توقع محلل الشؤون الحزبية في الكيان الإسرائيلي، أن يكون وزير الجيش أفيغدور ليبرمان هو المسؤول عن تفكيك الائتلاف الحكومة الحالي برئاسة بنيامين نتنياهو وذلك على خلفية موضوع تجنيد المتشددين "الحريديم"، ومعارضته قانون منع فتح الحوانيت أيام السبت.
وقال المحلل يوسي فيرتير في مقال له "بحسب ترجمة العربي الجديد"، إن هذه المواقف تخدم مصالح ليبرمان أمام جمهور منتخبيه من الروس العلمانيين في الكيان الإسرائيلي.
وحملت الأزمة الجديدة في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي التي فجرتها أحزاب "الحريديم" على خلفية قانون تجنيد "الحريديم"، بوادر بدء تشكل قناعة عند الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي باقتراب موعد الانتخابات النيابية في "إسرائيل" وتبكيرها من دون أية علاقة لذلك بالتحقيقات الدائرة ضد نتنياهو بشبهات الفساد.
وفجّر حزب "يهدوت هتوراة" بقيادة موشيه غافني ويعقوب ليستمان الأسبوع الماضي أزمة ائتلافية مع حزب حزب "الليكود" برئاسة نتنياهو مطالبين بالتصويت مسبقًا وقبل 15 مارس الحالي على قانون أساسي يمنح "متعلمي التوراة" في المعاهد الدينية اليهودية مكانة رسمية تماثل مكانة الخادمين في الجيش الإسرائيلي.
ويأتي هذا في محاولة لاستباق أي تشريع قانوني يفرض الخدمة العسكرية على "الحريديم"، ويضع مقاييس تقلّص عدد من يسمح بإعفائهم من الخدمة العسكرية، مقابل محاولات حزب "إسرائيل بيتنا" بقيادة ليبرمان تمرير قانون التجنيد الذي لا يعفي "الحريديم" من الخدمة العسكرية الأمر الذي يعارضه "الحريديم" بشدة.
وتضع الضغوط الكبيرة التي يمارسها حاخامات "الحريديم" الاشكناز الذين يخضع نواب "يهدوت هتوراة" لسلطتهم المطلقة كلا من غافني وليستمان في موقف حرج وتلزمهم بالخضوع لقرارات الحاخامات الرئيسيين، وأيضًا لروح الشارع الحريدي المناهض للتجنيد في الجيش.
وهذا فاقم من حدة الأزمة حتى بعد لقاء ممثلي "يهدوت هتوراة" قبل يومين بنتنياهو لمحاولة التوصل إلى حلٍّ.
لكن أبرز ما لفت إليه فيرتير في هذا السياق، هو أنّ "الحريديم" يرفضون تأجيل التصويت على قانون التجنيد، ويشترطون إجراءه قبل المصادقة على الميزانية المقترحة للعامين المقبلين، وعدم تأجيله لدورة الربيع بعد الفصح اليهودي، لأنهم يخشون من تقديم موعد الانتخابات بسبب التحقيقات الجارية مع نتنياهو.
ويزيد هذا الموقف من ورطة وزير المالية موشيه كاحلون زعيم حزب "كولانو" الذي يرفض بدوره تأجيل التصويت على الميزانية للسبب نفسه، خوفًا من حلّ الكنيست والذهاب لانتخابات مبكرة.
ورأى فيرتير أنه بالرغم من أن "كافة الشركاء في حكومة نتنياهو الحالية غير معنيين بتقديم موعد الانتخابات، إلا أنّ الضغوط الحزبية الداخلية وحسابات خاطئة، من شأنها أن تدفع لانتخابات مبكرة، وهي انتخابات سيكون نتنياهو الرابح الأكبر منها".
ومع أن نتنياهو يبدي معارضة لمواقف ليبرمان إلا أنّه قد يساهم في تصعيد الأزمة الائتلافية للوصول لحالة لا يمكن معها للحكومة الحالية أن تواصل عملها، فتتفكك تحت ستار ابتزاز "الحريديم" للحكومة، الأمر الذي سيمنح نتنياهو نقاطاً إضافيةً، أهمها عدم اتهامه بالمبادرة لتبكير موعد الانتخابات لإنقاذ نفسه من التحقيقات الجارية ضده.
