غاز غزة وأجراس صامتة

751011512704751.jpg
حجم الخط

 

 

كنا ولا زلنا نتمنى أن ينفتح السجال وتؤخد الخطوات العملية الجادة والضاغطة، بين عباس والعدو مثلما ينفتح السجال وتمارس بكل عناد وجدية، الضغوط على غزة. فقد أصبحت التداعيات اليومية، تقع على خط "المقاطعة" غزة، علماً بأن الغاز المتكشف في بحرها، قد شهد مؤخراً تعاقدات جديدة، بين حكومة عباس وشركة لها علاقات معه ومع أولاده، من وراء ظهر ممثلي الشعب. ففي بيان مقتضب  لهيئة الإستثمار التي يلف الغموض كل عملياتها ويحدد عباس مسارها؛ أعلنت هذه الهيئة عن التوصل الى اتفاق مع شركة "شِل" البريطانية الهولندية، لخروجها من الاتفاق على تطوير حقل "غزة مارين"، وإحالة عملية التطوير الى الشركة "الصديقة" التي أسست فرعاً يختص بالغاز، بالتزامن مع تطوير مشروع عقوبات خنق غزة، وتهوية الحقول، لكي تنتعش الرؤوس التي تنهب ثروة الشعب الفلسطيني ومقدراته. وجاء في البيان، أن هناك ترتيبات جديدة،  لرخصة تطوير حقل "غزة مارين" بموجب قرار مجلس الوزراء الفلسطيني الذي صادق على خروج شركة "شل" من رخصة تطوير الحقل واستبدالها بتحالف جديد يتكون من صندوق الاستثمار الفلسطيني وشركة سي سي سي بنسبة 27.5% لكل منهما بموجب الحقوق المتاحة لهما في اتفاقيات الرخصة الحالية، وتخصيص 45% لشركة عالمية مطوِّرة، يتم المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء الفلسطيني، لم يُفصح عن اسمها، علماً بأنها شركة يونانية لها علاقات مع إدارة صندوق الاستثمار.

إن كل شيء في مرمى أيدي رئاسة السلطة، أصبح يجري دون حتى استشارة الموالين والمعارضين، ناهيك عن المؤسسات الفلسطينية الدستورية. لكن الغريب والفائح، أن عباس والحلقة الضيقة من مساعديه، وهم يفعلون ذلك، لا يحاولون حتى تضليل الشعب وإرضائه بالقليل. بل تراهم في هذا السياق الغرائبي، يفعلون العجب، إذ يقفون ضد أن تتدخل جهات مانحة، لكي تنقذ الطلاب الفلسطينيين من مأزقهم، وتسدد عنهم رسوماً لا ينبغي أن تكون أصلاً، بحكم أن لكل شعب جامعاته الوطنية، التي تتكفل الدولة من خلالها، تخصيص مبلغ من إيرادتها العامة، لتعليم أبناء الفقرء وتعليم النابغين!

لا نعلم ما الذي تبقى، لكي تقرر الشرائح السياسية، دحرجة الصخرة عن قبرها والخروج الى دائرة الفعل الوطني ببعده الإجتماعي؟

يؤخد المشتغلون في السياسة أو في العمل الفصائلي الفلسطيني، الى سياقات مؤذية لأبنائهم وأحفادهم، ولا يُشاهد موقف يُسجل لهم، بينما قلم التاريخ يكتب. وفي موضوع الغاز، يمكن أن نصل في حال استمرار هذا الخنوع، الى مرحلة يكون فيها أبناء عباس وأزلامه المترفون، يتحكمون في الثروة الوطنية الفلسطينية، من عواصم المال والأعمال، ويحميهم شركاؤهم الكبار أصحاب الاحتكارات الآمنة في كنف الدول الرأسمالية القوية. فإلى هذا الحد وصلت أمورنا. فلا مؤسسة فلسطينية قائمة، تُناقش في أطرها، احتمالات الثروة وخطط التصرف بها، وكيفية الحفاظ عليها باعتبارها ملكية اجتماعية فلسطينية، لكل فلسطيني الحق فيها من رفح الى جنين ومن طوباس الى خان يونس.

فهل يستيقظ النائمون من نومهم، ويقرعون أجراس التحذير، أما إننا مضطرون للجوء الى الكنائس والأديرة في أمريكا اللاتينية لكي تقرع أجراسها؟!