كشف معلق عسكري إسرائيلي بارز، الأسباب التي دفعت منفذي عملية اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش، والتي تؤكد العديد من الدلائل أن "إسرائيل" تقف خلفها؛ اختيار ماليزيا لتنفيذ تلك العملية.
وأكد الخبير والمعلق العسكري الإسرائيلي يوآب ليمور، أن "إسرائيل اغتالت في أكثر من مرة نشطاء وخبراء في قطاع غزة، وضربت البنى التحتية لإنتاج منظومات السلاح، وعملت بالتوازي في ساحات بعيدة كي تشوش على وصول الوسائل القتالية إلى غزة والمس بمن يشارك في إنتاجها ونقلها".
وأوضح أنه "من الطبيعي توجيه أصبع الاتهام باغتيال رجل حماس فادي البطش إلى إسرائيل، والذي تبين أنه يعمل على تطوير وسائل قتالية، ولا سيما الطائرات غير المأهولة"، مؤكداً أن "إسرائيل لم تخف سياستها في هذا الموضوع أبدًا؛ لا تلك التي تتعلق بتطوير الوسائل القتالية أو ضرب أعدائها، فالمعركة لم تنحصر أبداً في منطقة محددة".
ونوه ليمور في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، اليوم الأحد، إلى أن "النماذج على عمليات الاغتيال التي نفذتها الأذرع الإسرائيلية، لا تنقص؛ فبعضها كانت عمليات علنية وأخرى خفية؛ والنماذج البارزة في السنوات الأخيرة، كانت تصفية محمود المبحوح، في دبي في 2010، ومحمد الزواري، قبل سنة ونصف في تونس".
وأضاف: "هناك عمليات أخرى، لم يتم حل لغزها أو لم يكشف عنها بعد، لأنه ليس هناك دوما مصلحة للمصاب في الاعتراف بأنه مخترق استخبارياً وعسكرياً، كما ليس لدى الجانب الضارب دائمًا مصلحة في كشف أعماله والمخاطرة بالانتقام منه".
ورأى، أن "الخطر الأساسي" في عملية اغتيال البطش، يواجه بشكل أساسي "منفذي عملية التصفية"، لافتاً إلى أن "لماليزيا إيجابيات وسلبيات كمكان للنشاط (عمليات الاغتيال)، فهي دولة ذات أجهزة أمنيه ضعيفة، وهناك كثرة في الأجانب الذين يوفرون إمكانية سهلة للاختفاء في أوساطهم، كما أن هناك خيارات عديدة للهرب؛ البري والجوي".
وذكر أن "عملية المصادقة على مثل هذه العملية تتضمن مراحل عديدة؛ تبدأ بلجنة قادة الأجهزة الأمنية؛ التي تضم رؤساء الموساد، الشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية؛ التي تتولى جمع المعلومات وبعد ذلك التصفية، وتتواصل في جملة مداولات وإقرارات في داخل الهيئة المنفذة والقيادة السياسية".
وأشار إلى أن "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، استفادت من دروس الماضي في عمليات الاغتيال الفاشلة، مثل محاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن، ولذلك هي تولي أهمية خاصة لمكان التصفية".
وكشف ليمور، أن الشهيد البطش كان "سيسافر إلى مؤتمر في تركيا، وبعدها إلى لندن، فمن المعقول أن من اغتاله قرر الامتناع عن مواجهة علنية مع رجب طيب أردوغان (الرئيس التركي)، وبالتأكيد أيضاً مع بريطانيا؛ فهي حساسة جداً للموضوع، وذلك على خلفية المس بالجواسيس الروس السابقين على أراضيها".
وتابع: "من هنا فإن ماليزيا رغم نواقصها، هي هدف مريح نسبياً للعملية، وفي الغالب يعتبر جانب الاغتيال هو الأقل تعقيدًا في العملية"، موضحاً أن هناك خطوات "أكثر تعقيداً بكثير منها؛ جمع المعلومات عن الهدف والذي يستغرق أحياناً سنوات ومكان سكنه وعمله، ولاحقاً اختيار مكان المس به لتقليص الضرر والخطر على المنفذين، وتوثيق العملية وشكل الدخول إلى الدولة والهروب منها".
ونبه الخبير، أن "مواضع القلق الإسرائيلية في مثل هذه العمليات كثيرة، حيث لا يتجول جاسوس أو مغتال في العالم بهويته الحقيقية، ولكن الأمريكيين، البريطانيين والروس يمكنهم أن يصدروا لرجالهم جوازات سفر أصيلة على اسم آخر؛ أما إسرائيل- وفق منشورات أجنبيه - تعتمد على جوازات سفر أجنبية وهويات مقترضة".
وفي العصر التكنولوجي الجديد، "خلقت أوجاع رأس غير بسيطة، فنشر صور أعضاء الخلية التي اغتالت المبحوح أوضح أن شيئاً ما تغير؛ وجانب إطلاق النار مهم بعيدًا عن أن يكون الأساس إذا كان يراد ضمان سلامة المنفذين ومنع تعرض إسرائيل للحرج السياسي"، وفق ليمور.
من هنا، "يمكن الافتراض أن الصور التي نشرتها شرطة ماليزيا لن تكشف هوية المنفذين"، وفق تأكيد الخبير الإسرائيلي الذي قال: "بخلاف فرضية العمل الماليزية؛ فإنهم غادروا الدولة بعد وقت قصير من عملية الاغتيال، وعلى أي حال باتوا يتواجدون منذ أيام عديدة في مكان آمن".
وفي نهاية مقاله، أكد أن "إسرائيل مؤيدة جداً للاغتيالات، كسياسة، ولم يكن فيها أي رئيس وزراء تجاوز الالتزام المتآكل بأننا؛ سنطارد العدو في كل مكان وفي كل زمان".
وبين أن "العمليات الناجحة تزيد الشهية وتسهل إقرار المزيد من العمليات، فيما تسببت الإخفاقات بالجمود والجفاف بنشاط وحدة الاغتيالات، ووقف النشاط؛ كما حدث بعد قضيتي مشعل والمبحوح، وفي المقابل تصفية عماد مغنية، أدت إلى فترة ازدهار للعمليات".
ونوه ليمور إلى أن "إسرائيل تشعر بحرية نسبية في العمل، حيال حماس، فلمثل هذه التصفيات أثر ثلاثي: فهي تخرج من اللعب محافل خطيرة، تردع العدو، كما شير إلى جهات أخرى بأن إسرائيل مصممة على الوقوف عند مبادئها ولن تتردد في اغتيال من يهددها؛ وهذا الأمر يتعلق بإيران".