ضم الضفة بدعم ترامب!!

التقاط.PNG
حجم الخط

 

شهد الكنيست يوم الاثنين الماضي (5 شباط)، مؤتمرا لنواب اليمين الاستيطاني، بحضور واسع من نواب كتلة "الليكود"، وكتلة تحالف المستوطنين "البيت اليهودي"، لدعم مشروع فرض ما يسمى "السيادة الإسرائيلية" على "مناطق المستوطنات"، ما يعني 65 % من مساحة الضفة والقدس. وفي ذات اليوم، تم رسميا ادراج مشروعي قانونين لضم "مناطق المستوطنات"، كخطوة أولى، قبل طلب النواب وضعهما على مسار التشريع. وواقع الكنيست يدل على وجود أغلبية تؤيد الضم، وهي على قناعة بأن البيت الأبيض يؤيد هذه الخطوة.

وعمليا لا جديد في مسألة طرح مشروعي القانونين، بعد شهر من قرار المجلس المركزي لحزب الليكود، للعمل على سريان ما يسمى "السيادة الإسرائيلية"، على كامل مناطق المستوطنات. إذ أنه منذ بدء عمل الولاية البرلمانية الحالية في ربيع العام 2015، وحتى اليوم، تم ادراج 20 مشروع قانون كهذا، إلا أن هذه المشاريع، يتخصص كل واحد منها بتكتل استيطاني واحد في الضفة. كما أن الأغلبية البرلمانية لمشروع كهذا، كانت واضحة منذ ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، قبل قرابة 3 أعوام.

إلا أن الجديد في الأمر، هو أن اليمين الاستيطاني المتطرف، بدءا من زعيمه بنيامين نتنياهو، بات واثقا من وجود دعم له في هذه الخطوة، في أروقة البيت الابيض. وحسب تقارير إسرائيلية ليست رسمية، فإن الرئيس دونالد ترامب، قد يعلن خلال أسابيع، موقفا يعبر عن تأييد إدارته لضم المستوطنات إلى "السيادة الإسرائيلية". وهذا استمرار لقراره بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال. وعلى هذا الأساس، كان واضحا في أجواء المؤتمر المذكور، الذي عقد في الكنيست، أن نواب اليمين يطالبون بالإسراع في تمرير القانون، لانتهاز فرصة وجود ترامب في البيت الأبيض. وقد تكررت في المؤتمر مقولة "فرصة سانحة قد لا تتكرر".

وعمليا، فإن في الكنيست منذ سنوات طويلة، شبه إجماع صهيوني على ضم المستوطنات. ولكن هذا الإجماع ينقسم إلى ثلاثة مواقف: الأول هو اليمين الاستيطاني، الذي يزداد تمدده في الشارع الإسرائيلي، وهو المسيطر على حكومة نتنياهو. وجديده أنه حاضر بقوة في دوائر القرار الأميركي، مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض. وهذا اليمين يطالب بضم فوري للمستوطنات، دون انتظار المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، التي يرفضها أصلا. ولكن في داخل هذا اليمين، قد ينشأ جدل حول مفهوم "مناطق المستوطنات": فهل هي عند خط البناء القائم؟، أم مع "مناطق نفوذها" التي حددتها سلطات الاحتلال؟، وهذا يعني حوالي 65 % من الضفة والقدس.

والموقف الثاني، نجده في حزب "العمل" وحزب "يوجد مستقبل"، وحزب "الحركة" بزعامة تسيبي ليفني، وهؤلاء يرون أن الضم هو خطوة مفروغ منها، ولكن في اطار الحل مع الجانب الفلسطيني، خاصة أن الضم قائم فعلا، ولا حاجة لإسرائيل للدخول في مسار صدامي مع أوروبا، ودول أخرى في العالم.

أما الموقف الثالث، فنجده عند حزب ميرتس اليساري الصهيوني، الذي يطلب إخلاء المستوطنات الصغيرة، الواقعة "خلف" جدار الاحتلال، على أن يكون الضم في اطار اتفاق الحل النهائي، مقابل أن يحصل الفلسطينيون على مساحات موازية لتلك القائمة عليها المستوطنات.

موقف اليمين الاستيطاني، يلقى قلقا جديا لدى أوساط صهيونية ليست قليلة، إذ أن هذا يعني تحويل إسرائيل لدولة ثنائية القومية، لأن اليمين يرفض قيام دولة فلسطينية، بأي شكل من الأشكال، كما أنه لا يطرح حلولا، وفق منظوره، لكيفية التعامل مع ملايين الفلسطينيين في الضفة. وهذا ما يعزز الانطباع بأن الحل الذي يدور في رؤوسهم هو "التحفيز" على الهجرة. ومن خلف كلمة "تحفيز" تقف جرائم اقتلاع، كما يبدو هناك من يخطط لها.

وهذا ليس كلاما للتهويل، بل إن كل الأحزاب الاستيطانية، تتبنى علنا أو سرا، أو ضمنا، هذا الموقف. وقبل بضعة أشهر، جاهر حزب "هئيحود هليئومي" الشريك في تحالف "البيت اليهودي" المتمثل في الحكومة، بتبنيه مشروع قرار "لتحفيز الفلسطينيين" على الهجرة من وطنهم. وقد علمت التجربة في الحُكم الصهيوني، أن الفكرة العنصرية الشرسة، التي تبدأ صغيرة عند طرف ما، سرعان ما تنتشر لتتحول الى موقف سائد. فأصلا الصهيونية قائمة على فكر إجرامي، لاقتلاع شعب بأكمله من وطنه.