فلسطينية تقتحم عالم النحل والعسل!

maleha na7el
حجم الخط

  ما الذي يدعو امرأة حاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال إلى اقتحام عالم النحل المنظم؟ كيف استطاعت مليحة أن تقف أمام كل العقبات الأسرية والاقتصادية لتنجز مشروعها الخاص في تربية النحل وتعتلي بإرادتها عرشا بقي حكرا على الذكور؟

تستلقي على خدك الأيمن لتمتص الدهون ومن ثم تموت، تهرب الملكة وأفراد الخلية عندما تجوع، حينها تفر هاربة للبحث عن مصدر  رزق آخر في موسم التطريد،  وتبدأ بتشكيل 12 خلية نحل بيضاوية الشكل على شجرة مجاورة، مشهدٌ  دائما ما يتكرر في الرسوم المتحركة،  لا سيما وأنها لا تقبل بأن تشاركها ملكة أخرى في ذات العرش، هذا ما أثار اهتمام النحالة مليحة نصار بإنشاء مشروع " المنحل" لتربية النحل. " عالم النحل هو عالم مميز بطبيعته ونظامه، فهناك علاقة روحية جمعتني به، مدتها 5 سنوات " فتقول " أصبحت لدي مناعة ضد قرصة النحل" .

"البعض يجهل أهمية قرصة النحل، فهي مفيدة لعلاج ألم المفاصل والرقبة، إضافة إلى أهميتها في سحب الدهون من الجسم وتخفيف الوزن" . تتحدث مليحة عن النحل بشغف لم أشهده في ملامح أحد من قبل،  فقط خطت أولى خطواتها في الدخول لهذا العالم المنظم حسب وصفها بمشاركة النساء العاملات في تربية النحل في الريف وقرى المغير وابو فلاح ودير بزيع وكفرنعمة. "ضمن عملي السابق في مؤسسة مفتاح لدعم المشاريع، قمت بتنفيذ مشروع لمدة عامين، تضمن تشغيل 32 امرأة  من 4 قرى فلسطينية، وأبدعوا في مجال تربية النحل وإنتاج العسل، حتى أن نصفهم ما زالوا مستمرين في  مشاريعهم الخاصة ".

من خلال عمل مليحة في تمكين المرأة الريفية وتعزيز قدراتها على بناء مشروعها الخاص، كان لها أن تقف أمام كل العقبات الأسرية والاقتصادية لتنجز مشروعها الخاص في تربية النحل في بيرزيت. " انا عقلي تجاري، وهذا بحكم دراستي للماجستير في إدارة الاعمال، وانخراطي في النساء العاملات في النحل من قرى المحافظات المختلفة، وهذا ما دفعني لأن ارتدي اللباس الخاص لمربي النحل، واخرج معهم لأعيش التجربة ".

عالم صغير منظم، تكسوه البراويز والثقب السداسية ليظهر في مظهر ملفت، غير اجتهاد افراد خلية النحل واتحادها معا لرسم لوحة من العسل خارج البرواز تظهر كتحفة فنية متقنة من يد فنان، وهذا ما ذكرته مليحة حين قالت "يا ريت الدولة تشتغل زي نظام النحل ".

داخل الخلية تعتلي الملكة العرش، والذكور يتسابقون لتلقيحها، واللافت أن من يفوز بالملكة يموت، حينها تضع الملكة كما ذكرت مليحة " 1500 بيضة يوميا " هي كفيلة بزيادة موسم الإنتاج. المعروف أن الملكة هي من تبحث عن الطعام لإشباع جوع أفراد الخلية، والذكر هو من يقوم بالحراسة، وهنا تقول مليحة أن "المرأة تلعب دورا مهما في تمكين نفسها ذاتيا واقتصاديا ".

" بدأت مشروع النحل بأخذ قرض من مؤسسة اصالة لدعم المشاريع الصغيرة  بمبلغ  مقداره 15 ألف دولار، اي ما قيمته 20% من رأس مال مشروعي الخاص، اذ لم يكن القرض كافيا للمشروع وكان لا بد من طرق أخرى للحصول على خلايا للنحل، فحصلت على 20 خلية من أحد اقربائي، وبدأت بتطوير المشروع ".

مؤسسات الاقراض والداعمة لمشاريع النساء كما ذكرت مليحة، هي فقط من تقدم القروض  " من خلال عملي في مؤسسات الاقراض تواجه المرأة العاملة عبئا ماليا إضافيا بسبب القروض، وذلك لأنه يمكن أن تفشل في مشروعها لعدم وجود رقيب يوجهها بآلية إدارة المشروع وبذلك تواجه مشكلة في سد القروض ".

فجوة عقيمة بين صاحب المشروع والمؤسسات الداعمة،  ولكن هذا لم يشكل عائقا أمام مليحة فقد استطاعت  بجهودها الخاصة ان تدير مشروعها " المنحل" الذي يحتوي على 20 خلية نحل، تنتج عسلا جبليا يتميز بنكهة مختلفة لقرب الخلية من عشبة المرار المتوفرة في بيرزيت  "عشبة المرار مفيدة لمرضى السكري، ولذلك هذا يساعدني في إنتاج عسل يحتوي على نسبة كلوكوز بسيطة ".

" هو عسل بس مش حلو "، هذا هو الصنف الأجود برأي مليحة، حيث أضافت أن افضل أنواع العسل هو عسل "Pure " أي الصافي في طبيعته، الذي ينتج في موسم الربيع حيث تنتج الخلية عسلا طبيعيا دون إضافات السكر، أي تزويد الخلية بالسكر وهذا ما يميز العسل الطبيعي من المغشوش . " بعض النحالين يلجأون إلى إطعام الخلية بالماء والسكر لزيادة نسبة الإنتاج، اي بدل ان ينتج 2 كيلو عسل، يمكنك إنتاج 15 كيلو بهذه الطريقة، وبالنهاية هو عسل اصطناعي وليس طبيعيا، ولكن الكمية أكبر" هذا ما يعتمده بعض النحالين في فترة الشتاء، وأضافت مليحة " أنا انتج سنويا ما يقارب 130 كيلو غراما  من العسل الطبيعي وتختلف الكمية باختلاف الموسم"

. "إنتاج العسل يعتمد على موسم ربيعي جيد، والنحالون هذا العام يتوقعون إنتاج عسل بكمية جيدة، فتقلبات الطقس هذا العام أنتجت أزهارا بكمية جيدة، وخلقت موسما ربيعيا جيدا لإنتعاش النحل".

هذا ما أكدته مليحة فهي تسعى إلى تطوير عدد خلايا النحل في النحالة لتصل الى 50 خلية.