اللاجئون والأونروا...وحق العودة

التقاط.PNG
حجم الخط

 

هذه الهبة الجماهيرية في الوطن والشتات في ذكرى "يوم الأرض" الخالد الذي صادف امس، حيث خرج مئات الآلاف من ابناء شعبنا في مختلف محافظات الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات والداخل بمسيرات ومهرجانات حاشدة وفعاليات واشكال مختلفة من التعبير عن التمسك بالأرض والتمسك بحق العودة للاجئين من ابناء شعبنا، وعدم تخوف هذه الجماهير من الحشود العسكرية الاسرائيلية او التهديدات الاسرائيلية التي سبقت إحياء هذه المناسبة إنما يوجه عدة رسائل للحتلال الإسرائيلي وحليفته الكبرى الولايات المتحدة الأميركية اولا ولكل من اعتقد او توجس من العرب ثانيا، بأن شعبنا قد يقبل بتصفية قضية اللاجئين أو بمخططات التوطين، وللعالم اجمع ثالثا مفادها ان شعبنا يصر على حقه الطبيعي في أرضه وفي العيش حرا سيدا على هذه الأرض في دولة مستقلة ذات سيادة، وانه يرفض رفضا قاطعا كل مخططات التوطين في اي مكان في الشتات ويتمسك بحقه في العودة الى دياره التي هجر منها قسرا عام ١٩٤٨. وههي رسالة ايضا لكل من اعتقدوا او توهموا ان اي قوة في العالم او اية مخططات او صفقات يمكن ان تحر ف شعبنا عن البوصلة الحقيقية وهي حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، فلا ما يسمى صفقة القرن ولا مناكفات الانقسام ولا مخططات الاستيطان والتهويد يمكن ان تنسي شعبنا قضيته الاولى فلسطين وحقوقه الثابتة والمشروعة التي رفع لوائها شعبنا بأسره وأعادها بقوة على أجندة المجتمع الدولي.

هذا المجتمع الدولي الذي يتوجب عليه اليوم وبعد هذه المجزره الرهيبة التي راح ضحيتها امس ثمانية عشر شهيدا واكثر من 1500 جريح من ابناء شعبنا الذين لم يكن لهم اي ذنب سوى خوجهم في مسيرات سلمية دفاعا عن الأرض وع حقهم في الحياة والحرية ، هذا المجتع الدولي عليه ان يتحرك اليوم لرفع الظلم التاريخى الذي لحق بشعبنا والانتصار للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومواثيق الأمم المتحدة وانهاء هذا الاحتلال السرائيلي البشع.

وهي رسالة قوية ايضا لكل الانقساميين بان الوقت قد حان لمغادرة مربع الانقسام والخضوع لإرادة هذا الشعب العظيم الذي سبق قواه بالوحدة وبإعلاء اسم فلسطين اولا.

احداث الأمس تعيد الى الأذهان مجددا كل المخاوف التي عبر عنه بعض اشقائنا العرب وتلك التي تجاوزت حدود المخاوف لتلامس قضايا اللاجئين والاونروا وحق العودة لتاتي هذه الاحداث وتشكل ردا شافيا على كل هذه المخاوف والتوجسات .

وضمن هذا السياق نستذكر ما صرح به الاستاذ جبران باسيل، وزير خارجية لبنان، مؤخرا عن وضع الأونروا واللاجئين في لبنان مما يثير الغرابة، مخالفاً بذلك جميع الأسس والقواعد التي تعودنا عليها، وهي النأي بالنفس حسب ما أعلن دولة رئيس الوزراء اللبناني، السيد سعد الحريري، لأن موضوع «الأونروا» ليس انسانياً فقط، فهو سياسي أكثر منه انسانياً وكأن لبنان خرج عن سياسته التقليدية التي يتفق عليها العرب جميعاً عبر الجامعة العربية، والتي تنص على ان اللاجئين الفلسطينيين يجب إعادتهم الى بيوتهم وأملاكهم التي سلبتها منهم اسرائيل، وهو احد البنود الهامة في القرار العربي الذي اتخذ في لبنان في العام 2002 وفي بيروت بالذات، أي بموجب مبادرة السلام العربية التي تنص على الانسحاب الكامل من الأراضي التي احتلتها اسرائيل في العام ١٩٦٧م مقابل تحقيق السلام على أساس أن العرب يقبلون ما يقبله الفلسطينيون مع دولة المحتل، كما أن أهم بنود المبادرة العربية عودة اللاجئين والتعويض عن أملاكهم التي استولت عليها اسرائيل.

