الاعتقال الإداري، التغذية القسرية، حصار غزة.. كلهّا إرهاب

السجون الاسرائيلية
حجم الخط

02 تموز 2015


«الارهاب انتصر، وسيتم اطلاق سراح خضر عدنان من السجن»، قالت العناوين في المواقع في الشبكة، وتحدثت عن الاتفاق التي تم بين المعتقل الاداري الذي اضرب عن الطعام مدة 55 يوما وبين «الشاباك». غير صحيح. فالإرهاب خسر. الارهاب القضائي الذي يمنح قائدا عسكريا صلاحية اعتقال شخص اداريا، دون اثباتات ودون محاكمة ودون تحديد زمن. إنه اجراء يثير الرعب حيث لا يوجد مواطن فلسطيني أو اسرائيلي مُحصن منه.
عدنان نشيط في»الجهاد الاسلامي» من عرابة قرب جنين. «انتصر» مرة واحدة على الارهاب القضائي عندما اضرب عن الطعام قبل ثلاث سنوات مدة 66 يوماً. في حينه عمل الجوع على لي ذراع غياب العدل. صحيح أن الاعتقال الاداري غير ممنوع حسب المواثيق الدولية، إلا أن هذه المواثيق تسمح باستخدامه في الحالات الاكثر استثنائية. في اسرائيل الحالات الاستثنائية هي القاعدة. وفقط عندما يكون هناك ضغط دولي أو يكون هناك اتفاق مع «حماس» أو «حزب الله» أو «فتح» – فان اسرائيل تكون مستعدة فجأة لاطلاق سراح «ارهابيين» تمت ادانتهم وحكم عليهم، وهم ليسوا فقط معتقلين إداريين.
المشكلة مع المعتقلين الإداريين هي دفع الجمهور الى الاقتناع بما يقوله الساسة وليس ما تقوله المحكمة. لكن هذه المشكلة وهمية، حيث إنه في اسرائيل هناك ثقة عمياء بـ «الشاباك»، واذا كان هناك ادعاء ضد «الشاباك» فهو أنه يقلل من هذه الاعتقالات. فليس هناك فلسطيني ليس عدوا، واذا لم يكن يعرف سبب اعتقاله، فهو سيعرف.
ليس «الشاباك» فقط يعرف ماذا يفعل، مصلحة السجون ايضا، التي تقوم بتكبيل الأسير المحتضر وربطه بالسرير، تعرف ماذا يفعل، كذلك الاطباء الذين يؤيدون الاطعام القسري أو يصمتون. في دولة اجهزة السلطة فيها لامبالية في كل المجالات، والجيش ما زال يلعق جروح عملية «الجرف الصامد» والشرطة تجلس فوق الانقاض – يصعب أن نفهم كيف أنه فجأة يتم تأييد كل هذه الاجهزة عند الحديث عن الاعتقالات الادارية. باستثناء عدد من منظمات حقوق الانسان، «اطباء من غير حدود» وباقي الخونة الممولين من أعداء اسرائيل. أما الاجماع الوطني فيبقى كما هو.
إنه نفس الاتفاق العام الذي ما زال يؤيد الاعتقال الاداري الجماعي لغزة. من المسموح مهاجمة الحكومة بسبب سياسة مصادر الغاز، ومن المسموح القاء الحجارة الصغيرة على ميري ريغف لأنها ميري ريغف، وعلى قضية السكن ستحدث هنا حرب – لكن حول موضوع غزة، الحكومة تعرف ماذا تفعل. بالنسبة للجمهور الاسرائيلي فإن مصير عدنان الاداري المعزول مثل مصير غزة الاداري الجماعي. نعم الجميع يؤيدون نقل الغذاء والدواء ومواد البناء الى غزة. لكن الحرية ورفع العقوبات وفتح المعبر المائي – ليس ميناء لا سمح الله – والسماح للسكان بالانتقال الى الضفة وتصدير المنتوجات بشكل حر – هذا غير مسموح. مليون و800 ألف شخص مسجونون منذ ثماني سنوات في اعتقال اداري جماعي – ومثل خضر عدنان، يجب ابقاؤهم على قيد الحياة، ليس أكثر.
في الحقيقة لم يحدث شيء دراماتيكي. عدنان سيخرج الى الحرية في تموز، أي بعد بضعة ايام من التعذيب، والسفن المتجهة الى غزة تراجعت بأدب أمام جنود سلاح البحرية الاسرائيلي، والاجماع بقي كما هو. لا شك أن الله معنا. وكما يُقال عن الصواريخ التي تخطئ هدفها، هنا ايضا «بمعجزة لم تحدث كارثة». فقد كان يمكن أن يموت عدنان قبل توقيع الاتفاق معه بقليل، وكان يمكن أن تكون السفن اكثر عنفا. ماذا سيحدث للحكومة لولا هذه المعجزات. لكن لحسن الحظ الحكومة تعرف تماما متى تتوقف.

 عن «هآرتس»