خصصت صحيفة "نيويورك تايمز" افتتاحيتها للهجوم على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عقب تصريحاته التي أطلقها عن اللاسامية وعلاقتها باليهود.
وتشير الافتتاحية، إلى أن الرئيس اقتبس في كلمة له، ما قاله مفكرون يهود إن المعاداة للسامية نشأت بسبب النشاطات التجارية لليهود، وليس لأنهم يهود، لافتة إلى أن تصريحات عباس أثارت غضبا إسرائيليا وأمريكيا وتنديدات من الاتحاد الأوروبي.
وتقول الصحيفة، في عددها الصادر اليوم الجمعة، إن "عباس قام يوم الاثنين بتغذية أساطير معاداة للسامية ونظريات المؤامرة، ومعها قام بالتنازل عن مصداقيته كلها بصفته شريكا للسلام، لو عاد الفلسطينيون والإسرائيليون مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات".
وتلفت الافتتاحية، إلى أن "عباس (82 عاما) كان يتحدث أمام المجلس التشريعي الفلسطيني، حيث قال إن المذابح التي تعرض لها اليهود في أوروبا كانت نتاجا لنشاطاتهم التجارية، وليس بسبب دينهم ومعاداة السامية".
وتورد الصحيفة عن الرئيس، قوله: "المسألة اليهودية التي انتشرت في أوروبا لم تكن ضد دينهم، لكن ضد وظيفتهم الاجتماعية، التي ترتبط بالفائدة والبنوك وغيرها".
وترى الافتتاحية أن "ميول عباس المعادية للسامية ليست جديدة، ففي الثمانينيات من القرن الماضي كتب أطروحة، يبدو أنه طرح فيها أسئلة حول مقتل 6 ملايين في الهولوكوست، وعندما بدا كأنه خليفة محتمل للزعيم التاريخي ياسر عرفات، فإنه قلل في عام 2003 من تلك الفكرة، قائلا: (كانت الهولوكوست جريمة فظيعة ولا يمكن تناسيها ضد الشعب اليهودي، وجريمة لا يمكن أن تقبلها الإنسانية".
وتذكر الصحيفة أن "الأمور بدت جيدة عندما وقف عباس عام 1993 في ساحة البيت الأبيض، وراقب إسحق رابين وياسر عرفات يوقعان اتفاقية أوسلو، التي كان من المفترض أن تقود إلى السلام".
وتنوه الافتتاحية إلى أن "هذه المحاولة شهدت في السنوات اللاحقة مراحل من الصعود والهبوط، لكن الميل كان يتجه للأسفل بشكل مثير للكآبة، وتلاشى حلم الدولة الفلسطينية في وقت تعرض فيه عباس للضغط، فمنذ آخر جولة جدية من المحادثات عام 2014، وسع المتشددون الإسرائيليون من عملية بناء المستوطنات، وغطت المناطق التي كانت ستقام عليها الدولة الفلسطينية".
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم وعود الرئيس دونالد ترامب بخطة سلام، إلا أن شيئا لم يظهر، مع أن التقارير تشير إلى أنها ستحابي إسرائيل، مشيرة إلى أن الدول العربية، التي كانت راعية للفلسطينيين، فقدت الاهتمام وحرفت تركيزها إلى الحرب في اليمن وسوريا، ومواجهة التأثير الإيراني في المنطقة.
وتفيد الافتتاحية بأن "ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تحدث أثناء لقائه مع قادة يهود انتقد فيه القادة الفلسطينيين، واشتكى من رفضهم عروض إسرائيل للسلام".
وتشير الصحيفة إلى أن "عباس كان معارضا لعرفات في فترة الانتفاضة الثانية، في الفترة ما بين 2000- 2005، واعترف بإسرائيل، وكرس نفسه للمقاومة الشعبية، والتفاوض على حل الدولتين، واعتبره الغرب مهما بصفته خليفة لعرفات، وقام على مدى السنوات الماضية بنشر قوات الأمن الفلسطينية؛ لمساعدة إسرائيل في الضفة الغربية".
وتستدرك الافتتاحية بأن "الضغوط التي كان بعضها من صنعه، والآخر من صنع إسرائيل، التي تسيطر على كامل الضفة الغربية، كانت تتراكم عليه، وخسر عباس، الذي يقود نظاما فاسدا وعاجزا، الدعم بين الشعب الفلسطيني، وأضعف المؤسسات الفلسطينية المهمة لدولة المستقبل، ورفض عقد انتخابات جديدة، وتجاوز مدته القانونية بعدة سنوات، ومنع القيادة الفلسطينية الشابة من الظهور، وفشل كذلك في توحيد الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث يحكم فصيله، وهو حركة فتح، مع الذين يعيشون في ظروف يائسة في غزة، حيث تحكم حركة حماس".
وتجد الافتتاحية أن "خطاب عباس، الذي جاء في هذا المناخ الكئيب، يمثل انحطاطا جديدا، بلا شك فإنه يشعر بالمرارة والحصار من الأطراف كلها، لكن من خلال اللجوء إلى مشاعر المظلمة المتآكلة، فإنه أظهر أن الوقت قد حان ليغادر منصبه"
وتختم "نيويورك تايمز" افتتاحيتها بالقول: "يحتاج الفلسطينيون لقائد يتمتع بالطاقة والنزاهة والرؤية، قائد يملك فرصة أفضل لتحقيق الاستقلال الفلسطيني، ويمنح الفرصة للشعبين للعيش في سلام".