ما وراء النزعة العالمية المناهضة لإسرائيل

صحافة اسرائلية
حجم الخط

04 تموز 2015

بقلم: زئيف شترنهل
صحيح ان هناك في العالم دولا تسحق فيها حقوق الانسان اكثر مما في المناطق المحتلة والسكان المدنيون فيها يعانون من قمع اشد. صحيح ايضا ان مواطني اسرائيل العرب لن يرغبوا في استبدال مكانتهم القانونية والسياسية والاجتماعية بتلك القائمة في كل واحدة من البلدان الاسلامية. ولكن ايا من هذه الدول لا تدعي بأنها نور للأغيار ولا تعرض نفسها كقدوة لكل العالم. منذ قرابة خمسين سنة واسرائيل تطالب لنفسها بحق التحكم بسكان لا يريدون النظام الاستعماري الذي يفرض عليهم، وكل ذلك بقوة الامر الإلهي المخطوط في كتاب التوراة. في العالم الغربي تثير هذه التعليلات سخرية مختلطة بالنفور، وتعتبر غطاء تهكميا لاستغلال القوة العسكرية وطمع الاحتلال.
هذا هو المصدر للانتشار السريع للنزعة المناهضة لإسرائيل في اوساط الطبقات المثقفة في اوروبا وفي الولايات المتحدة – ليست كراهية اليهود عتيقة العهد. هذا لا يعني ان اللاسامية اختفت، بل أبعد من ذلك؛ ولكن العداء لليهود هو الدافع الاساس للنزعة المضادة لإسرائيل، هذا هو النفور من الاستعمارية الاسرائيلية. في نظر طبقات واسعة من المجتمع الغربي، فان الدولة التي تعتبر الاستعمارية وضعا مناسبا، ليست سوى نزعة عدمية نهايتها الاختفاء. اضافة الى ذلك، لولا الخوف من رد فعل العالم، لانتشرت اللامساواة لتشمل العرب الاسرائيليين ايضا، فقسم غير صغير من مقترعي اليمين وزعمائه يرون فيهم سكانا محتملين في البلاد التي اليهود فيها هم اصحابها الشرعيون الوحيدون.
بالإخلاص للمبدأ القائل ان الحق هو دوما بجانب جيشها – باستثناء الحالة التي تصرخ الى السماء في صبرا وشاتيلا، وهذا ايضا فقط بفضل شخصية مناحيم بيغن – تفضل اسرائيل الا تغسل غسيلها الوسخ على الاطلاق على أن تعترف بان يكون علقت بها أي شائبة. فاذا كان القتل في 1948 – 1949 ممكنا فهمه بسبب وضع «إما نحن او هم» الذي ساد في ذاك الوقت، ليس هكذا منذئذ وحتى اليوم.
دافيد بن غويون هو الذي حدد المعايير: المذبحة في قبية في 1953، والتي ارتكبتها وحدة المظليين بقيادة ارئيل شارون، حسب أمر عملياتي من قيادة المنطقة الوسطى، عرضت اسرائيل على الامم المتحدة وكأنها كانت رد فعل عفوي من مستوطني الجبهة في اسرائيل ممن عانوا من التنكيلات التي كانت تأتيهم من الاردن. كل البلاد عرفت الحقيقة، ومقر مراقبي الامم المتحدة بلغ نيويورك عن ذلك، ولكن اسرائيل الرسمية تمسكت بالكذبة الكبيرة. ومنذئذ كان التشويه والطمس نهجا وهذا لم يتغير كثيرا من حرب الايام الستة وحتى الجرف الصامد.
ولكن، في هذه الاثناء نضج المجتمع المدني، ودور كشف الحقيقة من اجل أنفسنا وأولادنا انتقل اليه، الى الافراد والمنظمات، وعلى رأسها منظمات حقوق الانسان. واجب الجميع للتعاون الواحد مع الآخر، وعدم الخوف من التعاون مع هيئات التحقيق الدولية ومن التوجه المباشر الى الرأي العام العالمي. يجب أن نشدد: اذا لم يكن الوضع اسوأ واذا كانت اسرائيل تحاول مع ذلك لجم نفسها، فهذا فقط بسبب الخوف من العقوبات الدولية.
ان هرب شاؤول موفاز من لندن لم يختفِ عن ناظر المؤسسة. وقرار النائب العسكري العام اغلاق ملف التحقيق في قتل الاطفال الاربعة على شاطئ غزة سيعود الينا عبر الجامعات الاميركية عندما ستبدأ هناك السنة الدراسية الجديدة. لعلهم عندها سيفهمون هنا ايضا ان حياة الانسان ليست فقط مادة في القانون الجنائي.