أرسلت تركيا المئات من قواتها الخاصة من الشرطة والدرك إلى شمالي سوريا، في علامة على "مرحلة جديدة" من عمليتها الكبيرة ضد المسلحين الأكراد، في الوقت الذي يلوح فيه القتال الحضري.
ويهدف النشر العسكري التركي الأخير إلى إقامة منطقة آمنة على طول حدودها مع سوريا.
وبدأت القوات التركية مدعومة بفصائل سورية معارضة حليفة عملية جوية-برية أطلق عليها اسم "غصن الزيتون" في منطقة عفرين بسوريا يوم 20 يناير، لطرد وحدات حماية الشعب التي تعتبرها أنقرة الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة كجماعة إرهابية.
وقال نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة، بكر بوزداغ، في مقابلة تليفزيونية إن نشر "القوات الخاصة يدخل في سياق التحضير لنضال جديد قادم".
وأضاف أن"القتال سينتقل إلى المناطق التي يوجد فيها مدنيون بينما تضيق منطقة القتال"، مشيرا إلى أن وحدات القوات الخاصة تمتلك خبرة مواجهة المسلحين في المناطق السكنية.
وستشارك قوات الدرك والشرطة الخاصة في القتال الحضري وإحكام القبضة على القرى التي استولت القوات التركية عليها بالفعل، في تحد للتحذيرات الدولية.
وتبقى معظم البلدات الكبيرة في منطقة عفرين بما في ذلك عفرين نفسها تحت سيطرة وحدات حماية لشعب ومن الممكن أن يؤدي تقدم القوات التركية إلى بعض الاشتباكات الحضرية، وفقا لمراقبين.
وذكر المعلق السياسي والكاتب الصحفي بصحيفة "حورييت" اليومية دينيز زيريك أن "مرحلة جديدة من القتال تلوح في الأفق لأنه بعد الاستيلاء على القرى الصغيرة، هناك مستوطنات مزدحمة في طريق الجنود الآن".
وأكدت وسائل الإعلام الرسمية التركية أيضا أن الجيش التركي سيطر على الحافة الخارجية لمنطقة عفرين مما خلق بالتالي منطقة حدودية أمنة على شكل"هلال" بحكم الأمر الواقع في الجانب السوري من الحدود.
وفي الوقت الذي تتقدم فيه القوات التركية في عملية توغل مفتوحة، قالت أنقرة إن مطالبة مجلس الأمن وقف القتال لمدة 30 يوما في جميع أنحاء سوريا لا ينطبق على عمليتها في عفرين.
وأفاد بوزداغ بأن"بعض المناطق مثل الغوطة الشرقية تدخل ضمن قرار الأمم المتحدة وقف إطلاق النار في سوريا، لكن عفرين ليست من بينها".
ولا ينطبق وقف إطلاق النار على العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة والجماعات المرتبطة بهما، أو الجماعات المصنفة كمنظمات إرهابية من جانب مجلس الأمن.
بيد أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مكالمة تليفونية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، يوم الاثنين، أكد أن قرار مجلس الأمن ينطبق على العملية التركية في عفرين.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا منذ 3 عقود في جنوب شرق تركيا. ويصنف الحزب كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، غير أن وحدات حماية الشعب تعتبر حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم الدولة في شمال شرقي سوريا.
وأدى دعم واشنطن العسكري لوحدات حماية الشعب إلى توتر العلاقات بشكل حاد بين تركيا والولايات المتحدة.
وقرر الجانبان خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الأخيرة إلى أنقرة تطبيع العلاقات وإقامة آليات لنزع فتيل التوتر.
غير أن بعض الخبراء يقولون إن تركيا قد تستسلم للضغط الدولي في نهاية المطاف وتمتنع عن دخول مدينة عفرين.
وقال كريم هاس، الأكاديمي التركي والمحاضر بأكاديمية ستيت في موسكو، إن روسيا والولايات المتحدة لا ترغبان في تحول العملية التركية إلى حرب حضرية.
وأضاف هاس أن روسيا، الحليف الرئيسي والداعم العسكري للنظام السوري، ستتسامح لبعض الوقت فقط مع وجود الجيش التركي بالقرب من مدينة عفرين.
وتابع أن "روسيا ستدفع بعد ذلك أنقرة ودمشق باتجاه الحوار والاتفاق"، مشيرا إلى أن موسكو أعطت الضوء الأخضر للعملية التركية فقط من أجل إقامة أول تقارب بين أنقرة ودمشق، وبعد ذلك المصالحة، في ضوء سياسة موسكو الرامية إلى منع سقوط أنقرة في صف واشنطن في الأزمة السورية.
وقطع الأتراك جميع علاقاتهم الودية بالنظام السوري في بداية الحرب الأهلية في سوريا وأصروا على الإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
بيد أن العملية التركية قد أثارت التوترات بين أنقرة ودمشق. وأدانت الحكومة السورية العملية بأنها انتهاك لسيادة الدولة وأرسلت قوات شعبية إلى عفرين لتعزيز قوة الأكراد في مقاومتهم ضد القوات التركية.
وقد اعترضت أنقرة على تقارير قالت إن القوات الموالية للحكومة مُنعت من دخول المنطقة.
وألمح أردوغان بأن العملية التركية ستستمر لأشهر على الرغم من أنه كان من المفترض أن تستمر بضعة أسابيع، مكررًا أن حصار مركز مدينة عفرين بات وشيكاً أمام حشد من أنصاره، مشيدا بتقدم القوات التركية.
وقال أردوغان في تجمع لأنصاره في مدينة كهرمان مراش جنوب شرقي البلاد: "إننا على وشك انبعاث جديد".
ولمساعدة القوات التركية، تم نشر قوة كردية قوامها 600 فرد دربها الجيش التركي، تعرف باسم صقور الأكراد، في منطقة عفرين تحت قيادة المتمردين السوريين المدعومين من تركيا.
وبالإضافة إلى مشاركتها العسكرية الثمينة، ستقوم الوحدة الكردية بتوفير المساعدة اللغوية أيضا في الهجوم الحضري المرتقب، وفقا لمتخصصين في الحرب.