طالبت الولايات المتحدة اليوم الاثنين مجلس الأمن الدولي بالدعوة إلى وقف إطلاق النار في دمشق ومنطقة الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة.
وقالت المندوبة الأميركية إلى الأمم المتحدة نيكي هايلي إن واشنطن على استعداد "للتحرك عند الحاجة" حال فشل مجلس الأمن في فرض هدنة في سورية.
ووزعت واشنطن مسودة قرار على أعضاء مجلس الأمن تطالب بوقف فوري للقتال لمدة 30 يوما كما تطلب من الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش "الإسراع بإعداد مقترحات لمراقبة تنفيذ وقف القتال وأي تحرك للمدنيين".
وقالت هايلي في جلسة لمجلس الأمن إن وقف إطلاق النار الذي اعتمده المجلس قبل أسبوعين "فشل" مع تصعيد الحكومة السورية بدعم من روسيا هجومها على الغوطة، مضيفة "لقد قمنا بصياغة مشروع قرار جديد لا يسمح بأي التفاف" عليه.
ووزعت الولايات المتحدة مسودة قرار على أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر، تطالب بوقف فوري للقتال لمدة 30 يوما، كما تطلب من الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريس "الإسراع بإعداد مقترحات لمراقبة تنفيذ وقف القتال وأي تحرك للمدنيين".
ولم يتضح بعد الموعد الذي ستطرح فيه المسودة التي اطلعت عليها وكالة "رويترز"، للتصويت.
وبالتزامن مع ذلك شنت المندوبة الأميركية بمجلس الأمن هجوما على روسيا، مبرزة أنها "لم تلتزم بقرار وقف إطلاق النار"، ووصفت الوضع في الغوطة بـ"المروع".
وهددت هيلي بـ"التحرك" ضد النظام السوري، وقالت: "مستعدون للتحرك في حال استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي مجددا"، معترفة بأن "مجلس الأمن فشل في الاضطلاع بدوره، وإذا لم يتحرك سنتولى الأمر بأنفسنا"، مثلما فعلت واشنطن العام الماضي عندما أطلقت صواريخ على قاعدة الشعيرات الجوية بريف حمص بسبب الهجوم على خان شيخون بالأسلحة الكيميائية، والذي أسفر عن سقوط قتلى.
وقالت هيلي أمام مجلس الأمن: "هذا ليس المسار الذي نفضله، لكنه مسار أوضحنا أننا سنمضي فيه، ونحن مستعدون للمضي فيه مرة أخرى".
وذكرت السفيرة الأميركية أن "روسيا والنظام السوري يصبغان أي جماعة معارضة بتهمة الإرهاب حتى يتمكنا من استهداف المدنيين".
من جهته، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة عن إحباطه وشعوره بـ"خيبة أمل" بسبب استمرار معاناة الشعب السوري، موضحًا أن القصف تكثف على الغوطة الشرقية بعد قرار مجلس الأمن 2401.
وشدد غوتيريس خلال إفادته أمام مجلس الأمن بشأن تنفيذ قرار الهدنة وإيصال المساعدات الإنسانية، على أنه "يجب أن يكون هدفنا جميعاً إنهاء معاناة الشعب السوري"، مشيراً إلى أن "المدنيين يعيشون جحيماً".
واتهم الأمين العام للأمم المتحدة النظام السوري بـ"رفض السماح بإدخال مساعدات طبية للمرضى في الغوطة الشرقية"، مؤكدا أن "الحصار مستمر على الغوطة ووصول المساعدات الإنسانية متعثر"، ووصف بدوره الوضع الإنساني هناك بـ"المزري".
وذكر المسؤول الأممي أن "الهدنة" التي أعلنتها روسيا لمدة 5 ساعات في الغوطة الشرقية "لم تكن كافية".
وقال المندوب الكويتي لدى الأمم المتحدة، منصور العتيبي: "إننا ما زلنا نشهد غيابا تاما لتنفيذ قرار المجلس بشأن الهدنة، والأمم المتحدة تعجز عن إيصال المساعدات بسبب استمرار القصف"، مطالبا النظام في سورية بـ"السماح للمنظمات المعنية بإجلاء المرضى والجرحى من الغوطة".
وطالب مندوب بريطانيا في مجلس الأمن، ماثيو ريكروفت، بـ"وقف فوري لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية للغوطة"، مبرزا أن "روسيا توفر الحماية لحلفائها"، وأن "النظام السوري وروسيا واصلا غاراتهما على الغوطة الشرقية رغم الهدنة".
واتهم المندوب البريطاني لدى مجلس الأمن روسيا بـ"إهدار الوقت من أجل نظام الأسد"، الذي قال إنه "أصيب بالجنون وستتم محاسبته على جرائمه".
وشدد المندوب الفرنسي فرانسوا ديلاتير على أن باريس ستكون "حاسمة" إزاء استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية مجددا، مضيفا أن "الأسوأ هو أن يجتاح النظام الغوطة الشرقية، ويجب العمل على منع ذلك".
ويأتي كلام السفير ديلاتير بعد وقت قليل من تأكيد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم، أن بلاده مستعدة لتوجيه ضربات موجهة ضد أي موقع في سورية يستخدم لشن هجمات كيميائية تفضي إلى مقتل مدنيين.
وقال الرئيس الفرنسي، في مؤتمر صحافي في الهند: "في اليوم الذي نحصل فيه، خاصة بالتنسيق مع شركائنا الأميركيين، على أدلة قاطعة على تجاوز الخط الأحمر - أي استخدام الأسلحة الكيميائية للقتل - فسوف نقوم بما قام به الأميركيون أنفسهم قبل بضعة أشهر، سنعد أنفسنا لشن ضربات موجهة".
وخلال جلسة مجلس الأمن ذاتها، زعم المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا أن النظام السوري طالب بـ"وقف فوري للهجمات على العاصمة"، وأن "ما يحدث في الغوطة لا يتناقض مع القرار الأممي لوقف إطلاق النار".
وذكر نيبينزيا أنه يجري التفاوض مع "جيش الإسلام" للخروج من الغوطة، مدعيا أن النظام السوري "له كل الحق في السعي للقضاء على الخطر الذي يهدد مواطنيه"، ووصف ضواحي دمشق بأنها "مرتع للإرهاب".
وتأتي الجلسة في وقت تدخل فيه الحملة العسكرية للنظام وروسيا على الغوطة الشرقية بريف دمشق أسبوعها الرابع، وقد أوقعت أكثر من ألف قتيل وآلاف الجرحى، ومكنت النظام من تحقيق تقدّم على الأرض، وشطر المنطقة المحاصرة إلى قسمين شمالي وجنوبي.