اقتصادنا إلى أين؟

صلاح هنية.jpg
حجم الخط

دخلت فرع احد البنوك لأجد نفسي احصل على الرقم ولا اجلس على الكراسي كالعادة، بل تشير إلي الموظفة: "ما في حد شرف أستاذ"، ظننت أن الأمر عابر، أجريت ذات التجربة في فرع بنك آخر وسط البلد ودائم الاكتظاظ وتحتاج إلى ساعتين على الأقل لإنهاء معاملتك فوجدت الأمر يتكرر من حيث عدم وجود زبائن وسرعة المعاملة، استفسرت من مدير احد البنوك فخاطبني كأني مستشرق أو جئت جمع شمل إلى البلد: الأمر انعكاس للوضع الاقتصادي العام وانعكاساته على القطاعات كافة.
أيام ويصعد إلى واجهة النقاش الاقتصادي ارتفاع نسبة الشيكات المرتجعة لأسباب مختلفة ومتنوعة وبانعكاسات متنوعة ومضمون النقاش يقود إلى نتيجة "ما في اليد حيلة"، وتعود الحكاية إلى اصلها "البيئة القانونية والتشريعية"، وتستمر بهذا الاتجاه صوب القضاء ونيابة الجرائم الاقتصادية وتكيف القضايا وسرعة الإجراء القانوني مع الحفاظ على أركان المحكمة العادلة.
في جلسة غير رسمية مع مختصين استرسلوا بالشرح عن حال المقاولين وتراجع إمكانية المقاول الفلسطيني لتراكم المستحقات وضعف الإشراف الفني من المهندسين الذين يكررون الأوامر التغيرية التي ترفع الكلفة دون تغطية مالية، وعدم القدرة على إدارة الدفة بين المقاول والمكتب الاستشاري، وتأخر صرف المستحقات، وانكشاف بعض المقاولين للبنوك، وتتضاعف خسارة المقاول من زيادة المدة الزمنية للمشروع وهي الزيادة على المدة الزمنية المقرة في وصف المشروع.
وما هي إلا ساعات ويتصدر شهر رمضان المبارك المساحة الاقتصادية ونشمر عن سواعدنا لنتابع "إشهار الأسعار" على أساس انه لا علاقة لنا بهذا البند القانوني بقية العام، ونشحذ الهمم باتجاه تدخلات لضبط أسعار المواد الأساسية في رمضان ولا نفلح، وترتفع الأسعار عن السقف السعري العادل وتتحول كل الجهات الرقابية إلى إطفائية تلاحق ارتفاعا هناك لتطفئه وآخر هناك لترقعه وثالثا هناك لتوافق عليه على أساس أن الزبائن "عاوزين كده".
وتأتي جهينة بالخبر اليقين، وهو ان مليارا ومئتي مليون شيكل إنفاق الخزينة على وزارة الصحة، وفجأة نجد الأدوية غير المباعة تتربع على رفوف مستودعات أدوية وصيدليات ولا نعمم ولا نقول إن الجميع كذلك بالمطلق، ولكن جهينة أحيانا تعرف وتحرف فتوجه التهمة للمرضى انهم هم من يبيعون الأدوية للصيدليات والمستودعات، والمصيبة إن جهينة لا تعلم أن صيدليات وزارة الصحة لا يوجد فيها أصناف الأدوية كاملة من أساسه و"يا دوب".
حجم التحويلات ضخم إلى المستشفيات الخاصة، وفجأة تأتي المعلومة أن تهربا ضريبيا يقع في عدد من المستشفيات الخاصة رغم أن هناك أطباء يتضمنون قسما في مستشفى خاص ويتقاضى مبالغ طائلة ولكنه لا يدفع ضريبة دخل.
ونهاية الأمر يبقى المنتج الفلسطيني يعاني وحيدا ولا يجد له نصيرا ولا يجد التسهيلات اللازمة سواء عند استيراد المواد الخام، أو التصدير، أو تقليل كلفة الإنتاج، وتيسير النقل الداخلي للمنتجات، واستعادة ثقة المستهلك، ومنح الأفضلية للمنتجات الفلسطينية في الأسواق المنظمة.
ويستمر حديث الرأي العام الفلسطيني الذي يبحث عن قناة تأثير على صناعة القرار بعد انسداد قنوات التأثير، ومنهم من يكتب معبرا عنهم، ومنهم من صنع هتافا ليعلو الصوت، ومنهم من ينشد ويغني ويلحن ويرسم ليصل الصوت، وهناك من يضغط ويؤثر ليعكس صدى الصوت، وهناك من يتكاسل وينثر الإحباط وينشر عدواه تحت يافطة ما في أمل، ولكن الناس يقولون إن الأمل قائم وصناعة الأمل مستمرة وسننتزع البسمة باستمرار.