عمليا بدأت على الأرض خطوات اللجنة المكلفة من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ومن ضمنها إجراء اتصالات مع حركة حماس، لترتيب وصول وفد من اللجنة إلى غزة وبحث الملف بشكل موسع، وسط تأكيدات على ضرورة إطالة المدة المقررة لعمل هذه اللجنة، ودعوات من حماس للبحث عن بديل للرئيس محمود عباس.
ولم يعد من الممكن في ظل المعطيات على الأرض وموقف حماس الحالي أن تنجز هذه اللجنة مهامها حسب التكليف في مدة أسبوع، ويفترض أن تنتهي الاثنين المقبل، فهذه اللجنة التي مضى على تشكيلها أربعة أيام لم تعقد أي اجتماعات مع حماس، للتوصل إلى صيغ مقبولة من الطرفين حول حكومة الوحدة المقبلة، التي لا تمانع حماس بدخولها، لكنها مانعت برنامجها الذي يتبنى موقف المنظمة وشروط اللجنة الرباعية الدولية.
وتتجه النية لتمديد عمل اللجنة، شريطة أن يكون ذلك مرتبطا بوجود «مؤشرات إيجابية» على الأرض من جهة حركة حماس نحو تشكيل الحكومة.
وعلمت «القدس العربي» من مصادر داخل اللجنة أن اتصالات تجرى مع حماس، هدفها استقبال وفد من اللجنة برئاسة عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في غزة، للقاء قادة حماس، وبحث تشكيل الحكومة الجديد. وأبرز هذه الاتصالات تلك التي أجراها الأحمد نفسه، مع موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس المسؤول عن ملف المصالحة الموجود حاليا خارج غزة الدكتور موسى. وجرى خلال هذا الاتصال تبادل وجهات النظر. ويجري العمل على أن تكون هذه اللجنة في غزة مطلع الأسبوع المقبل، على أمل إنهاء الخلافات القائمة التي عبرت عنها التصريحات الرسمية والبيانات حول الحكومة المنوي تشكيلها.
وفي اجتماع الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الذي عقد أول من أمس في مدينة رام الله، أبلغت الفصائل موافقتها على المشاركة في هذه الحكومة، باستثناء الجبهة الشعبية ثاني فصائل المنظمة التي اعترضت على المشاركة، لكنها دعمت خطوات الوحدة.
بالنسبة لوفد المنظمة الذي يرأسه الأحمد، فإنه سيبلغ حماس رسميا عدم التنازل عن تبني حكومة الوحدة برنامج منظمة التحرير، بما في ذلك الموافقة على شروط اللجنة الرباعية للسلام، وسيرفض أن تكون هذه الحكومة كما «حكومة التوافق» بلا برنامج سياسي، وستشرح اللجنة لحماس الأسباب التي دفعت الرئيس عباس والمنظمة لتبني هذا الموقف، على المستوى السياسي العام.
وعلى الأرجح ألا تبدأ حماس بنقاش برنامج الحكومة المستقبلي، الذي سبق وأن عارضته لتبنيه برنامج المنظمة، وستركز في بداية اللقاءات مع وفد المنظمة حال وصوله، على المهام الموكلة لهذه الحكومة، خاصة وأن الحركة تشتكي من تهميش الحكومة الحالية «حكومة الوفاق» لمشاكل غزة، وأهمها حل مشكلة الموظفين وإنهاء الحصار والانقسام، في ظل اختلاف طرفي الانقسام حول المعيقات التي وضعت أمام الحكومة.
ولم توافق حماس على الصيغ لمعروضة حول الحكومة، رغم أن جميل شحادة عضو اللجنة التنفيذية قال في وقت سابق لـ «القدس العربي» إن هناك مخارج لمشاركة حماس في الحكومة. لكن المستوى السياسي في الحركة، الذي أعلن عن موافقته الدخول في حكومة وحدة، ما زال يرفض بشدة تبني برنامج المنظمة، لشموله الاعتراف بإسرائيل، وهنا يقول أبو مرزوق إن موقف حماس «لا يعدو ما تم التوقيع عليه سابقا وأهم بنوده أن الحكومة يجب أن تكون حكومة وحدة وطنية بالمهمات ذاتها التي تم التوافق عليها سابقا، وليست حكومة سياسية».
