أكدت شخصيات وطنية، ورجال دين إسلامي ومسيحي، رفضها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن القدس، ووقوفها إلى جانب الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية لإفشال هذا الإعلان وكافة المشاريع السياسية التي تستهدف مدينة القدس بالتهويد أو التهجير أو التضييق على أهلها، ودعوا إلى تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة المخاطر التي تتهدد قضيتنا.
جاء ذلك خلال لقاء نظمته مفوضية العمل الجماهيري في هيئة التوجيه السياسي، في رام الله، اليوم الأربعاء، برعاية الرئيس محمود عباس، تحت شعار "وحدتنا الوطنية طريقنا للتحرر، وخلف قيادتنا وقراراتها الحكيمة".
وشارك في اللقاء: عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي ممثلا عن الرئيس، والمفوض السياسي العام والناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية اللواء عدنان ضميري، ومدير أوقاف محافظة القدس الشيخ إبراهيم زعاترة، وأمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى، ونائب محافظ القدس عبد الله صيام، والرئيس الروحي للكنائس في رام الله الأب الارشمندريت إلياس عواد، بالإضافة الى رؤساء مجالس محلية ومؤسسات أهلية ومدراء أذرع المؤسسة الأمنية في محافظة القدس.
وأكد زكي في كلمة الرئيس، أن إعلان ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، سيفشل بفضل الصمود الفلسطيني ووقوف العالم أجمع ضد هذا الإعلان، وفرض عزلة دولية على الولايات المتحدة والاحتلال، ومقدمة لإفشال "صفقة القرن" التي أصبحت معالمها واضحة ولا تلبي الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا.
وأضاف، أن القدس ارض التآخي الإسلامي المسيحي منذ العهدة العمرية، وأن لا أحد في العالم يمكنه تغيير واقعها مهما امتلك من قوة، ما دام الشعب الفلسطيني موحدا ومرابطا في أرضه ومدافعا عن حقوقه، وقد أثبتت التجارب السابقة ذلك منذ قرن من الزمن.
وقال زكي، إن صراعنا ليس مع اليهود بل مع الصهيونية، التي تفتقر إلى القيم والمبادئ ولا تعير وزنا للحقوق والقوانين، وتضم أناسا غير اليهود وتسعى للسيطرة على ثروات العالم بالقوة.
كما وأشاد بمواقف القيادة الفلسطينية في مواجهة إعلان ترمب، وقال إن شعبنا العظيم بقراره الوطني المستقل وعدالة قضيته، استطاع ايصال صوت العدل الفلسطيني الى العالم أجمع، وحققت القيادة إنجازات سياسية وازنة في القمم العربية والإسلامية والإفريقية والأوروبية، مشيرا إلى التطور الذي طرأ في موقف الاتحاد الأوروبي بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وقال، إن موقفنا قوي ونرفض أن يكون أي مسجد بديل للأقصى، وإن 138 دولة في العالم تعترف بدولة فلسطين ونطالبها بسحب اعترافها بإسرائيل، وسنبقى بمستوى التحدي وسنصمد على أرضنا ونثبت على حقوقنا، مؤكدا أن انتصارنا في معركة القدس سيحمي الكثير من دول وشعوب المنطقة من مؤامرات ستطالها، بعد فشل تحويل الصراعات في المنطقة الى مذهبية.
وحول الوضع الداخلي، قال زكي: علينا أن نخرج غزة من المأساة التي تعيشها، فهي عزتنا وأرضنا وأهلنا، مضيفا أن القيادة رفضت قرار وسم إسماعيل هنية بالإرهاب، وأن مسيرة شعبنا ستستمر حتى الحرية والاستقلال.
ومن جانبه، أكد اللواء ضميري، على أن علاقة المسلمين والمسيحيين في فلسطين هي علاقة شراكة بين مواطنين، وليس للطائفية فيها أي اعتبار، وكانت القدس رمزا للوحدة والتآخي الإسلامي المسيحي في الماضي والحاضر وستبقى في المستقبل، ولن يغير واقعها ترمب أو غيره، ما دام الفلسطينيون متمسكين بإرثهم وقيمهم وثقافتهم الوطنية.
وقال، إن الحركة الصهيونية فشلت في تشويه وجه القدس، ولم تتمكن من إحداث فتنة طائفية أو شقاق بين أبنائها المسلمين والمسيحيين الموحدين في الدفاع عن القدس، التي كانت عنوان الثورات والانتفاضات والهبات الفلسطينية المتتابعة منذ قرن.
وأضاف، أن موقف الرئيس، الذي عبر عنه في المؤتمرات العربية والإسلامية والدولية المتعاقبة، واجتماع المجلس المركزي واللجنة التنفيذية، ليس موقفا شخصيا بل يمثل موقف الشعب الفلسطيني بكل أطيافه داخل الوطن وخارجه، وهو الموقف الذي عمد بدماء الشهداء خلال مسيرة نضال طويلة.
