قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله: "نشدد على موقف الرئيس وتأكيده أن التمكين الفاعل والشامل للحكومة وتسليمها كل الصلاحيات الأمنية والقانونية والإدارية والمالية هو الرافعة لتحقيق المصلحة الوطنية العليا ونجدة غزة. فوحدتنا أقل الوفاء لتضحيات شهدائنا في غزة الذين نهضوا وهبوا في إرادة شعبية موحدة للدفاع عن الأرض ومقدساتها، ورفضا لاستمرار الحصار والممارسات والقيود الاحتلالية".
جاء ذلك خلال كلمته بمناسبة يوم الأرض واختتام أعمال تسوية الأراضي في قرية صرة بنابلس، اليوم الاثنين بحضور محافظ محافظة نابلس أكرم الرجوب، ورئيس هيئة تسوية الأراضي والمياه القاضي موسى شكارنة، وعدد من الوزراء والشخصيات الرسمية والاعتبارية.
وأضاف رئيس الوزراء: "لن نذهب إلى قطاع غزة إلا بتسلم الحكومة لكافة مهامها دفعة واحدة، ونحن جاهزون لتولي كافة المسؤوليات، مثلما أكد عليه الرئيس، فتمكين الحكومة لا يتم بتسليم كل ملف على حدة".
وتابع: "اسمحوا لي أن أترحم على أرواح شهدائنا الأبرار في قطاع غزة، الذين قتلتهم إسرائيل بدم بارد أثناء مشاركتهم في مسيرة شعبية سلمية لإحياء الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض المجيد لتثبيت حقنا في العودة وتقرير المصير والعيش بحرية وكرامة على أرض وطننا. فيوم الأرض الخالد هو صورة تاريخية لكل فلسطين، لوحدتنا وتمسكنا بثوابتنا الوطنية، وبإرادة الحرية والانعتاق وإقامة الدولة. وقد كرست "غزة" في هبتها الشعبية السلمية ذلك، وهي تقاوم بكل ما أوتيت من قوة، تقاوم الحصار والعدوان والموت، وتتصدى لتداعيات الانقسام المأساوي، مما يتطلب منا جميعا الارتقاء بمسؤولياتنا الوطنية ونبذ أية اختلافات".
وشدد الحمد الله على أنه "لم يعد مقبولا أن يستمر العالم في صمته أو حياده إزاء إمعان إسرائيل بالقتل وأعمال التنكيل"، مشيرا إلى أن "المطلوب اليوم إجماع دولي موحد، يلجم الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية ويوقف العدوان الإسرائيلي الممنهج على الحراك السلمي والحضاري لأبناء شعبنا العزل واستهدافهم بالقتل وبدم بارد". مؤكدا أن "هبة جماهير شعبنا في غزة في يوم الأرض، هي نتاج طبيعي لسنوات طويلة من الحصار والقهر وانعدام الأمل".
وطالب رئيس الوزراء المجتمع الدولي والأمم المتحدة خاصة، الخروج عن بيانات الشجب والإدانة، واتخاذ الإجراءات العاجلة لتوفير الحماية الدولية لشعبنا وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف بدولة فلسطين ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها.
وأدان قيام الولايات المتحدة بإعاقة مجلس الأمن الدولي عن القيام بمسؤولياته في إدانة العدوان الإسرائيلي على شعبنا، معتبرا أنها بذلك تشجع إسرائيل على الاستمرار في عدوانها السافر وتحدي القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وأردف الحمد الله: "لمواجهة كل هذه التحديات والتصدي للمخططات الإسرائيلية الرامية إلى اقتلاع شعبنا وتشتيت قضيته، فإننا ندعو إلى أكبر التفاف دولي حول دعوة الرئيس محمود عباس لعقد مؤتمر دولي للسلام، تنبثق عنه آلية دولية لحل القضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية، وصولا لإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967".
