أهمية انعقاد المجلس الوطني وضرورة إعادة النظر بمواقف المقاطعة

التقاط.PNG
حجم الخط

 

وسط التحديات الجسام التي تواجه شعبنا وقضيته سواء ما يتعلق بممارسات الاحتلال الاسرائيلي أو مواقف إدارة الرئيس الاميركي، دونالد ترامب، التي تستهدف حقوق شعبنا المشروعة، وفي الوقت الذي سيعقد فيه المجلس الوطني الفلسطيني بعد غد في رام الله، لرسم الطريق في مواجهة هذه التحديات فإن شعبنا يقف حائراً أمام مواقف بعض الفصائل المؤسفة، التي أعلنت بأنها ستقاطع اجتماعات المجلس، ضاربة عرض الحائط أهمية حضور اجتماعات أعلى مرجعية تشريعية لمنظمة التحرير، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا.

نحن نفهم أن هناك خلافات بين «فتح» وهذه الفصائل ولكن «فتح» ليست الوحيدة كما أن هذه الفصائل ليست الوحيدة صاحبة الحق في رسم مستقبل ومصير الشعب الفلسطيني، بل إن المجلس الوطني بكل القوى التمثيلية فيه هو الذي يمثل الشعب الفلسطيني، وصاحب الحق في إقرار برنامجه السياسي.

الزعامة الحقيقية لا تحل المشاكل المعقدة بالهروب من استحقاقات عقد المجلس أو ما سيصدر عنه من قرارات مصيرية تستهدف الحفاظ على حقوق شعبنا ومواجهة مخططات الاحتلال وحلفائه، ومن المستغرب بأن «حماس» و«الجهاد» وهما فصيلان مهمان على الساحة الفلسطينية ويرفعان لواء الاسلام يتناسيان ما ورد في القرآن الكريم وفي سورة عمران «١٠٢» (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) ويصران على استمرار هذا الانقسام وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية.

الشعب الفلسطيني صبر على مأساة الانفصال أحد عشر عاماً وهو يقاسي تداعيات هذا الانفصال إضافة الى معاناته جراء الاحتلال وممارساته.

المجلس الوطني الفلسطيني، أسسه الراحل أحمد الشقيري، كي يوجد الجهد الفلسطيني والقرار الفلسطيني، وليس كي يفرق بين ممثلي الشعب الفلسطيني. والسؤال الذي يطرح هو: لماذا لا تحضر جميع الفصائل والمستقلين إضافة لحماس والجهاد الاسلامي أعمال المجلس وللجميع الحق بالتعبير عن المواقف والبرامج التي يريدونها ومن حق أعضاء المجلس الموافقة أو رفض هذه المقترحات خصوصاً أن الأغلبية ليست بيد «فتح». أما الهروب الى الأمام فهي طريقة من طرق تكريس الانقسام والابتعاد عن الديمقراطية والتي تأسس المجلس من أجل تعزيزها أيضاً.

نحن نفهم بأن خلافات «فتح» و«حماس» قد تكون صعبة ولكن فلسطين أهم بكثير من فتح وحماس أو أي فصيل. وكان الأجدر أن يجلس قادة هذين الفصيلين في غرفة مغلقة لا يغادرانها حتى يخرج الدخان الأبيض كي يرتاح الشعب الفلسطيني الذي يقاوم المحتل بصدور عارية ولا يبالي بأي فصيل عند الحديث عن حقوقه وعن الاحتلال.

إننا كمواطنين مستقلين نستغرب جداً قرار قيادة الجبهة الشعبية عدم المشاركة في أعمال المجلس لأن الأخ الراحل الدكتور جورج حبش، وهو المؤسس لهذا الفصيل، كان من الزعماء الذين يصرون على حضور جميع أعمال المجلس الوطني مهما كان من خلافات سياسية بينه وبين «فتح» وكان حريصاً على التمسك بوحدانية تمثيل منظمة التحرير لشعبنا وحريصاً على احترام قرارات المجلس وآلية العمل الديمقراطية، حتى أن خالف رأي الأغلبية رأيه.

ونحن وبهذه الظروف الصعبة التي تواجهها قضيتنا المقدسة نهيب بزعماء الجبهة بأن يعيدوا النظر بقرارهم، وخصوصاً بعد ان اتخذ قرار بأنه في حالة إنهاء الانفصال فإن رئاسة المجلس ستتخذ قرار فوريا بعقد جلسة بعد ثلاثة شهور فقط لمجلس وطني جديد تشترك فيه جميع الفصائل الفلسطينية.

ان الوطنية الصادقة لا تكمن في الهروب من مستحقات القضية الفلسطينية المقدسة أو مواجهة التحديات السياسية والميدانية ولكن بالمشاركة لصالح شعبنا وقضيته وخصوصا بعد ان اعلن ترامب نقل سفارة اميركا من تل أبيب للقدس واعترف بالمدينة المقدسة عاصمة للاحتلال وحاول تصفية قضية اللاجئين.

