كشفت دراسة أمريكية حديثة، أن استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي المستمر للغاز المسيل للدموع خلال قمعها المظاهرات الفلسطينية السلمية، يدمّر الصحتين الجسدية والنفسية للفلسطينيين لا سيما النساء والأطفال والمسنين.
وأكدت على أنه "لم يسبق من قبل أن استخدمت هذه الكميات من الغاز المسيل للدموع في منطقة ما حول العالم".
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده مدير عمليات وكالة الغوث في الضفة الغربية سكوت اندرسون، اليوم الأربعاء، في مخيم عايدة للاجئين، في محافظة بيت لحم، وعرض فيه ما توصلت له الدراسة التي أعدها خبراء طبيون من مركز "بيركلي" لحقوق الإنسان في جامعة كاليفورنيا الأميركية، وبتكليف من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
وشدد على أن مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين، هو أكثر المناطق تعرضاً للغاز المسيل للدموع على مستوى العالم، حيث يتعرض باستمرار كغيره من المناطق المحتلة لإطلاق قنابل الغاز، وأحيانا يوميا، لقمع احتجاجات فلسطينية سلمية.
وأجرى فريق البحث مسحا ميدانيا على سكان المخيم، شمل 236 شخصا، فضلا عن 10 مجموعات أخرى من السكان تركزت في مخيمي عايدة والدهيشة جنوب شرق بيت لحم، خلال شهر آب/ أغسطس الماضي.
وحملت الدراسة عنوان، "لا مساحة آمنة: الآثار الصحية للتعرض للغاز المسيل للدموع بين اللاجئين الفلسطينيين".
وكشفت النتائج: أن 100? من السكان الذين شملهم الاستطلاع تعرضوا للغاز المسيل للدموع، العام الماضي، إذ تعرض 84.3? منهم للغاز وهم في منازلهم، بينما أفاد 9.4? بأنهم استنشقوا الغاز وهم في أماكن العمل، و10.7? وهم في المدارس، و8.5? وهم في السيارات.
وبينت الدراسة أن الآثار الجسدية للغاز المسيل للدموع على الفلسطينيين، صغارا وكبارا، تمثلت في فقدان الوعي، والإجهاض، وصعوبات في التنفس، بما فيها الربو والسعال، والدوار، والطفح الجلدي، والألم الشديد، والتهاب الجلد التحسسي، والصداع، والتهيج العصبي، والصدمة الحادة من إصابات الأوعية، وغيرها.
وأفادت سيدات من مخيم عايدة بتعرضهن للإجهاض بعد فترة وجيزة من استنشاق الغاز المسيل للدموع.
أما آثار الغاز على الصحة النفسية، فتمثلت في الضائقة النفسية، التي أدت إلى اضطراب النوم، واستجابات التوتر الحادة، واضطراب الإجهاد المزمن والصدمة، حسب الدراسة.
وعن آثار الغاز على الحياة اليومية للأطفال والمعلمين في المدارس، أفاد الأطفال والمعلمون بأنهم غير قادرين على القيام بأنشطة مدرسية خلال إطلاق قوات الاحتلال الغاز على المخيم، إذ يدخل الغاز بانتظام إلى المباني والمجمّعات المدرسية.
وقال اندرسون، إن نساء مخيم عايدة يخبأن أطفالهن في خزائن المنازل عند إطلاق الجنود الغاز، لحمايتهم من الاختناق.
وخلص الباحثون إلى أن إسرائيل تستخدم الغاز المسيل للدموع بطريقة واسعة الانتشار ومتكررة وعشوائية، وقد تكون مخالفة للقواعد الدولية.
وأثبتت الدراسة أنه "لم يسبق من قبل أن استخدمت هذه الكميات من الغاز المسيل للدموع في منطقة ما حول العالم، طوال هذا الوقت من الزمن".
وأضافت: "هذه الكمية من الغاز المسيل للدموع يتم إطلاقها على هذه الأحياء الفقيرة الصغيرة ليس على مدى أسابيع، ولكن على مدى سنوات ولم نر أو نسمع عن ذلك في أي مكان آخر في العالم".
ودعا القائمون على الدراسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى التوقف فورا عن استخدام الغاز المسيل للدموع بطرق تزيد من خطر الإصابة والوفاة غير المبررة، مثل إطلاق القنابل مباشرة على الفلسطينيين أو استخدام الغاز في أماكن ضيقة، في ظل وجود طرق محدودة للهرب.
ولهذا الغرض قال اندرسون، اجتمع المسؤولون في الوكالة وناقشوا الوضع مع الجانب الإسرائيلي.
وشدّد الباحثون في الدراسة ضرورة أن تكشف الحكومة الإسرائيلية عن معلومات بشأن أنواع المهيجات الكيميائية المستخدمة في الضفة الغربية، بما في ذلك تركيبها الكيميائي، ليتمكن المختصون من تقديم العلاج المناسب للمصابين باختناقات الغاز.
وذكر اندرسون، أن الوكالة ستبني مركزا صحيا إلى جانب مدرسة للذكور في مخيم عايدة يبدأ العمل فيها قريبا بتكلفة 4.5 مليون دولار، إلى جانب مشاريع صغيرة للاجئين في المخيم.
وجرى تكريم 20 شخصا من الراصدين المحليين والذين قاموا بالاستطلاعات والمساعدة في إنجاز الدراسة من قبل اندرسون ومدير منطقة الخليل في وكالة الغوث أمجد أبو لبن، بحضور فعاليات مخيم عايدة والمدرسين والمدرسات والمهتمين.