30 حزيران 2015 قام متحدثون أميركيون بتصفية «داعش» أكثر من مرة، خلال العام الماضي، لكن على الارض ما زال التنظيم حيا ويتنفس. ويبدو أن وضعه لم يكن أفضل مما هو الآن، ليس فقط في سورية والعراق. في نهاية الاسبوع ارسل التنظيم التهنئات بشهر رمضان، مُذكرا بوجوده، في كل زاوية في أنحاء الكرة الارضية، بدءاً من تونس مرورا بفرنسا وانتهاءً بالكويت. حتى في القدس تم توزيع منشورات تحمل توقيعه وتطلب من المسيحيين ترك المدينة وعدم تنجيسها مع قدوم شهر رمضان.
يبدو أن واشنطن فهمت منذ زمن أن الاستراتيجية الأميركية لمحاربة «داعش» قد فشلت، وأن القصف الجوي لن يؤدي الى الحاق الضرر الحقيقي به. وقد بادر الأميركيون الى استراتيجية جديدة في أساسها تجنيد حلفاء محليين مثل الاكراد في شمال العراق وشرق سورية، ومليشيات شيعية في جنوب العراق، حيث يوجد لهؤلاء مصلحة وجودية لمحاربة «داعش» من اجل الدفاع عن البيت، وبمساعدة الأميركيين يتبين أنهم محاربون مصممون وفعالون في الدفاع عن بيوتهم. ومن الجدير أن يقوم الأميركيون بتوسيع هذه الاستراتيجية لتشمل جبل الدروز في جنوب سورية.
تستطيع هذه القوى الطائفية الدفاع عن البيت في وجه «داعش»، لكنها لا تريد ولا تستطيع احتلال المناطق التي يسيطر عليها في سورية والعراق، والتي تعتبر اغلبية مواطنيها سنيين. هذا الهدف يتطلب قوة دول، وليس هناك دول كهذه على ضوء انهيار وتفكك العراق وسورية.
حاول الأميركيون ايجاد ائتلاف سني يحارب «داعش»، لكن هذا الائتلاف كان وهميا وأثبت في كل مرة أنه غير ناجع. السعودية منشغلة في الحرب في اليمين، أما أنقرة فهي غير معنية بمحاربة «داعش» بالفعل، وفي النهاية فان معظم المتطوعين يصلون الى التنظيم عن طريق تركيا. أما المتمردون السنيون في سورية فيعتبرون بشار الاسد العدو الرئيس لهم. وبشكل عام، اذا سقط بشار الاسد فمن الصعب رؤية المتمردين ينجحون في كبح «داعش». وفي كل مكان يخرج فيه «داعش» لمحاربة هؤلاء المتمردين، تكون الغلبة له.
من هنا يمكن فهم الاهمية التي توليها الولايات المتحدة لتجنيد حلفاء جدد لمحاربة «داعش» – ايران، وبشكل غير مباشر نظام الاسد و»حزب الله». فحسب المنطق يستطيع الشيعة في لبنان والعلويون في سورية، مثل الاكراد، محاربة «داعش»، أما ايران فهي تمنح القوة السياسية الغائبة في مواجهة التنظيم في الوقت الحالي.
إن تحالف كهذا قائم في العراق بالفعل – حتى وإن كان غير علني وغير مباشر، حيث تدعم كل من واشنطن وطهران المليشيات الشيعية نفسها التي تحارب «داعش». يمكن أن تكون سورية هي المكان التالي. ليس غريبا أن هناك من يطرح هذه الفكرة – بغض النظر عن غرابتها والخيال فيها – لأنه اذا سقط بشار الاسد ووصل «داعش» الى مشارف لبنان وهضبة الجولان، فسينشأ تفاهم اسرائيلي ايراني مثلما كان في ايام الشاه، أي النضال المشترك أو على الأقل التنسيق بين الدولتين على ضوء التهديد الذي سقط عليهما.
هذه فكرة لامعة لكنها تبدو الآن بعيدة عن الواقع. لكن هذا الامر واضح في واشنطن، نظريا في هذه المرحلة، واستعداد واشنطن بسبب تهديد «داعش» لها لأن تعطي الشرق الأوسط لايران، والاتفاق النووي ما هو إلا خطوة اولى، حيث إن السلاح والمستشارين الايرانيين يتدفقون الى العراق وسورية، ويمكن أن تكون المرحلة القادمة ارسال قوات ايرانية، حتى ولو كانت من المتطوعين. في مقابل هذا الاحتمال، حتى اذا باركته واشنطن، فان على اسرائيل الوقوف على قدميها الخلفيتين. محظور علينا الصمت، بسبب ضرورة تورط ايران في المستنقع السوري، وأن نتجاهل ضرورة منع تواجد قوات عسكرية ايرانية على الحدود الاسرائيلية، دون أن يتم التنسيق مع إسرائيل.
الادارة الأميركية تريد انهاء الولاية الحالية في تشرين الثاني 2016 بسلام. والمشكلة هي أننا سنبقى في الشرق الاوسط حتى بعد هذا التاريخ.
عن «إسرائيل اليوم»