مسيرة العودة الكبرى... الشباب يعيدون تصويب البوصلة

thumb (4).jpg
حجم الخط

 

لوقت قريب كان الخوف والقلق على الشباب يتصدر حوارات النخب الفكرية والسياسية، حيث لم يعد يتراءى في الأفق بصيص أمل في فرج قريب، إذ عشنا حالة من التوتر بسبب جنوح البعض منهم باتجاه التطرف والإرهاب، وسقوط أعدادٍ من بينهم في وسخ العمالة والانحراف.

اليوم، تبدو ملامح المشهد مغايرة تماماً، حيث يتصدر الشباب أحداث مسيرة العود الكبرى، تفكيراً وتخطيطاً وفعاليات، مع دعم معنوي ولوجستي من فصائل العمل الوطني والإسلامي، للحفاظ على زخم الفعل السلمي في مواجهة الاحتلال.

الشباب اليوم، أكد أنه يمتلك الكثير، وأنه آخذٌ بيده زمام المبادرة، وقد عقد العزم على تصويب المسار، الذي أضاعت بوصلته الفصائل بخلافاتها حول الأولويات ومناكفاتها السياسية، وتمركز كل منها حول (الأنا) الحزبية.

مشهد الشباب بين الأمس واليوم هو ما سنتناوله في هذه المعاينة الفكرية، والتي تتطلب قراءة واعية لمعرفة أين كان هؤلاء الشباب، وأين هم الآن؟

الشباب الفلسطيني... تطلعات وآمال خائبة

لأكثر من عشر سنوات، لم تكن الأوضاع السياسية على الساحة الفلسطينية تبعث على التفاؤل والأمل، حيث الانقسام الذي أضعف نسيجنا الوطني والاجتماعي والثقافي، وتوزعت المواقف الشبابية وتشتت طاقاتها داخل فراغات هذا الصراع المستعر، الذي انغمس فيه الكل في أحاديثهم اليومية وأنشطتهم الحركية، وأدَّى ذلك إلى تقزيم رؤية الكثيرين منهم تجاه قراءة الأولويات المتعلقة بمشروع المواجهة مع الاحتلال ومستلزمات الفعل المقاوم لإنجاز متطلبات التحرير والعودة.

كثيرة هي الأنشطة والندوات التي شاركت فيها كمتحدث أمام هؤلاء الشباب الجامعيين، حيث كنت ألمس فيهم الكثير من الحماس والحيوية، وأن لديهم وفرة من القدرات والطاقات الكامنة وإمكانيات الفعل، لكنهم كانوا – للأسف- محبطين، ويشعرون بانعدام الوزن، وأنهم بلا بوصلة نضالية، حيث تراجعت اهتماماتهم، وأضحت جلسات الحوار فيما بينهم بعيدة في معطياتها النضالية والحركية عما يمكن أن يحقق التطلعات والأهداف والمصالح الوطنية.

لعلهم كانوا معذورين، وهم كذلك، حيث إننا في فصائل العمل الوطني والإسلامي أخذناهم بعيداً في خلافاتنا، وسخَّرنا بعضهم كأرقام للحشد والمباهاة، وتركناهم بلا إرشاد وتوجيه؛ لأن الكثير من قيادات هذه الفصائل – للأسف - أصبحت في وضعية أن "فاقد الشيء لا يعطيه"، حيث غابت الرؤية، وصار بعضهم كما يقولون: "يدعو لأندلس إذا حوصرت حلب"!!

هذا الشباب اليافع والمتعلم، والذي يمثل – حقيقة - رأس المال الفلسطيني، تراجعت حظوظه في الحصول على فرصة عمل، حيث ارتفعت نسبة البطالة بينهم في قطاع غزة لتتجاوز 60%.

كما أن القطاع الخاص الذي كان - عادة - يستوعب نسبة عالية من هؤلاء الخرجين تصل أحياناً إلى نسبة 40%، لم يعد بعد تدميره الممنهج، جراء الحصار والاحتلال وتداعيات الانقسام، قادراً على استيعاب 5% منهم، كما أن السياسات التي اتبعتها البنوك في قطاع غزة لا تساعد على تنامي الاقتصاديات الشبابية، لانعدام التخطيط، وغياب توفر الضمانات الحكومية لما تعتمده من قروض لتطوير المشاريع الصغيرة لهؤلاء الشباب.

إن المشهد الكارثي الذي وجد الشباب أنفسهم فيه، من حيث تراجع مشاريع التطوير والتنمية، وغياب فرص العمل، حتى إن إمكانيات التشغيل ولو بأجر زهيد يتم – للأسف - وفق الارتباطات التنظيمية!! ومن أُتيحت له فرص العمل في الخارج أضاعتها إغلاقات المعبر شبه الدائمة، حتى برامج التشغيل المؤقت (البطالة) التي كانت تدعمها بعض المؤسسات الدولية مثل وكالة (الأونروا) تراجعت هي الأخرى؛ لأن الانقسام أشعل جذور العداء والكراهية وأوغر الصدور، ولم تعد هناك جهات تتحمس لجلب الدعم من المنظمات الدولية إلى قطاع غزة.

