01 تموز 2015
لو سُئلت قبل أسبوعين حول الاتفاق مع إيران، لأجبت ببساطة: نعم. الأميركيون يريدون، يريدون جدا، الاتفاق – هم يحتاجونه أكثر من الايرانيين، والايرانيون بحاجة ماسة إليه. الولايات المتحدة بعيدة عن الصيغة التي حددها وزير الخارجية: «عدم الاتفاق أفضل من اتفاق سيئ». وموقفهم اليوم هو «تحقيق شيء عن طريق الاتفاق أفضل من عدم الاتفاق». لذلك هم مستعدون للتنازل في كل ما يتعلق بما يطلبه الايرانيون الذين فهموا ذلك من جانبهم ولا يخافون من رفع الثمن، أي عدم التنازل، بل التراجع عن التفاهمات التي يعتقد الأميركيون أنهم حققوها في الماضي.
لكن الولايات المتحدة دولة ديمقراطية، والكونغرس فرض نفسه على العملية، حيث سيفحص الاتفاق، حتى وإن كان لن يصادق عليه. في النقاش على صعيد الرأي العام يستطيع المهنيون طرح رأيهم واحدى المساهمات المهمة في هذا النقاش هي رسالة من «معهد واشنطن»، حيث وقع عليها خبراء من الحزبين، ومن ضمنهم اكاديميون ومطلعون على المفاوضات، أو أنهم كانوا على صلة بالموضوع، لذلك فهم يفهمون في مجال السلاح النووي الايراني والتجربة الأميركية المتراكمة في أعقاب فشل منع التسلح النووي لكوريا الشمالية. وقد حددوا عدداً من المطالب التي اذا لم يحققها الاتفاق فلا يمكن اعتباره جيدا حتى حسب معايير البيت الابيض، لأن الحديث منذ البداية يدور حول مستوى متدن من المطالب.
ويوضحون في السياق أنه يجب الزام الإيرانيين بفحص المواقع العسكرية، وأن العقوبات سترفع بالتدريج حسب تنفيذ ايران للاتفاق، «والحكام» سيكونون من منظمة الرقابة النووية في فيينا، والامم المتحدة لن يكون لها أي دور في عملية اعادة العقوبات اذا لزم الامر. الايرانيون من جانبهم يحاولون الحصول على المزيد من الامتيازات في الاتفاق، وقد أعلنوا أنهم لن يسمحوا بالرقابة على المواقع العسكرية. ويطلبون ايضا رفع الجزء الاكبر من العقوبات بشكل تلقائي.
هل سيصمم الايرانيون على مواقفهم؟ لا أعرف. يمكن أنهم وضعوا الشروط كي يكون لديهم ما يتنازلون عنه، لأن انجازاتهم تتجاوز حتى الآن ما حلموا به، والآن «يتنازلون» عن المطالب الاضافية ويسمحون للادارة الأميركية أن تقدم انتصارا في الكونغرس. في المقابل اذا صمم الايرانيون فانهم سيرتكبون الخطأ الكلاسيكي الذي ترتكبه عادة الدكتاتورية أمام الديمقراطية. تسعى الديمقراطية بجهد من اجل السلام والاستقرار وتتردد في الخروج للحرب التي هي آخر الخيارات. أما الطرف الدكتاتوري فهو لا يتنازل ويقود المفاوضات الى الزاوية – احيانا يكون الرد هجوميا بطريقة تفاجئ الطرف الآخر.
لا أعرف ما هو الخط الاحمر للولايات المتحدة. هناك من يقول إنه لا يوجد خط كهذا، وفي نهاية المطاف سيتنازل الأميركيون لأنهم فقدوا عمودهم الفقري. آمل أنهم مخطئون. وآمل أنه عندما يتضح للأميركيين أن الاتفاق لا يُلبي الحد الأدنى الذي وضعته رسالة «معهد واشنطن» بأن يستيقظ الأميركيون. حينها سيكون أمامهم سؤال ما العمل – الجواب لن يكون سهلا. اذا أرادوا مواصلة العقوبات، فسيكون من الواجب عليهم اقناع الاوروبيين والصينيين والروس، وهؤلاء لن يقتنعوا بسهولة. إذا أرادوا استخدام القوة العسكرية – لديهم القدرة على ذلك – فسيكون هذا عكس غريزة ومبادئ الادارة. ويخشى الأميركيون من هذا الخيار الصعب.
لهذا، أعتقد أن الأميركيين سيفعلون أي شيء من أجل التوصل الى الاتفاق، و»سينجح» الإيرانيون في إفشاله إذا صمموا على مطالبهم وتسببوا بعدم قدرة مؤيدي الاتفاق على تبرير هذا الاتفاق والدفاع عنه عند التوقيع عليه. صحيح أن الايرانيين يصعب عليهم فعل ذلك، لكن يمكن أن يغريهم الضعف الأميركي ويدفعهم الى ارتكاب خطأ كهذا، لذلك لا أعرف ماذا سيحدث، ولكن إذا أردت الرهان لراهنت على أن الولايات المتحدة ستجد «الطرق المناسبة» للخضوع لمطالب ايران، وسيكون هناك اتفاق.
عن «إسرائيل اليوم»