وكان محللون إسرائيليون طرحوا في تعليقهم على ملفات التحقيق الجارية ضد نتنياهو، سيناريوهات لم تستبعد أن يبادر نتنياهو إلى تقديم استقالة الحكومة والذهاب لانتخابات مبكرة، لاستباق قرار من المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت بقبول توصيات الشرطة لتقديم نتنياهو للمحاكمة في ملفات فساد مختلفة حتى قبل ظهور ملف 4000.
وخضع نتنياهو وزوجته أمس وعلى مدار 5 ساعات متواصلة للتحقيق لدى الشرطة بشبهة تلقي رشاوى من صاحب موقع "والا" شاؤل إيلانوفيتش على هيئة أخبار مؤيّدة ومناصرة لنتنياهو، مقابل منح امتيازات مالية كبيرة لشركة "بيزك" للاتصالات التي يملكها إيلانوفيتش.
وفي هذا السياق، تبدو الأزمة الائتلافية الجديدة على خلفية ملف تجنيد "الحريديم"، فرصة ممتازة لكل الأطراف بدءًا من نتنياهو الذي يمكنه الخروج منتصراً من الانتخابات حتى قبل أن تنتهي التحقيقات في الملف 4000، وقبل أن يصدر المستشار القضائي للحكومة قراره بشأن توصيات الشرطة في ملفات الفساد الأخرى.
كما أنّ انتخابات على هذه الخلفية، تعزّز مكانة أحزاب "الحريديم" بصفتها المحافظة على مصالح "الحريديم" وتعاليم التوراة ومستعدة للمجازفة بموقعها في الحكومة. وينطبق الأمر نفسه على ليبرمان وحتى على حزب المعارضة "ييش عتيد" بزعامة يئير لبيد.
ولعلّ ما يعزّز هذا الاحتمال هو ما قاله وزير السياحة يريف لفين المقرّب من نتنياهو والعضو في الطاقم المشترك لحلّ هذه الأزمة مع أحزاب "الحريديم".
وقال لفين في الشقّ الأول الذي يسعى لتبرئة نتنياهو من الاتجاه لانتخابات مبكرة وإلقاء المسؤولية على الأحزاب الأخرى، إن "نتنياهو لا يريد انتخابات في الوقت الحالي، ولو كانت هذه رغبته لكنا في أوج المعركة الانتخابية الآن".
لكن لفين أضاف قائلاً: "من جهة ثانية، لا تمكن مواصلة الوضع الحالي مع تهديدات من كل طرف". والأمر، بحسب ليفين، "لا يتعلّق فقط بقانون تجنيد الحريديم، وإنّما أيضاً بقانون القومية ومشروع موازنة الدولة. كل أسبوع نحصل على رسالة من حزب يسرائيل بيتينو (حزب ليبرمان) بأنهم لا يوافقون على هذا القانون أو ذاك".
ويعيد كلام لفين هذا إلى الأذهان، التصريحات التي أكثر نتنياهو ووزراء الليكود من ترديدها بين عامي 2014-2015 قبل تفكيك الحكومة السابقة والذهاب لانتخابات جديدة، بحجة عدم قدرة الحكومة على العمل في ظلّ تهديدات أحزاب الائتلاف وعرقلتها لعمله، والتي انتهت في نهاية المطاف بفصل حزب "يئير لبيد" من الحكومة والذهاب لانتخابات مبكرة، ليتضح بحسب اعتراف نتنياهو هذا العام، أنه سعى لتفكيك الحكومة والذهاب لانتخابات عامة، لمنع تشريع قانون "يسرائيل هيوم" الذي هدف إلى منع مواصلة إصدار الصحيفة الأكثر رواجاً في إسرائيل مجاناً، خصوصاً أنها تمنح دعماً كاملاً لنتنياهو، وهو ما اعتبرته المعارضة بمثابة "رشوة مفتوحة" وهدية مجانية.
وما يعزز الاعتقاد بوجود بوادر للاستعداد لانتخابات مبكرة، هو تأكيد لفين لصحيفة "هآرتس" أنه رغم عدم وجود رغبة بالذهاب لانتخابات مبكرة، إلا أنّ "ما يقوله كل طرف (حزب) لنفسه، هو أنه في حال جرت انتخابات قريباً، فمن الأفضل الوصول إليها ونحن على أهبة الاستعداد".