة السنوية "جدعون" وذلك بعد عامين ونصف من إصدارها. مع الاستمرار بالعمل على تطوير الجيش.

وثيقة آيزنكوت المعدلة، بالصياغة الجديدة، تم طباعتها قبل شهرين، وتم عرضها على وزراء الكابينت، وأعضاء لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، واحتوت على بعض تفاصيل من استراتيجية وزارة الدفاع الأمريكية "البانتجون"، وتم اقتباس بعض بنودها.

في هذه الوثيقة الجديدة لاستراتيجية الجيش الإسرائيلي، يركز آيزنكوت على التنسيق والتعاون مع الجيش الأمريكي ، خصوصا ضد إيران. وتشجيع العمل الإقتحامي لكبار ضباط الجيش، على غرار عملية عنتيبي، بقيادة ايهود باراك، وعلى غرار عمليات كتيبة المظليين بقيادة أريك شارون، مع ذلك فإن فترة آيزنكوت لم تكن دموية مثل هذه الفترات، وشهدت استقرار، بالخطط والميزانيات، وحتى أنه نجح في منع تحويل وثيقة استراتيجية الجيش الإسرائيلي الى وثيقة تصدر لمرة واحدة، وفتح المجال للتعديل الدوري عليها، وفق المستجدات الحاصلة.


التوضيحات الضرورية:
في الحرب القادمة ضد حماس أو حزب الله، يجب أن تكون قصيرة، وفترتها الزمنية أقل من فترة أي حرب سابقة، آيزنكوت لا يفكر بالعمل مثل "موشيه ديان"، في حرب سيناء، ولا يريد العمل مثل "شارون" في حرب لبنان الأولى، واختيار الاجتياح البري.

إنه يبحث عن حرب سريعة وخاطفة مع انتصار ساحق وواضح على العدو، مع التركيز على الضربة المكثفة لقواعد العدو، من هنا يتضح أن الحرب القادمة ستكون قصيرة وخاطفة.

وكذلك يتضح من التعديلات على استراتيجية الجيش، التوجه للتركيز على القوة، والضرب بالعمق، من خلال الاعتماد على المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، والاعتماد على الجو والبحر، مع التركيز على تأمين الدعم اللوجستي للقوات وتأمين الجبهة الداخلية.

ولقد عمل آيزنكوت على إنشاء لواء الكومندو، اللواء رقم 89، والذي أجرى عدة تدريبات خارج البلاد، ليحاكي ظروف مناخية مشابه لبلاد العدو- مثل اليونان وقبرص- والتدرب كذلك على إمداد القوات بالعدم اللوجستي الضروري في المناطق الغريبة والبعيدة. 

مثل هذه التعديلات، تم اجرائها في أقسام التنصت والسايبر، والتي اعتبرها آيزنكوت ضرورية جدا، ومهمة مثلنها مثل القوات البرية، وذلك لأن إسرائيل معرضة للهجمات بهذا المجال، الشعار الوحيد الذي يركز عليه آيزنكوت في وثيقته المعدلة، هو شعار الانتصار الساحق والسريع ، في حرب خاطفة ومكثفة.

ولأجل إبراز تفوق الجيش الإسرائيلي على أعدائه قام آيزنكوت ببناء نموذج "الدفاع والانتصار" والذي يركز على التوفير بعدد الإصابات والقتلى في أي معركة، وعدم الانتشار البري الهجومي، مع التركيز على الانتصا،. واعطاء تعليمات واضحة للقوات بضرورة تحقيق الانتصار، في المعركة، مع عدم التركيز على مفهوم حسم المعركة، بقدر التركيز على الانتصار في المعركة.
آيزنكوت لم يتجاهل بوثيقته الجديدة الأهداف السياسة لحكومة نتنياهو، وعدم رغبته بالتوصل لاتفاق سياسي يقضي بالانسحاب من المناطق والمستوطنات، لذلك وضع خطة دفاعية لأجل حماية المستوطنات بالضفة.

بحسب وثيقة آيزنكوت فأن الأهداف القومية لإسرائيل، والتي على الجيش الإسرائيلي العمل على تحقيقها عسكريا، هي الدفاع عن أمن الدولة وحماية وجودها، وحماية سيادتها ومناطقها وأمن سكانها.

أما بالنسبة للاستراتيجية العسكرية للجيش، فتتركز بحسب وثيقة آيزنكوت في الحفاظ على قوة الردع، وتقليص التهديدات المنعكسة على الدولة، والحفاظ على التفوق العسكري الذي يمكن إسرائيل من فرض رغباتها على أعدائها.
الحرب على أربعة أبعاد:

بحسب وثيقة آيزنكوت الجديدة، على الجيش الإسرائيلي أن يحقق الأهداف التي يضعها له المستوى السياسي، ويكون قادر على حسم العدو بأي لقاء معه.

في اللقاءات السابقة مع حماس وحزب الله، نجحت هذه المنظمات في استخدام ضعفها وجعلها عنصر قوة، لكن في المرات القادمة سيعمل الجيش على فرض شروط انهاء القتال عليهم، من خلال قوة النيران وفي زمن قصير.

غالبية التدريبات للحرب القادمة، تركز على سيناريوهات حرب ثنائي الجبهة، مثل الجبهة الشمالية ، مثل حزب الله وسوريا سويا، او حزب الله وغزة بدون سوريا.

والطريقة المطلوب هي الاستمرار في نقل القتال من جبهة الى أخرى، بعمق العدو، على أربعة أبعاد، برا وبحرا وجوا وسايبر.

التقديرات تشير أن لحماس أو لحزب الله ستكون في الحرب القادمة انجازات ملموسة، على أرض الميدان، أو بدائل أخرى مثل احتلال مستوطنات، أو مواقع عسكرية وبسرعة.

 لكن آيزنكوت يقول إن الأمر ليس خطيرا، ويهدأ الجميع، ويقول إنه يجب عدم المبالغة، فالإنجازات العسكرية يتم قياسها بنهاية المعركة، بعد أن يطرد الجيش الغزاة.

على الحلبة الفلسطينية:
يستعد الجيش الإسرائيلي لعدة سيناريوهات أهمها: وقف التنسيق الأمني مع السلطة، أو مشاركة بعض عناصر الأجهزة الأمنية في الصراع المسلح ضد إسرائيل.

يتم تعريف الضفة وغزة بالنسبة للجيش ككيانين منفردين، متحاربين ومتصارعين فكريا وسياسا، ولكنهما تصرعان إسرائيل للمطالبة بحقوق قومية، والوثيقة الجديدة لآيزنكوت لا توضح مدى الصراع المستقبلي بين هذان الكيانان، أو بينهما وبين إسرائيل، لكن من المتوقع أن يحدث هذا الصراع بعد فترة أبو مازن.

أما بالنسبة للمبادئ القتالية للجيش الإسرائيلي، فيركز آيزنكوت في وثيقته على مبدأ "تحقيق الهدف المطلوب من المعركة"، ومبدأ "التركيز على القوة العسكرية" ومبدأ "السعي لتحقيق الانتصار".

أخيرا الوثيقة تركز على ضرورة التعاون والتنسيق الاستخباراتي والعسكري، بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأمريكي، حول كل ما يحدث في المنطقة.

وكذلك التعاون بين الجيش الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية، ووجود قنوات نقاش وحوار دائمة بين قيادة الجيش ووزراء الحكومة، وتحديد الأهداف المشتركة وما هو مطلوب من الجيش فعله بالمجهود الأمني والعسكري.