بالأمس كانت الوفود الفلسطينية تتهرب من حضور المؤتمرات الدولية عندما كان مندوب اسرائيل يقف على المنصة ليلقي كلمته أو يحضر للمشاركة ومن ثم اكتشفنا بأن من الخطأ ترك الساحة للأعداء وأصبحنا نحضر جميع هذه المؤتمرات ونواجه رواية المحتل واكاذيبه وانقلبت الآية وأصبح المحتل يهرب عندما يرى الفلسطيني يفند الممارسات الاسرائيلية التي تتناقص مع القرارات والقوانين الدولية، ويظهر أوجه الغطرسة الاسرائيلية.

وهنا نحن نتحدث عن أخوة المصير والهم الواحد حيث ان علينا الجلوس معاً كي نخرج بقرارات واحدة ضد احتلال غاضب وضد حلفائه.

وبما أن المجلس الوطني هو الحاضن لجميع أطياف الشعب الفلسطيني من عمال وفلاحين ومفكرين ونقابات وهيئات شعبية وقوى سياسية فان ذلك يقوي ويدعم شرعيتنا كي يعلم العالم أجمع بأننا متحدين بقراراتنا الوطنية ومتمسكين بنضالنا وحقنا حتى نقيم دولتنا المستقلة ذات السيادة على أرضنا وأرض أجدادنا وعاصمتها القدس وننتزع حق اللاجئين في العودة والتعويض.

وفي ظل هذا الوضع الانفصالي المأساوي يخرج علينا بعض الزعماء بتصريحات غير مسؤولة بالادعاء بأن السلطة تريد عقد المجلس لتمرير مقررات لا تخدم الشعب الفلسطيني، متجاهلين ان الاخ الرئيس محمود عباس هو أول زعيم عربي يقول لا للقوة العظمى الأولى ويتمسك بحقوق شعبنا الثابتة والمشروعة، وهو الموقف الرسمي الذي أكدته القيادة الفلسطينية، وأن الأخ الرئيس في حركة متواصلة في مختلف عواصم العالم والمحافل الدولية لإحباط كل المخططات التي تستهدف شعبنا وحقوقه المشروعة.

ان انعقاد المجلس الوطني واجب وطني، خصوصا بهذه الظروف الصعبة التي تمر بها قضيتنا كي نخرج بقرارات بمستوى خطورة التحديات، وأيضا لانتخاب أعضاء جدد في منظمة التحرير لأننا نريد دماء شابة تأخذ المسؤولية الوطنية وتواصل المسيرة وخصوصا بأن الكثير من الأعضاء أصبحوا في سن التقاعد، وبعضهم توفاه الله، سواء في المجلس الوطني أو اللجنة التنفيذية أو المجلس المركزي وغيرها من مؤسسات منظمة التحرير.

الشعب الفلسطيني يهيب بجميع الرافضين ويطالبهم بحضور المجلس الوطني والابتعاد عن الأفكار الانفصالية وتغليب مصلحة شعبنا الفلسطيني وقضيته، وليطرح الجميع مواقفهم للنقاش ومن ثم الخروج ببرنامج موحد أو برنامج تدعمه الغالبية واحترام المقررات والعمل على تنفيذها بجهد موحد.

ان مقولة أن الاحتلال لا يسمح بدخول بعض أعضاء حماس أو أعضاء الجهاد أو أعضاء الجبهة الشعبية الى الضفة لحضور جلسات المجلس الوطني ليس مبرراً مقنعا للمقاطعة لأن الضفة فيها من زعماء وأعضاء هذه الفصائل الكثير ممن يستطيعون تمثيل الفصائل الرافضة لحضور اجتماعات المجلس الوطني، كما ان رئاسة المجلس تستطيع ان تؤمن الاتصالات اللازمة مع قيادات هذه الفصائل التي لا تستطيع الاشتراك في أعمال المجلس الوطني بوسائل مختلفة .

يبقى أن نؤكد مجددا ان الهروب والتعنّت والإصرار على عدم الحضور في ظل هذه الظروف الحرجة يعني التهرب من المسؤولية ومواجهة استحقاقات المرحلة.

ونرجو من جميع الرافضين إعادة النظر بمواقفهما والعودة والاستجابة لارادة هذا الشعب المقاوم والصابر على محتل ليس لديه أي من مقومات الانسانية يتفنن في تعذيب هذا الشعب، وقد آن الأوان بأن تصحو زعاماتنا من كابوس الانفصال وتعزز مجدداً وحدة الشعب والأرض ووحدة جميع القوى وأطياف الشعب الفلسطيني في الداخل وفي مخيمات الشتات.