ويرى أن السياسة تم الاتفاق أن يعالجها الإطار القيادي المؤقت الذي يجمع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. ودعا أبو مرزوق لاجتماع كل الفصائل الموقعة على اتفاق القاهرة، للبدء في حوار ومشاورات حول تشكيل الحكومة، وكذلك الملفات العالقة في اتفاق المصالحة لاسيما انعقاد المجلس التشريعي والدعوة لانعقاد الإطار القيادي المؤقت وبقية بنود المصالحة. وختم بالتأكيد على أن حماس «لن تعترف بأي إجراء منفرد»، وأنها ستبقى مع «الإجماع الوطني».
مسألة استمرار رفض حماس لحكومة ببرنامج المنظمة، قد يدفع الرئيس للاكتفاء بالمدة الزمنية التي حددها لعمل اللجنة المشكلة، على أن يقوم بدوره بإجراء تعديل وزاري يشمل عدة وزارات، يتمثل بإدخال وزراء جدد للحكومة وتدوير آخرين وإخراج عدد منهم بناء على رغبة الدكتور رامي الحمد الله، على أن تبقى بمسماها «حكومة توافق» مع إعلانها الالتزام ببرنامج الرئيس ومنظمة التحرير.
ووضعت حماس ثلاثة شروط لقبول تشكيل حكومة وحدة. وأكد النائب محمد فرج الغول رئيس كتلة حماس البرلمانية أن تشكيل الحكومة يجب أن يخضع لتغيير رئيس الوزراء الحالي وعدم تبني برنامج منظمة التحرير الفلسطينية وشروط الرباعية والتطبيق الكامل لاتفاق المصالحة وحل جميع الأزمات التي صنعتها الحكومة الحالية. وجدد الغول رفض حركته لأي إجراءات وقرارات منفردة يقدم عليها الرئيس عباس.
وحمل رئيس كتلة حماس في تصريح صحافي الرئيس المسؤولية الكاملة والنتائج المترتبة عنها، وهو يرى أن شروط حماس مشروعة وضرورية لإنجاح تشكيل أي حكومة وحدة وطنية، وقال «أي حكومة قادمة لا تتبنى هذه الشروط ستكرر الفشل الذي مرت به حكومة رامي الحمد لله، ولن يكتب لها النجاح». واتهم الحكومة الحالية بأنها «حزبية وفاشلة بكل المقاييس، و»عمقت الانقسام الفلسطيني وتعاملت بعنصرية». وقال إنها «ليست حكومة الشعب الفلسطيني كله، وكلفت بست مهام أبرزها إعادة الإعمار ودمج مؤسسات السلطة والتحضير للانتخابات وإنجاح المصالحة المجتمعية، وفشلت فشلاً ذريعا في كل الملفات».
وطالب الغول أي حكومة جديدة أن تعرض نفسها على المجلس التشريعي الفلسطيني بـ «طريقة دستورية» لتكون بذلك «حكومة شرعية وقانونية»، خاصة وأن المجلس هو صاحب الصلاحية الحصرية في إعطاء الثقة لأي حكومة فلسطينية.
وهاجم الرئيس عباس واتهمه بأنه «العقبة الحقيقية أمام تحقيق المصالحة والمحافظة على ثوابت الشعب الفلسطيني». وقال» كلما نصل لاتفاق يصطدم بقرار سياسي من محمود عباس الذي انتهت ولايته أصلا، فهو يعطل كل شيء، وبالتالي هذا الرجل لم يعد صالحاً لإدارة الملف الفلسطيني ولا بد من البحث عن بديل مناسب يحقق مصالح الشعب الفلسطيني بتوافق فلسطيني».