وقال الضميري، إن خطة ترمب ونتنياهو وقراراتهما، ستسقط على أيدي اطفال فلسطين وحجارتهم، مثلما أفشلوا مؤامرات سابقة أكثر فتكا. وأضاف: إننا اليوم أقرب من أي وقت مضى الى الوحدة والدولة والاستقلال وطرد المستوطنين من أرضنا.
وقال الشيخ زعاترة، إننا نلتقي اليوم لنؤكد أننا شعب واحد، بمسلميه ومسيحييه، وإن فلسطين تنفرد عن كل العالم برفع الأذان من الكنائس عندما تمنع المساجد من رفعه، وإن المسجد بجوار الكنيسة، والكنيسة تحمي المدافعين عن حقوق شعبهم، كما حدث في كنيسة المهد.
وأضاف: ما بين وعد بلفور عام 1917 وإعلان ترمب عام 2017، قرن من الصراع على القدس وفلسطين، وسيزول الاحتلال الإسرائيلي كما اندثرت كل الاحتلالات السابقة، وستبقى القدس لأهلها مسلمين ومسيحيين، وسيرفع علم فلسطين على مآذنها وكنائسها وأسوارها، وسينتهي ظلم الاحتلال، مؤكدا أننا سنبقى وحدة واحدة في مواجهة الاحتلال ولن تثنينا ممارساته عن تحقيق أهدافنا.
ومن جانبه، استعرض حنا عيسى، تاريخ مدينة القدس منذ كانت قرية قبل 4500 عام، وصولا الى العهدة العمرية التي حققت العدالة الإسلامية المسيحية والتي تطورت على مر العصور، كما تناول التغيرات الجغرافية والديمغرافية والثقافية التي طرأت على المدينة المقدسة، جراء سياسات الاحتلال الهادفة إلى تهويدها.
وأشار عيسى إلى المؤامرات التي حيكت ضد مدينة القدس، وآخرها إعلان ترمب، الذي اعتبرها مدينة يهودية، مضيفا أن صمود المقدسيين في وجه المخططات يحتاج الى دعم ومساندة.
وحيا الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية، الرئيس محمود عباس المؤتمن على الحقوق الوطنية الفلسطينية، وشكر هيئة التوجيه السياسي والوطني التي بادرت إلى عقد هذا اللقاء، وأشاد بقادة وضباط وعناصر الأجهزة الأمنية المدافعين عن شعبنا وأمنه واستقراره، وشكر أصدقاء الشعب الفلسطيني المساندين لحقوقه.
ووصف صيام، اللقاء الذي يجمع أطياف الشعب الفلسطيني بلقاء الوحدة والالتحام لإفشال مخططات استهداف القدس، ومواجهة الاحتلال الذي أغلق أبواب المدينة وحال بين المسلمين والمسيحيين ومقدساتهم فيها.
وقال: علينا مراجعة الواقع في مدينة القدس بصورة يومية، لان إجراءات الاحتلال لا تتوقف، وكان آخرها تجديد قرارات إغلاق مؤسسات فلسطينية في المدينة، وفرض الضرائب على الكنائس بمبلغ 190 مليون دولار، وعلى مقرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بمبلغ 27 مليون دولار، بالإضافة إلى نشر قوات الاحتلال في محيط وأحياء المدينة، لمحاربة الوجود الإسلامي المسيحي فيها، وتحويلها الى مدينة أشباح.
وعبر نائب المحافظ عن خشيته من فرض ضرائب مماثلة على أملاك الوقف الإسلامي في القدس، ضمن خطط ظالمة متتالية لترجمة إعلان ترمب على الارض.
وبدوره، أكد الأب عواد أن القدس تتعرض لعدوان بعد إعلان ترمب، وأن الرئيس محمود عباس يتعرض لهجوم شرس لرفضه كل القرارات التي تستهدف القدس والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وقال إننا نقف خلف الرئيس وقيادتنا الوطنية الصامدة والمدافعة عن حقوقنا.
وأضاف، أن المسجد الأقصى ومساجد القدس وكنائسها تتعرض الى عدوان لتغيير معالمها وتزييف واقعها، وحيا أبناءها المدافعين عن مقدساتهم وحقوقهم الوطنية والسياسية والإنسانية، ووجه رسالة الى العالم أجمع يطالبهم فيها بعدم الصمت على جرائم الاحتلال، والضغط على حكومة الاحتلال لوقف عدوانها الظالم على شعبنا عامة ومدينة القدس بصورة خاصة.
وقال الأب عواد، إن الوحدة التي جسدتها وثيقة عمر بن الخطاب والبطريرك صفرونيوس، لن يستطيع ترمب أن يهدمها، وستبقى كما هي إلى الأبد.