إن الشباب في قطاع غزة قد وجدوا أنفسهم محاصرين من جهات أربع؛ فلا فضاء ولا رؤية ولا أمل بانفراج قريب ولا إمكانيات لعمل شريف وعيش كريم.. لقد ضاقت في وجه هؤلاء الشباب الأرض بما رحبت، فكان التولي والابتعاد عن الجادة لدى البعض منهم باتجاه الغلو والتطرف، وركوب مسارات "حيلة المضطر"، التي أدخلت قلة من بينهم إلى مستنقع العمالة ووسخ الانحراف.

مشهد ما قبل فعاليات مسيرة العودة

قبل أسبوعين من ذكرى يوم الأرض وانطلاق مسيرة العودة الكبرى، وبتاريخ 18 آذار الماضي، كتب الأستاذ جميل عبد النبي، الناشط المجتمعي، تغريدة كانت أشبه بجرس إنذار وطرق شديد على جدار الخزان، موسومة بعنوان "كارثة...!"، وقد أحببت أن يشاركني الجميع قراءاتها، لما فيها من دلالات ومعانٍ تستوجب النظر والتدبر. يقول: إن ما سأكتبه هنا بالغ الخطورة، وفي غاية الأهمية، وأتمنى من كل من يقرأه أن يأخذه على محمل الجد.. لا أريد أن يقول لي أحد: أحسنت...! ولا حتى أن يعلق بأي شيء، إنما أتمنى أن تأخذ هذه المسألة حقها في التفكير، وحقها في الجهد الذي يمنع تفاقمها، وأن يسعى كل الوطنيين للضغط على جهات الاختصاص لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، منعاً لكارثة وطنية تلوح في الأفق، إن استمرت سياسات التهميش لأوجاع الناس ومعاناتهم، وحق الأجيال الصاعدة في حياة، ليست مرفهة، ولا رغيدة، إنما - على الأقل- فيها ما يحافظ على آدميتنا، وقدرتنا على البقاء.. وأضاف: التقيت بنخبة من شباب بعمر الورد، بالكاد تفتحت أعينهم على الحياة، وبدأوا يكتشفون احتياجاتهم المعيشية والنفسية والروحية أيضاً، ومن ثم بدأوا رحلة البحث عن توفير هذه الاحتياجات.

لم تمنحهم الدنيا ما منحت أقرانهم في بلدان العالم الأخرى، فهناك - حيث الحياة الآدمية- وفي هذا العمر تحديداً، تبدأ رحلة البحث عن مقومات الحياة المستقرة؛ العمل، السكن، الزوجة، الأولاد، وشيء من الترفيه، والكماليات، التي تحمي الحياة من التيبس. هنا في قطاع غزة، كل هذا لا أمل فيه...! كان اللقاء يتعلق بفكرة العودة، وكيف لنا أن نُحولها من مجرد حلم إلى آلية عمل يومي، يشارك فيها كل الفلسطينيين، على اعتبار أنها شأن الكل الفلسطيني، وليست شأناً خاصاً بالأحزاب وحدها، ولماذا علينا - الآن - أن نعطيها الأولوية؟ وهل هناك من أفق حقيقي لتنفيذها؟ وماذا عن مشاريعنا السياسية المعاصرة؟.

كانت الصاعقة التي لم نكن نتوقعها، أن قال لنا أحد هؤلاء الشباب في مداخلته: إن من الواضح أننا ننتمي إلى جيلين مختلفين: جيلكم، وجيلنا نحن الشباب.. أنتم منهمكون في الوطن وقضاياه، والعودة، وسبل مواجهة إسرائيل، أما نحن فكل هذا لم يعد يعنينا...! وليس من أولوياتنا، نحن الآن نبحث عن مجرد الحياة؛ عن الطعام والسكن وعن ضرورات لا وجود للحياة بدونها، لا تحدثونا عن إسرائيل الآن، ولا عن العودة...! حدثونا عما يبقينا أحياء، ثم بعدها قولوا لنا ما شئتم. لقد كنت أظن أنني مدعو لنقاش قضية مطلبية تمس حياتنا اليومية، وربما لو كنت أعلم أن هذا ما سنتحدث عنه، ربما لم آت إلى هذا اللقاء...! وحينما عرَّج أحد الحضور على ذكر صفقة القرن التي يجري الحديث عنها كثيراً في وسائل الإعلام، همس أحدهم: يااااا ريت...! المهم أن نعيش...!!

