أثار نشر فيديو لتنظيم «داعش » يتوعد فيه حركة حماس في قطاع غزة ، ببحر من الدماء والأشلاء حالة من المخاوف في أوساط المواطنين المحليين خشية تنفيذ التنظيم لتهديداته وإدخال القطاع المنهك بفعل الحصار والانقسام والعدوان الإسرائيلي في موجة جديدة من العنف.
ويرى خبراء أن هذه التهديدات يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وأن يتم التعامل معها بدون تهويل أو تقليل منها.
واستبعد د. عدنان أبوعامر، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، وجود تنظيمي فعلي لتنظيم الدولة في قطاع غزة لافتا أن الموجود حالات فردية ومتفرقة تحمل فكر قريب من فكر التنظيم، دون ارتباط عضوي فيه.
وفيما يتعلق بالفيديو الذي تم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي قال أبوعامر «لا يمكن اعتبار كل شيء ميداني جدي ولكن هذا لا يعني أن يتم تجاهله تماما»، وأوضح أن حالة من المخاوف والحذر المتزايد تسود قطاع غزة تحسبا من مغبة قيام بعض العناصر بنقل نماذج موجودة في الدول المجاورة ووفق أبوعامر فإن الأجهزة الأمنية في غزة تحاول بشتى الطرق التعامل مع هذه السيناريوهات من خلال حوارات فكرية مع هذه المجموعات لإقناعها بأن ما تحمله من فكر خاطئ وبعيد عن سماحة الدين الإسلامي .
وقال أبوعامر «أن الأجهزة الأمنية في القطاع لا تألو جهدا في إحباط أي أعمال ميدانية أمنية يمكن أن تمس امن واستقرار القطاع» مؤكدا أن الأجهزة الأمنية نجحت حتى الآن في إحباط كل المحاولات لزعزعة امن القطاع والنيل من استقراره .
وبحسب أبوعامر فإن المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة يرفض أي محاولات لمحاكاة ما يجري في الدول المجاورة، ويسوده الإسلام الوسطي، مؤكدا أن قطاع غزة يشهد التفافا جماهيريا نسبيا حول الأجهزة الأمنية في مكافحة تنامي هذه الجماعات، ورغم الخلاف بين حماس والقوى الوطنية واليسارية والعلمانية إلا أنها تقف جنا إلى جنب في مواجهة هذه الظاهرة .
وأكد أبوعامر أن حماس تسعى بكل قوتها للقضاء على أي ظواهر أمنية من شأنها زعزعة الأمن داخل القطاع وعلى حدوده الداخلية والخارجية .
وبالعودة إلى بدء انتشار الفكر الإسلامي المتشدد قال أبوعامر «بدأت الأفكار السلفية الجهادية تنتشر في القطاع بعد دخول حماس الانتخابات السياسية عام 2006، واعتبارها بذلك تخالف الشريعة وأضاف» كما أن هناك البعض ممن لهم مشاكل شخصية مع حماس وجدوا في تبني أفكار السلفية الجهادية ملاذا وحماية«وتابع :»هذه الأسباب إضافة لوضع غزة الداخلي من حصار وانقسام وفقر وعدم وجود أفق سياسي دفع بالبعض الذهاب لتبني أفكارا أكثر تشددا ..
من جهته اعتبر د. جمال أبونحل كاتب متخصص في الحركات الإسلامية أن الفكر الإسلامي المتطرف نشأ مع الدكتور عبداللطيف موسى الذي أعلن الإمارة الإسلامية بعد سنتين من سيطرة حماس على قطاع غزة، وتم مواجهته بالقوة المسلحة، وقتله مع عشرين من أنصاره عام 2009، لافتا أن محاولة عبداللطيف موسى سبقها إرهاصات لبعض من يحملون الفكر المتطرف، الخارجون من رحم حماس والجهاد الإسلامي ،وتابع «بعد القضاء على موسى، بدأت هذه العناصر بالعودة إلى حماس والجهاد، لحماية نفسها، وبدأت تعمل في الخفاء لتقوية ذاتها وتكوين قاعد قوية من التنظيم. وبدأ يزداد الفكر المتطرف في فلسطين مع قوة شوكتها في العراق والشام وقال» في فبراير 2014 أعلنت داعش عن نفسها رسميا في قطاع غزة، بنشر فيديو لعدد من الأشخاص يرفعون راية داعش ويعلنون عن أنفسهم «
ويتفق أبونحل مع أبوعامر في بعض أسباب انتشار الفكر المتطرف بغزة فيما يتعلق بالانقسام والفقر وعدم وضوح الرؤية، وعدم وجود مستقبل واضح
وبعكس أبوعامر يرى أبونحل أن قوة داعش في قطاع غزة بدأت تزداد ولا يمكن الاستهانة بتا ولا يجب التهاون معها وان كانت ليست بمستوى قوة داعش في الشام والعراق .
ويفسر أبونحل مخاوفه بالتفجيرات التي حدثت في أماكن متفرقة، وما تبعها من إزالة مصلى تابع للتنظيم في وسط قطاع غزة، والمواجهة التي أسفرت عن مقتل أحد عناصر داعش (الحنر) وخروج مسيرات احتفالا بسيطرة داعش على مدن عراقية ناهيك عن المسيرات المناهضة للرسومات المسيئة للرسول والتي قامت بحرق المركز الفرنسي في غزة، وقال «أعدادهم في ازدياد وموجودين بالفعل على الأرض ولهم قادة معروفين»
وتابع «الجماعات السلفية الجهادية في غزة، لا تنكر ارتباطها بداعش، هم يريدون تواصل حقيقي وفكري وتنظيمي ومالي بتنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق وخروج بعض العناصر من قطاع غزة والالتحاق بالتنظيم في الشام يشكل خطورة على القطاع وليس العكس لما يتبعه من تواصل تقني بينهم وبين أنصارهم في غزة»
ويرى أبونحل أن العلاقات الإقليمية بين داعش في غزة والخارج أصبحت أكثر قوة، بدليل أن هناك الكثير من الوساطات العربية التي حاولت أن تمنع حماس من ملاحقة عناصر السلفية الجهادية في القطاع، وطالبتها بالإفراج عن بعض المعتقلين منهم في سجونها.
ويقول أبونحل أن الأمر يحتاج إلى حل لان قوة حماس على الأرض أن لم تحسم هذا الأمر سيكون الأمر أكثر خطورة .
وبحسب أبونحل فإن حماس تستطيع أن تقضي عليهم بإنهاء الانقسام والذهاب للمصالحة والتحالف مع الفصائل الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية قوية قادرة على مجابهة الفكر المتطرف .
ويعتقد أبونحل ا ن حماس لن تسمح لأحد أن يهدد حكمها في غزة، وستضرب بيد من حديد، من يحاول ذلك وسيكون لها رد حاسم مع تنظيم الدولة «
وكان القيادي في حركة حماس محمود الزهار أكد في رد سابق على تهديد داعش بأن ظاهرة تنظيم الدولة ظاهرة صغيرة محصورة في مجموعة يتقلبون ويتنقلون بين الفصائل، ويتم التعامل معهم وفق الأصول القانونية أمنياً في حال ارتكاب مخالفات، ومناقشتهم فكرياً".