الشعب الفلسطيني اليوم حائر تجاه سياسة لبنان التقليدية والتي هي دولة عربية تحترم قرارات الجامعة العربية، فهل انفصلت عن قرارات الجامعة العربية وتريد الوقوف مع أميركا واسرائيل وتسير بهذا الخط الخطير وهو تقليص الأموال التي يتوجب دفعها للأونروا وأولها اميركا حسب القرار ١٩٤م، والتي انشأتها الأمم المتحدة على أساس أن هذه المؤسسة باقية، تقدم خدمتها حتى يعود الشعب الفلسطيني الى وطنه والتعويض عليه؟!.

وهنا نقول للسيد باسيل وهو أيضاً وزير شؤون المغتربين ان لبنان حريص على خدمة المغتربين، حيث انهم قطاع هام من الشعب اللبناني الذي يشترك في الانتخابات اللبنانية وأيضاً حريص عليهم لأن وطنهم لبنان ويحولون أموالاً طائلة لعائلاتهم في لبنان، كذلك هو أمر الفلسطيني الذي حصل على جنسية أخرى كي يستطيع أن يعمل في لبنان أو في الخارج ليؤمن معيشة أهله في المخيمات في لبنان أو خارج لبنان، وهو بالطبع لم يتخل عن فلسطينيته التي في قلبه وفي عروق دمه.

ونقول مجدداً للسيد باسيل اننا كفلسطينيين نكن لكم وللبنان كل محبة مع اعتذارنا عما حصل من اخطاء في الماضي وقد كان معنا في الماضي شركاء هم غالبية الشعب اللبناني لما قدموه من تضحيات من أجل القضية الفلسطينية، وقلنا وما زلنا نقول بأننا في لبنان ضيوف ونرجو مساعدتنا للعودة لوطننا فلسطين حتى لا نكون عبئاً على بلدكم لبنان أو أي بلد عربي وغير عربي.

لذلك نرجو ان تتحرك السلطة الفلسطينية الشرعية وحبا في لبنان الذي نحب ونشكر كرمه وضيافته للشعب الفلسطيني بأن يطلب من الرئيس اللبناني والذي كان قائد الجيش اللبناني والذي أيد دوماً المطالب العادلة للشعب الفلسطيني وقضيته ودولة الأخ المحترم نبيه بري، دولة رئيس مجلس النواب اللبناني المحترم ودولة رئيس الوزراء اللبناني الاخ سعد الحريري بأن يوضحوا ويؤكدوا على سياسة لبنان تجاه القضية الفلسطينية وخصوصاً وضع اللاجئين في لبنان، وطبعا ما يخص الأونروا، على ضوء المخاطر التي يمثلها مشروع الرئيس الاميركي دونالد ترامب وسياسته المنحازة للاحتلال الاسرائيلي المدعوم عسكرياً ومالياً من قبل الولايات المتحدة.

كما أرجو ان يعلم الإخوة في لبنان بأن الفلسطينيين يحمون الأماكن المقدسة المسيحية كما يحمون الأماكن المقدسة الاسلامية لأننا شعب واحد وأمة واحدة ويواجهنا خطر واحد هو الاحتلال الاسرائيلي والانحياز الأميركي السافر لهذا الاحتلال.

نحن لا نريد الا الحق ونحترم القوانين والقرارات الدولية مهما كان سلاح خصمنا قوياً، لأن السلاح لا يحل أي مشكلة بل يزيد الكراهية والحقد.

ونجدد التأكيد أن ما شهدته الأراضي الفلسطينية المحتلة أمس من "مسيرات العودة" وارتقاء هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى دفاعاً عن الأرض وعن حق العودة، هو برهان آخر على ان جموع اللاجئين من أبناء شعبنا انما تتطلع للعودة الى ديارهما التي هجرت منها قسراً، وترفض كل مشاريع التوطين سواء في لبنان أو غيره من الدول.