يا للهول، أين وصلنا؟! بالتأكيد، لم يكن كل الحضور يتبنون حرفياً هذه الصياغة، لكنهم كلهم كانوا يتحدثون عن فقدان الأمل. إن من تفوه بهذا الكلام ربما لم يكن يقصده بالشكل الذي ظهر عليه، إنما أوجعته الحياة، واسودت في وجهه كل الخيارات.. بالكاد، استطعنا إقناعه، أو ربما إحراجه للقبول بفكرة: أن النضال المطلبي لا يعني التنازل عن نضال العودة، وأن هذين المسارين ليسا متناقضين، إنما يمكن لأحدهما أن يدعم الآخر، وأن من الخطر أن ننسى جذور المشكلة المرتبطة بالتهجير والاحتلال، دون أن ننسى المتسببين الآخرين.

يا سياسيون، يا فصائل، يا سلطة، يا حماس، يا فتح، يا عالم يا هووووو، يا كل المتنفذين، يا كل المعنيين بفلسطين، ماذا تنتظرون؟! قال أحد الحاضرين: إن شعارات الصبر والصمود لا تسد جوعنا، خاصة إن جاءت من المتخمين والمترفين، فماذا أنتم فاعلون؟! هذا هو جيل الشباب الذي تراهن عليه أي أمة تبحث عن المستقبل، لقد قتلتموه ولا زلتم.. صراخكم وضجيجكم وكذبكم الذي تسعون لفرضه كحقيقة علينا، لم يعد يأتي أكله مع هذا الجيل، الذي بات قادراً على التمييز بين ما ينفع الناس، وبين الزبد الذي تقدمونه لهم.. ربما تستطيعون تكميم أفواههم وإرهابهم، لكن النيران التي تحرق أحشاءهم من سيطفئ لهيبها؟! إن السلطة التي تتنازعونها لا تساوي حذاءً في قدم أحد هؤلاء الشباب.. دعوا كل شيء الآن، وفكروا فقط بإنقاذ أجيالكم.

إن مواجهة صفقة القرن تحتاج إلى رجال، والمقاومة تحتاج إلى رجال، وكذلك فإن الصمود في وجه الضغط الإسرائيلي يحتاج إلى رجال، حتى النضال السلمي يحتاج إلى رجال، فالمطحون لا يستطيع فعل أي شيء.. دعوكم من صراعكم الوهمي على برامج تدركون أكثر من غيركم أنها جميعاً اصطدمت بالحائط، والتفتوا إلى ما يعزز صمود أجيالكم. إن البقاء في الأرض هو مهمتنا الأساس، وحتى نبقى نحتاج إلى مقومات البقاء، وكل ما دون ذلك ضجيج لا يسمن ولا يغني من جوع.

شعرت وأنا أقرأ هذه التغريدة بالكثير من الحزن والأسى الذي آل إليه حال هؤلاء الشباب، وكنا نحذر بأن الانفجار قادم، لأن المرجل كان يغلي وقرقعته كانت مسموعة بصوت عالٍ.. إن هذه الكلمات كانت من القوة والصراحة والوجع بحيث استوقفتني لتسجيلها، لأن هذا هو ما كان عليه واقع اليأس وحالة القنوط وملامح الكآبة والإحباط التي وصلت إليها نفسيَّات الشباب، وطغت خطوطها الحمراء على معالم حياتنا في قطاع غزة، حيث أطلت ظاهرة الانسحاب من الشأن العام لدى الشباب، وتفشي اتجاه العدمية والترفع عن الاهتمام والتفاعل مع قضايا الناس.

هذه الظاهرة تطرق لها د. مصطفى حجازي في كتابه القيِّم "الإنسان المهدور"؛ باعتبارها حالة تنشأ مع كل مجتمع مهزوم، وهو ما أسماه بـ"الهدر الوجودي!"، أي أن وجود الإنسان يصبح لا تأثير له في الحياة الاجتماعية، وأن هذا الهدر في الطاقات والكفاءات ليس مسألة اقتصادية محضة، بل يتجلى كأزمة تمس مشروع صناعة الوجود ذاته، وتعطل اندفاعة الحياة وتجددها وارتقائها".. حقيقة، هذه هي الصورة التي كنا نشاهدها ونحن نتفرس وجوه هؤلاء الشباب؛ "صايعين وضايعين"!!

اليوم؛ ومع الانفجار ومسيرة العودة وفعاليات التحدي للاحتلال والحصار تغير المشهد، ونهض من صميم هذه العدمية والقهر واللامبالاة جيل جبار عنيد، هو الآن من يرسم ملامح مستقبلنا القادم.

