08 تموز 2015
في واشنطن أعدوا منذ الان «خطاب الانجازات» الاحتفالي للاتفاق مع ايران، والذي يقف على قدمين تغرقان في مستنقع عميق. قدم تقول إن ايران ستكون على مسافة سنة واحدة من الاختراق للمادة المخصبة لانتاج قنبلة نووية اولى. والقدم الثانية تتعلق بنظام الرقابة الوثيق الذي سيستمر نحو 10 سنوات. كل ما تبقى – كيف ستنفذ الرقابة في المستقبل، ما الذي ستكشفه ايران عن ماضيها المظلم في المجال النووي، متى ترفع العقوبات وفي أي ظروف تعاد العقوبات – هو خليط مغرق من المفاهيم القانونية التي ستبتلع مع الزمن الانجازات المزعومة للبيت الابيض.
يواصل الإيرانيون من جهتهم حتى اللحظة الاخيرة التنكيل بالأميركيين. في بداية الاسبوع طرحوا فجأة مطلبا جديدا لم يكن جزءا من المفاوضات. فقد أدخل وزير الخارجية الايراني، محمد ظريف، الى الغرفة عنزة في شكل مطلب لرفع كل القيود المفروضة على انتاج الصواريخ الباليستية. وذلك خلافا لكل التفاهمات المتعلقة بنظام الرقابة على تصدير برامج وتكنولوجيا الصواريخ (MTCR). وحتى أول من أمس حاول اعضاء مجلس الامن الدائمين ومندوب المانيا فهم هل هذه عنزة حقيقية أم هي عنزة تستهدف نزع مزيد من التنازلات من الغرب. ويواصل الايرانيون الضغط وهم سيفعلون ذلك حتى بعد خمس دقائق من انتهاء اللعبة وزيادة الزمن – فقط لأنهم يستطيعون.
في 9 حزيران سيخرج الكونغرس الأميركي في إجازة. حتى 8 منه يتعين على الإدارة أن تضع على طاولة الكونغرس الاتفاق المفصل، بملاحقه. وحسب التشريع، فان الكونغرس ملتزم بالاطلاع على الوثيقة واقرارها في غضون ثلاثين يوما. واذا ما عرضت الوثيقة مع 9 تموز، فان الامر سيتأجل لشهرين على الاقل. وفي ادارة اوباما يقدرون، وعن حق، بان الشهرين هما زمن طويل جدا سيسمح لمعارضي الاتفاق في مجلس النواب بأن يحاولوا تقويضه. وبالمقابل اذا ما عرضت الوثيقة الان، فللادارة اغلبية في الكونغرس لاقراره. وعليه ففي اسرائيل ايضا يقدرون بان الاتفاق سيوقع، هذا الاسبوع.
في هذه المعركة، في نهاية معركة الصد التي استمرت نحو 15 سنة، خسرت اسرائيل. وفي جهاز الامن ينشغلون منذ الان باليوم التالي: كيف ستبدو سلة التعويضات التي ستطلبها اسرائيل من الولايات المتحدة؟ ماذا ستكون الاستراتيجية الاسرائيلية في العصر الجديد وماذا سيكون حجم الميزانية حيال التهديد الايراني؟ من المعقول جدا ألا يضن وزير الدفاع، موشيه بوغي يعلون، الذي يتواجد هذا الاسبوع في ايطاليا، على مضيفيه الأوروبيين في ارائه عن الاتفاق.
في نهاية الاسبوع تغلب الأميركيون والاوروبيون على عائق مركزي واقاموا آلية «متجاوزة لمجلس الامن». فقد اراد الايرانيون نقل المداولات في حالات خرق الاتفاق الى مجلس الامن، حيث يوجد لديهم فيتو تلقائي من الصين وروسيا لمنع عودة العقوبات. ولكن الغرب نجح في اتخاذ قرار بتشكيل لجنة تتشكل من سبعة اعضاء، يوجد للأميركيين فيها اغلبية أربعة. ويمكن لهذه اللجنة ان تقرر اذا كان ارتكب خرق واذا كان ينبغي اعادة العقوبات. غير أن للايرانيين ايضا امكانية لرفع عدد لا يحصى من الشكاوى ضد الغرب على عدم الالتزام ببنود الاتفاق مما سيغرق اللجنة ويشلها.
لقد علق الأميركيون آمالهم على الوكالة الدولية للطاقة الذرية. فهي التي سيتعين عليها أن تفحص ماذا حصل في ايران في المجال النووي العسكري في الماضي، وهي التي يفترض أن تراقب بشكل وثيقة تنفيذ التعهدات الايرانية في المستقبل. غير أنه حتى الان لم يسمح الايرانيون لاي مراقب بالدخول الى منشأة عسكرية والنبش في ماضيها. وبالنسبة للمستقبل، يواصل الايرانيون الاصرار على أن كل زيارة «عفوية» في منشأة عسكرية ستتم بالتنسيق معهم.
مع التوقيع على الاتفاق سيحصل الايرانيون على حتى150 مليار دولار مجمدة في البنوك الغربية. وهم يطالبون الان بالالغاء الفوري لكل عقوبات مجلس الامن وفي غضون نصف سنة رفع العقوبات التي فرضها الكونغرس.
الأميركيون يقولون إن المال ستحصلون عليه، ولكن رفع عقوبات مجلس الامن والكونغرس سيأتي فقط بعد أن ترفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في غضون نصف سنة، التقرير عن مشروعكم النووي العسكري في الماضي. وماذا عن الرقابة في المستقبل؟ هنا ايضا يكسرون حتى الدقائق الاخيرة الرأس ويبحثون عن صيغة ذات مصداقية، غير مهينة، يمكن ان يبيعوها للكونغرس. وفي واقع الامر، فان كل القرارات التي اتخذها الأميركيون في الايام الاخيرة كانت قرارات تسويقية مع غمزة للكونغرس. لو كانت هذه الادارة هي التي ادارت أزمة كوبا في العام 1962، لكان الروس يسيطرون اليوم على العالم.
تخشى الادارة أن يتكرر خلل اتفاق الاطار في لوزان في اذار الان ايضا. ففي حينه عرض جون كيري مبادئ الاتفاق، وادعى الايرانيون بان هذا ليس ما اتفقنا عليه. وعليه فهذه المرة ينبغي أن يكون كل شيء موقعا، متفقا عليه، ومغلفا جيدا بالسوليفان، كي يباع في طهران وفي واشنطن على حد سواء. علم التسويق، كما يذكر، اخترعه الأميركيون. وهكذا سنحصل على منتج ايراني يغير موازين القوى في المنطقة، بتسويق أميركي كاسح ولامع.
عن «يديعوت»