أكد رئيس الوزراء رامي الحمد الله على ضرورة الالتفاف حول المواقف الصلبة والشجاعة التي يبديها الرئيس محمود عباس، فقد استطاعت فلسطين، وهي دولة تحت الاحتلال يحاصرها الاستيطان والجدار، أن ترفض الضغوطات والإملاءات الأميركية، وأن تؤكد أهدافها وثوابتها الوطنية التي من أجل تحقيقها يضحي شعبنا الصامد".
وجدد الحمد الله مطالبة حركة حماس، بتسليم حكومة الوفاق الوطني، كافة المسؤوليات والصلاحيات بلا تأخير أو تجزئة، وتجنيب شعبنا المزيد من ويلات الانقسام الأسود.
ودعا رئيس الوزراء دول وشعوب العالم إلى الالتفات لكل المبادرات والبرامج الريادية والخلاقة في بلادنا وإلى تنامي واتساع إرادة الحياة والتقدم، واتخاذ خطوات رادعة للجم العدوان الإسرائيلي على أرضنا وأبنائنا ومقدرات شعبنا، وتوفير الحماية الدولية الفاعلة له، وتمكينه من العيش بحرية وكرامة في أرض وطنه، مشيرا إلى أن إحلال السلام العادل القائم على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وفق الحقوق التاريخية والاتفاقيات والقرارات الدولية، هو مصلحة كافة الأطراف ومفتاح الأمن والاستقرار في المنطقة وفي العالم أجمع.
جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح مهرجان جنين للتسوق 2018، اليوم السبت، في مدينة جنين، بحضور محافظ جنين إبراهيم رمضان، ووزير الحكم المحلي حسين الأعرج، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علام موسى، وعدد من ممثلي القطاع الخاص وشخصيات رسمية واعتبارية ودينية، والمؤسسات الراعية للمهرجان.
واستطرد الحمد الله: "يشرفني أن أشارك هذه المحافظة الصامدة فرحتها وهي تفتتح مهرجان التسوق وتفتح أبوابها للحاضرين من أنحاء مختلفة من الضفة الغربية ومن داخل أراضي الـ48، فمحافظة جنين تتجلى بصمود أهلها، إرادة الحياة والانتاج في وجه الاحتلال الإسرائيلي وممارساته وقيوده، وتزخر فيها صور التقدم والبناء، ويمثل هذا المهرجان، أحد هذه الصور، حيث يحول جنين إلى ساحة للتسوق والتسويق والسياحة ودعم المنتج الوطني والصناعات المحلية".
وأضاف رئيس الوزراء: "نيابة عن الرئيس محمود عباس وباسمي، أشكر كل الفعاليات والمؤسسات في محافظة جنين التي توحدت لإقامة هذا المهرجان في ظل هذه الأجواء من حسن التنظيم والتفاعل، وأرحب بالجمهور والمشاركين لا سيما أهلنا في الداخل، فحضوركم واستثماركم وأواصركم مع هذه المحافظة وباقي محافظات الوطن، إنما تساهم في تحقيق النهوض والتحول المطلوب ودفع عجلة الاقتصاد الوطني".
وتابع الحمد الله: "تقام هذه الفعالية الاقتصادية والوطنية، في خضم مؤامرات كبرى تعصف بشعبنا وقيادته، وتتهدد هويتنا ووحدتنا وحقوقنا التاريخية العادلة، حيث تواصل إسرائيل، بإتلافها اليميني المتطرف، وبدعم من الإدارة الأميركية، مخططات اقتلاع الوجود الفلسطيني وتشتيت القضية الوطنية، إذ تمعن في تشريع القوانين العنصرية، لتثبيت وتكريس احتلالها واستيطانها، وتهدم البيوت والمنشآت في القدس ومحيطها وفي المضارب والخرب وسائر المناطق المسماة (ج)، حيث هدمت قواتها منذ بداية هذا العام 169 منزلا ومنشأة تركزت أغلبها في القدس والخليل، إضافة إلى استمرارها في اعتقال الأطفال والنساء والمرضى وكبار السن، وقتل المدنيين العزل أثناء تظاهرهم سلميا في قطاع غزة، إذ وصل عدد الشهداء منذ إعلان ترمب إلى 84 شهيدا، منهم سبعة وأربعون خلال مسيرات العودة السلمية".
وأردف رئيس الوزراء: "لقد كان لزاما على القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس التصدي لمحاولات ضرب شرعيتها وتبديد حقوق شعبنا، فانعقد المجلس الوطني، رغم كل العقبات التي واجهته، ليحمي المشروع الوطني، ويفعل أطر وهياكل منظمة التحرير الفلسطينية، ويبلور استراتيجيات العمل للمرحلة المقبلة".