إن مشاهد هذا الجيل الثائر وصاحب الهبِّة العارمة على الحدود، عبر عنها الأديب الشاب محمود جودة بتغريدته الرائعة، والتي لاقت أكثر من 350 مشاركة، واصفاً هؤلاء الشباب في تجليات "جمعة الكاوتشوك"، قائلاً: "ليس دخاناً ما تراه العيون الآن، إنه الصوت المخنوق، الأنَّات الخارجة من فِيه الآنسات، والأمهات والزوجات، والآباء والشباب، الذين مسخهم الكل ليجعل منهم أعداداً.. إنه أكوام المؤامرات والصراخ الذي تحشرج في الحلوق، إنه رفض الذل والموت، إنه طلب للحياة، هو أسود على كل ظالم، أبيض على كل مظلوم.، إنه إنحراق الأمل، غضب يعتمر في الصدور، شوق للنجاة، وآمال سحقها الحصار، إنها احتراق من أجل البعث: نريد أن نطير، نريد أن تحملنا الغيوم إلى خارج الأسوار، نريد أن نعيش مثل الكل، مللنا القتل والمخدرات والتسكع والتذلل، وتجبر الجميع. لقد صبرت غزة على ما لا يمكن لأحد الصبر عليه، شكرت غزة الجميع، وبذلت الدم تلو الدم، فعلت كل ما يجب بالتمام والكمال.. لكن الجميع أراد لها أن تركع على ركبتيها، لا رُكبٌ في غزة لتركع عليها، لو كان ذلك لفعلت منذ زمنٍ بعيد.. غزة غيوم تُحلّق في السماء، غزة لا تركع، غزة لا تستسلم، غزة اللعنة الأبدية، غزة مفاجأة الله، أن لا خوف عليهم، ولا هم ييأسون.. الآن؛ الأمر أضحى سيَّان، أحياء موتى، وموتى أحياء، لم يتركوا لنا مجال إلا أن نتفجر، وها نحن نفعل".

إن مشاهد هذه الهبة الشبابية والحراك الشعبي تبشرنا بأن الدم قد عاد متدفقاً في العروق، وأن الفرج قريب، والكل لاعتبارات إقليمية ودولية يبحث عن مخرج لإنهاء أصوات الانفجارات المتلاحقة جمعة بعد أخرى، قبل أن نصل للحظة وقوع الهزة الشعبية المزلزلة في 15 مايو القادم، وتداعيات ارتداداتها المستقبلية على الشعب والقضية والمنطقة العربية.

إنني أضم صوتي وتفاؤلي لما توقّع به صديقنا "دون ماكنتهاير"؛ الكاتب الصحفي البريطاني الشهير، في كتابه الجديد "غزة تتهيأ نحو الشروق"، والذي تنبأ فيه بمستقبلٍ مشرق لقطاع غزة، رغم صورة الواقع الحالي القاتمة والمعتمة بسبب الحصار، الذي يكاد يفتك به ويحوله الى مقبرة جماعية كبرى.

وأوضح الكاتب الذي زار القطاع خلال السنوات العشر الاخيرة أكثر من مئة مرة، أن عينه الصحفية لم تغفل عن فلسطين خلال هذا العقد المتواصل من الزمن، لقناعته بأهمية القضية الفلسطينية إقليمياً وعالمياً، وأن بقاءها دون حل سوف يقود عاجلاً أم آجلاً إلى حريق كبير في المنطقة، وربما العالم أجمع. وأضاف: "إن بزوغ فجر غزة وشروقها القادم هو مسألة وقت، نظراً لقوتها البشرية الهائلة والأمل والقدرة على الخلق والتحدي لدى جيل الشباب الغزي، الذي لا يعرف كلمة مستحيل، ولقد لمست ذلك بنفسي.. فالتحدي لقهر المستحيل شاهدته في عيونهم ودقات قلوبهم، التي لا تعرف الضعف أو السكون".

ختاماً.. إذا ما أريد لتحركات مسيرة العودة الكبرى أن تنجح وتحقق أهدافها، فإن على الفصائل جميعاً أن تبتعد عن ركوب الموجة ومحاولة تجيير الحراك وكأنها ابن جلا وطلاع الثنايا.. هذه المسيرة فكرة شبابية بامتياز، ونمط سلمي جديد في المقاومة، والمطلوب دعمه بكل السبل كتعبير عن وحدة الشارع الفلسطيني، وسد باب الذرائع أمام الاحتلال لعسكرة هذا الحراك وشيطنته، لتمارس إسرائيل هوايتها في القتل والتدمير.

إن رسالة هؤلاء الشباب من خلال هذه الفعاليات اللاعنفية هي أن "سلميتنا أقوى من الرصاص"، وأن على العالم أن يعي ويتفهم بأننا شعب ملَّ وضجر من معاناة اللجوء والشتات وفقدان الأمل، وأنه عاقد العزم بالعودة السلمية إلى أرضه، مهما كلَّفه ذلك من التضحيات، وشعار هذا الشباب في حراكه السلمي اليوم: "احرص على الموت توهب لك الحياة".