هل زادت الخلافات بين الناس؟

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

كنت اجالس ومجموعة من رجال الاصلاح بين الناس، ودار الحديث مطولا عن المشاكل الاجتماعية ونوعيتها واختلاف المستوى الاقتصادي والاجتماعي لاصحاب تلك القضايا، فسألت: هل زادت نسبة المشاكل في المجتمع الفلسطيني كما يقرأ المتابع البعيد مثلي، جاء الجواب مفاجئا ومجلجلا: لم ترتفع نسبة المشاكل ولكن الارادة لكبح جماحها ضعيفة .
من هنا تبدأ الحكاية حكاية تنامي التشاحن الجار لا يطيق جاره والقريب لا يطيق قريبه وتقاطع المرآة لأنها ابنة فلان الذي هو طرف المشكلة والتشاحن، وتحلف الايمان مغلظة: لما اموت ما يحضروا جنازتي ولا عزائي تلك وصيتي، وشبر الارض يصبح قضية اخذ ورد وتشاحن وبغضاء، والاملاك وقسمة الاملاك بغير تراضي، والارث، وحكاية الناس مع تطويب الاراضي ورؤيتهم لها.
ولا تقف الحكاية هنا، بل تلبس لباسا اخر ويصبح من يرتدي الطقم الفاخر ينصب المكائد لزميله في العمل لأنه لا يقبل قواعد التنافس المهني الشريف وتفاوت القدرات المهنية والنمو المهني الطبيعي وتراكم الخبرات التي تصنع من شخص قائدا اداريا ومبادرا ومميزا بينما قدرات الاخر لا تتيح له ذلك، فوجب هنا التحول الى لعبة المكائد، محدثي قال:  أن المزاحمة غير الشريفة وصلت الى درجات غير مقبولة دون أي حسم اذا لم يكن قبولها وتحويلها الى جزء من ثقافة المؤسسة .
ويستمر المسلسل بالتتابع فيفاتحني مجموعة من رجال الاعمال بواقع الحال ومحور المفاتحة المزاحمة غير المهنية والمسنودة بمنطق ليس مهنيا وبالتالي تصبح واقعا ومعالجته تواجه بحقائق باتت قائمة على الارض وتشكل واقعا لا يمكن تجاوزه بالقانون ولا بالتعليمات من منطلق عدم الاخلال بالواقع الاجتماعي والتسبب بزيادة نسبة البطالة والفقر.
اما الاكثر خطورة في التشاحن والبغضاء وغياب دور مؤثر للمرجعيات الضابطة تتعلق بسوء استخدام الموقع والمنصب لتصفية حسابات لا علاقة لها بالتقييم المهني والاداء واستحقاقات الرقي الوظيفي، وخير مثال يتعلق بالموقع المتحقق نتيجة انتخابات لا يمنح صلاحية بالبطش باصحاب حق الانتخاب ضمن خلافات لا علاقة لها بالعمل او استنادا لاجراءت اتخذت من قبل منتخبين سابقين كان الشخص هدف العقاب والاقصاء مجرد كاتب محضر وناسخا للقرار ليس الا.
ما زال البلد بخير ولن يغيب اهل الاصلاح ولن يختفي العقلاء اهل الرط والعزم، ولن نقبل ان تسود ظاهرة التشاحن والبغضاء لأن الخير في البلد واهلها قائم ودائم، وبات ملحا ان تنظم عمليات الاصلاح واحلال الوئام مكان الخصام ضمن مرجعية واضحة سواء كانت في كل محافظة بمحافظتها بحيث تكون عاملة ضمن خطوط مرجعية واضحة وغياب الهوى والميل القلبي. ان تراكم القضايا دون حلول حاسمة فتتفاقم الامور أكثر مما هي عليه دون مبرر الا التراكم وعدم تحديد سقف زمني مناسب، وضرورة الاجماع من طرفي الخلاف على المصلح بينهما.