توثيق التحقيقات الأمنية بالصوت والصورة

1-Capture
حجم الخط

  29 حزيران 2015

تم في الاسبوع الماضي في لجنة القانون والدستور التابعة للكنيست نقاش اقتراح تمديد أمر الطوارئ الذي يمنح الشرطة الاعفاء من توثيق الصورة والصوت في التحقيقات الأمنية مدة خمس سنوات. وفي نهاية المطاف وافقت اللجنة على التمديد عام ونصف.
قانون التحقيق مع المشتبه فيهم يلزم التوثيق بالصورة والصوت في الحالات التي لها أهمية خاصة من اجل عكس مجريات التحقيق بكل مصداقية. المنطق الكامن وراء التوثيق بالصوت والصورة هو إعطاء المحكمة فرصة لتشكيل الانطباع عن مجريات التحقيق من اجل معرفة اذا كان المشتبه فيه قد اعترف بارادته. ويمكن للمحكمة من خلال التوثيق أن تكون «موجودة في التحقيق». وفي غياب التوثيق فانه يكون على المحكمة الحسم بين روايتين محتملتين. من جهة المتهم الذي يطلب سحب اعترافه، ومن الجهة الاخرى المحققون الذين سيحاولون اخفاء الأدوات غير القانونية التي استخدمت في التحقيق للتهرب من المسؤولية.
توثيق الصورة هو أداة مهمة من اجل ضمان التحقيق المنصف منذ البداية، في معزل عن الاعتراف أو مصداقيته. يشكل التوثيق أداة لردع الجهة التي تحقق في استخدام وسائل تحقيق غير قانونية. قانون التحقيق مع المشتبه فيهم يهدف الى تحقيق هدف مزدوج: الدفاع عن حقوق المشبوهين وتمكين المحكمة من الوصول الى الحقيقة. البحث عن الحقيقة يضمن عدم ادانة شخص استناداً الى اعتراف كاذب تم أخذه منه عنوة. كما أنه يضمن عدم قبول ادعاء كاذب حول الضغط في التحقيق، في حين أنه لم يكن كذلك.
هناك طاقة كامنة في استخدام الأدوات غير القانونية في التحقيق، ولا سيما عند الحديث عن التحقيق الأمني، بسبب أهمية المعلومة وادانة المتهمين، الضغط الواقع على الجهة المحققة، وغياب الأدلة الخارجية. اغلبية هذه التحقيقات تنتهي بالاعتراف، والمحاكم تركز الكثير من الجهد على الظروف التي تم أخذ الاعتراف فيها.
اضافة الى ذلك، منع التوثيق في التحقيق ينضم الى قوانين اخرى تسري على المعتقلين الامنيين، حيث تزيد مدة قطعهم عن العالم الخارجي ويتم منعهم من الدفاع عن أنفسهم. هذا الانقطاع وغياب التوثيق يحد من قدرة المحكمة على مراقبة التحقيق بشكل فعال، ما يزيد من خطورة استخدام أدوات تحقيق غير قانونية. التوثيق من خلال الصورة مهم ايضا كدليل حينما يدعي أحد المشبوهين أن التحقيق لم يكن قانونيا.
الاهمية التي يوليها المشرع للتوثيق الصوري للتحقيقات لا تشمل المشبوهين بالمخالفات الامنية، رغم الاهمية الخاصة للتوثيق الشكلي في هذا النوع من التحقيقات.
يجب التشديد هنا على أن الاقتراح يتطرق فقط للتحقيقات التي تنفذها الشرطة، وليس تحقيقات «الشاباك» الذي هو معفي دائما من واجب التوثيق الشكلي لأن تحقيقاته «للاحباط»، بطبيعتها. الادانة الجنائية تعتمد أساسا على الاعتراف الذي تحصل عليه الشرطة، ومن هنا تنبع أهمية التوثيق للاعتراف.
لم يشمل شرح القانون الاعتبارات المقنعة لمنع توثيق التحقيق الامني. والاعتبارات التي طرحت هي: الحفاظ على سرية المصادر، الخوف من كشف طرق عمل الشرطة، والخوف من أن التوثيق قد يساعد المنظمات الارهابية في الاستعداد للتحقيق، والخوف من أن التوثيق الشكلي سيمنع المشتبه فيهم من التعاون.
الادعاء بأن التوثيق الشكلي قد يساعد المنظمات الارهابية غير مقنع. آلاف المشتبه فيهم كانوا في تحقيق كهذا، والمنظمات الارهابية تعرف الاساليب المتبعة أصلا. الادعاء الذي يقول إن التوثيق الشكلي قد يمنع المشتبه فيه من التعاون، ضعيف. لأن التحقيق مع المشتبه فيهم بالارهاب من قبل الشرطة يتم توثيقه كتابيا في كل مرة، وتقديم ذلك للمحكمة.
في الحالات التي يوجد فيها تخوف من استخدام التوثيق بشكل سيئ، يمكن تقليص هذا التخوف عن طريق فحص أمني للتوثيق قبل ارساله الى المتهم أو محاميه. في حالات معينة يمكن تبني طريقة اطلاع المحكمة فقط على التوثيق واجراء النقاش في غرف مغلقة وعدم اعطاء المتهم نسخة من التوثيق، كما يجري اليوم في التحقيقات مع الأولاد.
اقتراح القانون هذا يخلق الانطباع بأنه لن يتم تجاوز أخطاء أساسية، فالمشتبه فيهم بمخالفات أمنية أيضا لهم حقوق أساسية. والاقتراح هو دعوة للكنيست من اجل استخدام صلاحيتها دون أن يكون لذلك مبرر حقيقي. وهذا يلحق الضرر بصورة اسرائيل كدولة قانون. وبالتالي من الأجدر أن تقوم اللجنة برفض اقتراح القانون هذا.

عن «هآرتس»