بينما يعرض الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، وكذا الرئيس الحالي، فرانسوا اولند، نفسيهما كـ «صديقي اسرائيل»، تتراكم أدلة على انهما من خلف الكواليس يبيعان اسرائيل بسهولة كبيرة، وبتأثير رائحة سيئة جدا. كتاب سميك بعنوان «فرنسا تحت النفوذ: كيف جعلت قطر دولتنا ملعبا لها؟» كشف في السنة الماضية العلاقات الشخصية جدا بين النظامين الفرنسي والقطري، في عهد الرئيسين، وقضى بانه منذ العام 2007 اصبحت فرنسا عمليا دولة ربيبة لقطر، اشترتها واشترت تفكيرها. الكاتبان، فانيسا رتينييه وبيير بان، يبينان كيف أثرت قطر بشكل واضح على اتخاذ القرارات من قبل ساركوزي واولند معا.
في محاولة لانقاذ اقتصادها الغارق، رهنت فرنسا سياستها الخارجية لدكتاتورية عربية في الخليج الفارسي، هي الدولة العربية الاكثر عداء لاسرائيل، ومن الدول الداعمة للارهاب في سورية والعراق. تستثمر قطر في فرنسا نحو 50 مليار دولار، ويكشف الكتاب، ضمن امور اخرى، كيف مولت ايضا تعويضات الطلاق الشخصي لساركوزي من زوجته سيسليا بمبلغ 3 ملايين يورو، عندما اختار الزواج من كارلا باروني.
هل كانت اسرائيل هي الثمن الذي طالب به القطريون؟ تظاهر ساركوزي بأنه صديق حقيقي لاسرائيل، وها هي تصل، هذا الاسبوع، تسريبات وثائق ويكيليكس، فيتبين أنه في عهده كرئيس هدد البيت الابيض وضغط عليه ألا يؤيد اسرائيل في موضوع الدولة الفلسطينية – هذيان انشغلت فيه قطر منذ سنين، كمشروع. وهذه الازدواجية الاخلاقية الفرنسية مذهلة ومخيبة للامال على حد سواء. ليس هذا ما توقعناه من هذه الدولة.
يعنى ساركوزي الآن بمحاولة الدفع الى الامام بمندوب من قطر لمنصب الأمين العام التالي للامم المتحدة، بعد أن ينهي بان كي مون مهام منصبه. وافادت وسائل الاعلام ايضا بان ساركوزي كان ممن ايدوا تطلع قطر للحصول على استضافة المونديال، الاستضافة التي تراسم حولها علامة استفهام بسبب الاشتباه برشوة على مستوى عالمي. فهل تأييد ساركوزي لقبول فلسطين في اليونسكو في باريس في 2011 كان هو ايضا جزءا من دفعة خفية ما؟ موقف فرنسا في حينه كان جد غريب.
واولند، الرئيس غير الشعبي للغاية منذ عشرات السنين في بلاده، شوهد يزور دول الخليج الفارسي، محوطا بالشيوخ الضاحكين. ويقضي الكتاب بانه هو ايضا يعمل بتأثير من قطر، وفي الشهر الماضي فقط وقع على صفقة بمبلغ 6.3 مليار يورو مع قطر لبيع طائرات فرنسية قتالية. ومرة اخرى، هل اسرائيل هي جزء من الدفعة لقطر؟ هل المبادرة الغريبة من جانب فرنسا الان لمجلس الامن لفرض اقامة دولة فلسطينية هي ايضا دفعة خفية ما لقطر او للسعودية؟ هذه المبادرة تسقط كالنيزك، وهي ليست واضحة لاحد. لماذا الان؟ وماذا يحركها؟ لقد تعرفنا من قبل من وثائق ويكيليكس على أن ما يظهر من جهة قصر الرئاسة في باريس ليس بالضرورة ما يحصل.
وعليه، من الان فصاعدا لا ينبغي تصديق كلمة واحدة تأتي من جهة باريس الى أن يثبت العكس، وهي، التي تدس يدها في اموال البترودولارات ذات الرائحة المشبوهة، الاخيرة التي يسمح لها بالتدخل في شؤوننا.
ولمواطني فرنسا، الفخورين عن حق بدولتهم ذات الرؤيا التاريخية: هل انتم توافقون الى ان تستعبد فرنسا الكبرى بهذا الشكل المعيب لدكتاتورية قزم متطاولة، بالصدفة يوجد لها نفط؟ وهل بهذا الشكل البائس تنتهي الرؤيا العظيمة للجمهورية؟