ألغاز الغاز ؟!

255543_151124484955809_4491340_n
حجم الخط

«قطر للغاز» تفسّر سياستها الإقليمية، ربما أكثر من علاقتها بالإسلام السياسي وحركاته، وكذا فإن «غاز بروم» الروسية تفسّر سياسة موسكو في الأزمة الأوكرانية.. بل ويُقال إن الأزمة السورية ذات جذر يتعلق بأنابيب الغاز القطرية والخليجية عبر سورية، لمنافسة «غاز بروم»!
«إنه الاقتصاد يا غبي» كما قال كلينتون، ومحرك الاقتصاد هو الطاقة، وهذه كانت نفطاً أولا، وصارت الغاز المسال أولاً.
حتى سنوات خلت، كانوا يتحدثون عن شرق أوسط جديد يقوم، أيضاً، على أنابيب المياه من تركيا بخاصة، والآن، صاروا يتحدثون عن سلام قوامه أنابيب النفط والغاز.
محطة كهرباء غزة، أول مشروع اقتصادي فلسطيني لتوليد الكهرباء، لكن من مصادر طاقة خارجية، لكن قلما تعمل بكامل طاقتها لأسباب نعرفها وتعرفونها: سياسية واقتصادية متداخلة.
كان اكتشاف حقول «غزة مارين» البحرية أملاً لتوليد كهرباء تكفي غزة، وتسمح حتى بتزويد الضفة بحاجتها. آنذاك فكرت حتى إسرائيل بشراء غاز غزة.. إلى أن اكتشفت حقول غاز بعيداً عن شواطئها، وصارت دولة مصدرة للغاز خلال سنوات قليلة وقريبة.
إسرائيل رفضت مشروعاً عراقياً، قبل خراب العراق، لتزويد فلسطين ببعض حاجتها من الطاقة، بأسعار رخيصة كما فعلت مع الأردن، الذي اضطر، هو وإسرائيل للاعتماد على أنابيب النفط والغاز المصرية عبر سيناء بسعر رخيص.
وهكذا صارت مصر والأردن تفكران بشراء الغاز من اسرائيل، وتقول مصر إنها حتى العام 2020 ستكفي حاجتها من الغاز من مصادرها الخاصة.
.. وفلسطين؟ قبل شهور ثار لغط حول توقيع عقد فلسطيني مع إسرائيل بمليارات الدولارات، وعلى مدى عشرين سنة.
شركة كهرباء القدس شأنها شأن محطة كهرباء غزة تستورد حاجتها من إسرائيل أساساً بالنسبة لكهرباء القدس، ومعظم حاجتها بالنسبة لكهرباء غزة.
كيف يمكن نقل غاز غزة البحري، إذا تم استغلال حقول مارين 1 و2؟ هل عن طريق أنابيب عبر «الممر الآمن» الذي تعطّل، وكان هناك من يحلم بأنابيب مياه من الضفة إلى غزة، لكن إسرائيل تسيطر على 85% من مصادر مياه الضفة وتبيعها بعض حاجتها، لكن شرط أن لا تشمل تزويد المنطقة (ج)!
عادت فلسطين للرهان على تطوير حقول الغاز الغزية، بكلفة مليار دولار، لكن كيف الحصول على ضمانات سياسية من إسرائيل، التي لا تتورع عن تخريب حتى مشاريع صغيرة لتوليد الطاقة الكهربائية من الشمس في المنطقة (ج)!
مشروعان فلسطينيان آخران لتوليد الكهرباء بقدرة 400 ميغاواط شمال الضفة، وآخر في جنوب الضفة لتوليد 200 ميغاواط، والمشروعان يعتمدان على الغاز، بينما تستطيع محطة غزة العمل على مصادر طاقة مختلفة. إذا تحقق المشروعان فإن فلسطين تستغني عن نصف وارداتها الإسرائيلية من الطاقة.
تستورد فلسطين من إسرائيل ثمناً للطاقة بما قيمته 2.5 مليار دولار سنوياً ثمناً، أي ما يعادل 7 ملايين دولار يومياً. 
حسب وزير الاقتصاد الفلسطيني، محمد مصطفى، بالأمس، فإن فكرة الاعتماد على شراء الغاز الإسرائيلي لم تعد موضع بحث، وتم الرهان على الغاز الفلسطيني من مكامن غزة البحرية، مدفوعاً بتقدم شركة «بريتش غاز» في تطوير حقول «غزة مارين».
إسرائيل تهدد بمصادرة امتياز شركة كهرباء القدس، بذريعة رفضها تزويد بعض المستوطنات بالطاقة، وبشكل خاص ومباشر بسبب متأخرات عليها، قيل إنها تبلغ حوالي الملياري شيكل، وباشرت شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية تقنيناً إنذارياً للكهرباء في منطقة نابلس وجنين.
مشاريع فلسطينية لأمن الطاقة تجرنا إلى الأمن الغذائي، حيث تنتج فلسطين ما لا يزيد على 10% عن حاجتها للقمح، وعلى وفرة الأمطار هذا الشتاء، ستعاني مدن وقرى ومناطق فلسطينية من شحّ الماء الصيف المقبل.
يحكون عن خراب سورية، علماً أنها ربما كانت الدولة العربية الوحيدة التي تؤمّن حاجتها من النفط والغاز والقمح والمياه، وإن اضطرت في سنوات الحرب الأهلية إلى الاتكال على توريدات النفط الإيراني، وكذا تسهيلات روسية، بسبب سيطرة حركات إسلامية على معظم حقول النفط شمال شرق سورية، لكن الإنتاج السوري من الغاز يفيض عن حاجتها قليلاً.
بعض ما فعلته الحركات الإسلامية المسلّحة أنها باعت ما في أهراءات القمح السورية إلى تركيا، وكذلك لم توفر بيع معظم معدات المصانع السورية في حلب إلى تركيا (حوالي 1000 مصنع).
حقاً، هناك مشاريع لأمن الطاقة في فلسطين لكن وضعها موضع التنفيذ مربوط بمشاريع سياسية أي بالعلاقة الراهنة والمستقبلية بين فلسطين وإسرائيل.
إلى أن يتم حلّ المشاكل السياسية وألغازها، ستبقى مشكلة الطاقة والغاز في فلسطين بما فيها الغاز تراوح مكانها مع حلول جزئية.