وأوضح رئيس الوزراء: "وسط هذه الصعاب وفي ظل تراجع المساعدات الخارجية، ينشط عمل حكومي حثيث لتعظيم الموارد الذاتية، واستنهاض اقتصادنا وتوفير البيئة المناسبة لدعم وتطوير ونمو قطاعنا الخاص من خلال تركيز التدخلات على تحسين بيئة الأعمال والاستثمار في فلسطين وتطوير بنيتها التحتية والتشريعية، حيث أجرينا تعديلات جوهرية على قانون تشجيع الاستثمار وبعض القوانين الاقتصادية، بما فيها رزمة الحوافز الضريبية وغير الضريبية، وعملنا على استحداث القوانين المنظمة للحياة الاقتصادية، كقانون الأصول والأملاك المنقولة، وبلورنا حوافز لمشاريع الطاقة المتجددة، والمشاريع في المدن والمناطق الصناعية، وعملنا على إنشاء وتشغيل المناطق الصناعية، في غزة وأريحا وبيت لحم وقريبا في محافظة جنين".
وأضاف: "في موازاة ذلك، انصبت جهودنا على تعزيز المنتجات الوطنية من خلال إعطاءها الأولوية في العطاءات والمشتريات الحكومية، وفرض رسوم جمركية بسقف لا يتجاوز 35% على 200 سلعة مستوردة، وتتواصل الشراكة مع قطاعنا الخاص لدعم وتحفيز القطاع الصناعي وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للصادرات، إضافة إلى تنويع الشركاء التجاريين وإيجاد أسواق بديلة والاستفادة من الاتفاقيات الموقعة والانضمام للمنظمات الدولية، وفي صلب كل هذا، أولينا اهتماما كبيرا لتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة والريادية، لما لها من أهمية في توفير فرص العمل وزيادة حجم الاستثمار والمبيعات".
وقال الحمد الله: "إن ما تقوم به الحكومة ومؤسساتها، وبتوجيهات الرئيس محمود عباس، في إطار من الشراكة والتعاون مع مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني، لتعزيز قدرة شعبنا على الصمود والبقاء، أصبح محل احترام وتقدير واهتمام دولي، عبرت عنها زيارة رئيس الوزراء الياباني قبل أيام إلى مدينة أريحا الزراعية الصناعية، التي تعتبر كبرى المشاريع اليابانية في فلسطين، وقد رصدت اليابان مشكورة مبلغ (25 مليون دولار) لإنشاء طريق خاص للمدن الصناعية يمتد من تجمع أريحا الصناعي إلى منطقة الشونة الصناعية بالأردن".
وتابع رئيس الوزراء: "يمثل مهرجان جنين للتسوق، فرصة للبناء على كل هذه الخطوات التي تحققت، فمثل هذه المبادرات والفعاليات الخلاقة، تساهم في استنهاض طاقات شعبنا وقطاعاته وتوجيهها نحو المزيد من التمكين الذاتي والاعتماد على القدرات والموارد والجهود الوطنية، فهو فرصة هامة لعرض المنتجات والخدمات الفلسطينية، وإطلاع المستهلكين على تميزها وتنوعها وقدرتها على المنافسة في مختلف مجالات الإنتاج".
واستدرك الحمد الله: "إن تدفق المواطنين من الضفة الغربية كما من الداخل إلى هذا المهرجان في جنين، لهو دليل على حالة النهوض والاستقرار التي تشهدها بلادنا والتي لم تكن لتحدث لولا العمل الوطني الذي تبذله مؤسستنا الأمنية لتكريس الاستقرار وحفظ الأمن والأمان، فالاستقرار يعد البنية التحتية والداعم الأول لتطور كافة القطاعات".
وأعرب عن شكره لمحافظة جنين، وأعضاء اللجنة العليا لهذا المهرجان، ونثمن عاليا كل الشراكات التي تنضوي في إطاره، والتي حولت المهرجان إلى صورة من صور التضامن والتكاتف والمسؤولية المجتمعية، كما إلى فعالية وطنية كبرى، وحلقة من حلقات التنمية الاقتصادية المحلية، أؤكد لكم جميعا أننا جادون في ترسيخ الاستقرار والأمن واجتثاث الفساد والجريمة، وفق متطلبات العدالة وسيادة القانون، وتوفير البيئة المناسبة لنمو الأعمال والاستثمارات والدفع بعجلة الإنتاج والتنمية والتصدير.
وكان رئيس الوزراء استهل جولته في جنين بالاجتماع مع محافظ جنين اللواء ابراهيم رمضان ومدراء المؤسسة الأمنية في المحافظة، وذلك في مقر المحافظة، حيث اطلع على الوضع الأمني، مشددا على ضرورة تكاتف المجتمع المدني ومساندة المؤسسة الأمنية في عملها، لتكريس حالة الاستقرار وتوفير الأمن والأمان للمواطنين في المحافظة.
وأعلن الحمد الله أن مجلس الوزراء سيعقد جلسة قريبة له في محافظة جنين، للاطلاع على احتياجات المحافظة من مشاريع، مشيرا إلى أن الحكومة سترصد 6 مليون دولار لصالح مشروع إعادة تأهيل شارع الشهداء "مدخل مدينة جنين"، مؤكدا أن محافظة جنين لها أولوية لدى القيادة والحكومة.