واستطرد رئيس الوزراء: "نجتمع في إطار إحياء يوم الأرض الخالد من على أراضي "صرة"، التي يسطر أبناء شعبنا فيها قصص البقاء والتصدي للاحتلال والاستيطان وإرهاب المستوطنين. فصرة كما قرى وبلدات ومخيمات محافظة نابلس، ومعها كل شبر من أرضنا، شاهدة على الظلم والعدوان الإسرائيلي، كما على عزيمة البناء وإرادة الحياة والتطور. إننا معكم وبكم، وبصمود شعبنا في غزة والقدس والأغوار، وفي أكثر من 250 تجمعا في المناطق المسماة (ج)، نبرهن أن المشاريع التصفوية لقضيتنا لن تمر، وأن حقوقنا التاريخية في أرضنا لن تسقط بالتقادم أو باستمرار مصادرتها واستباحتها".
واستدرك: "نستذكر معكم قادة وصناع يوم الأرض، في الجليل والنقب والمثلث، الذين رفضوا المساومة على أراضيهم وحقوقهم، وحولوا يوم الأرض الخالد إلى عمل يومي مقاوم وعنيد لحماية الأرض واسترداد حقوقنا التاريخية، وأتوجه بتحية إكبار وإجلال إلى شهداء فلسطين، الذين قضوا دفاعا عن حقنا في الحياة والحرية والكرامة، وفي مقدمتهم الزعيم الخالد ياسر عرفات. كذلك كل التحية إلى أهلنا في أراضي 1948، وفي منافي الشتات ومخيمات اللجوء، الذين صانوا هويتنا الوطنية الجامعة من التشتت والضياع والمصادرة، وظلوا متشبثين بحلم وحق العودة".
وأردف رئيس الوزراء: "إننا معكم في "صرة"، احتفاء باختتام أعمال تسوية الأراضي فيها، لنحيي كافة أدوات وأشكال المقاومة الشعبية السلمية وركائز مسيرة البناء والتنمية، فالتسوية سلاحنا لحماية الأرض ومن عليها وما فيها من موارد، خاصة في المناطق المسماة (ج) التي عليها يحتدم الصراع بين إرادة الحياة والتقدم والبناء التي يسطرها شعبنا وبين ممارسات الهدم والموت والمصادرة الإسرائيلية".
وذكر: "إننا في لحظة فارقة تتعاظم فيها التحديات التي تعصف بنا وتتهدد أرضنا ووجودنا وتاريخنا، وهي تحتم علينا، بلا تأخير أو مماطلة، إيلاء مهام التسوية الأهمية القصوى، وعلى قاعدة الشراكة بين مؤسسات وبنى الحكومة من جهة، والقطاع الخاص والبلديات وهيئات ومجالس الحكم المحلي من جهة أخرى، للوصول إلى هدفنا المنشود في مسح كافة الأراضي وتسجيلها وتثبيت ملكيتها، وتطبيق القوانين وحل الخلافات القائمة عليها، في إطار جهد وطني وجماعي لتوظيف وتسخير الإمكانيات للحفاظ على الأرض والموارد وتعزيز صمود المواطنين".
وأوضح: "لقد أظهرت جماهير شعبنا في كل مكان، وفي كافة جبهات العمل الشعبي والرسمي، أن الاستيطان والحصار وسياسة العقوبات الجماعية التي تنتهجها إسرائيل لا يمكن أن تلغي حقوقنا التاريخية أو تطمس هوية أرضنا. فنحن متجذرون في هذه الأرض، وماضون في المقاومة الشعبية السلمية، وفي العمل السياسي الدبلوماسي المقاوم لحمايتها وصون هويتها وتاريخها ومواجهة المشروع الاستيطاني الاستعماري".
واختتم الحمد الله كلمته قائلا: "نيابة عن الرئيس محمود عباس، أحيي هيئة تسوية الأراضي والمياه، برئيسها موسى شكارنة وجميع العاملات والعاملين فيها، على جهودهم المتنامية والمتسارعة، وهم يسابقون الزمن ويتحدون الممارسات والسياسات الإسرائيلية في مصادرة الأرض والتوسع الاستيطاني. فعملكم الوطني نوعي وفاعل في حماية الأرض وتحقيق السلم الأهلي. ولنا أن نفخر بالإنجازات التي تحققتْ هنا في صرة، ونشيد بتعاون مجلسها القروي وكل الأطراف والمؤسسات والمجتمع المحلي فيها لتسجيل وتسوية كافة أراضيها".