العالم مازال ينتظر ما ستسفر عنه الأزمة اليونانية الحالية، هل ستوافق اليونان على شروط الاتحاد الأوروبي ما يشكل بداية لحل الأزمة أم أن اليونانيين سيختارون الخروج من الاتحاد في سابقة سيكون لها أثرها الاقتصادي الكبير؟ ولكن الأهم كيف سيتأثر الفلسطيني بالأزمة اليونانية سواء على صعيد الواردات أو على صعيد المساعدات؟
هزة تهدد الاقتصاد العالمي وبخاصة منطقة اليورو بعد أن عجزت الجمهورية الهيلينية كما يسموها اهلها عن سداد تسديد دفعة من ديونها والبالغة 1,7 مليار دولار لصندوق النقد الدولي ، هي اليونان المتربعة على الرأس الجنوبي لشبة الجزيرة البلقانية واليوم تتربع على عرش الافلاس، ما جعل اقتصاد العالم الآن يقف على ناصية اليورو ليفكر مليا في اللجوء للدولار كبديل افضل في ظل انخفاض اليورو . ازمة يونانية تعصف بالاقتصاد الاوروبي وربما على الاقتصاد العالمي ايضا، اما الأسواق العربية فمنيت بخسائر حادة كغيرها من أسواق العالم، حيث تكبدت أكبر البورصات العربية وتحديدا سوق الأسهم السعودية خسائر فاقت الواحد بالمئة، لتسجل بذلك خسائر كبيرة بخاصة في أسواق المال، هزات متتالية تلتف حول الدول الأوروبية والعالمية والعربية، والامر لا يختلف في فلسطين، فما تأثير أزمة اليونان على الاقتصاد الفلسطيني؟ "الضرر الذي سيلحق بالاقتصاد الفلسطيني ليس جوهريا وغير ملموس "، هذا ما اكده المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم في حديثه للاقتصادي حيث أشار إلى أن تأثر الاقتصاد الفلسطيني بأزمة اليونان سيكون محدودا، لا سيما وان درجة اندماج الاقتصاد الفلسطيني بدول العالم مازالت محدودة، ونطاق الاستثمار واسواق المال في الخارج ضيقة، وتكاد لا يذكر .
خسائر محدودة
وأضاف " الخسائر التي تلحق بالاقتصاد الفلسطيني افرادا ومؤسسات محدودة للغاية، ويمكن أن يلحق الضرر ببعض المستثمرين بالاوراق المالية في اوروبا وامريكا واسيا، وحتى في الخليج العربي حيث من المتوقع أن تخسر الأسهم جزءا من قيمتها، مرجحا انخفاض عملة اليورو أكثر فأكثر اذا لم توافق اليونان على برنامج التقشف ضمن اتفاق الانقاذ الذي عرضه الاتحاد الاوروبي حيث من المرجح أن اليونان في ازمة فعلية. نظرة سلبية تجاه اليونان، فهي تتعثر الآن في تسديد ما يقارب 1,7 مليار دولار لصندوق النقد الدولي، ولذا أصبحت اليونان أول دولة متطورة تراكم مبالغ متأخرة حيال صندوق النقد ، ولم تعد قادرة على الافادة من الموارد المالية لهذه المؤسسة الدولية .
ماذا عن المساعدات الأوروبية؟
"اقتصاد اليونان لا يشكل 3% من الاقتصاد الاوروبي " وبالتالي المساعدات الاوروبية المقدمة للشعب الفلسطيني لانعاش اقتصاده لن تنقطع ولن تتقلص حسب ما ذكر عبد الكريم " الأزمة ليست عميقة لتجعل الاوروبيين يقلصون تقديم المساعدات للفلسطينين والتي تصل الى نسبة 50% ، لأن التجربة تقول غير ذلك، وحجم الضرر لن يجعلهم يعجزون عن تقديم 400 مليون يورو شهريا للفلسطينيين . اذا التأثير ليس بجارف والضرر يلحق بالأفراد من لديهم مصالح اقتصادية مع دول خارجية ، فلا يوجد استثمارات اجنبية داخلية متوقع سحبها، ولا يوجد استثمار في الخارج متوقع له أن يلحق به الضرر الكبير " الاقتصاد الفلسطيني وقف امام الأزمة العالمية، ولن يصعب عليه الوقوف امام أزمة اليورو ". المساعدات الأجنبية تلعب دورا كبيرا في تنشيط الاقتصاد الفلسطيني من خلال تقديم ما يقارب 100 مليون دولار شهريا تذهب بإتجاه تمويل نفقات الحكومة سواء نفقات تطويرية او تجارية، وبالتالي هذا يساعد على ضخ سيولة في شريان الاقتصاد الفلسطيني.
وقوف في وجه الأزمة العالمية
" في 2008 حدثت الأزمة العالمية ، واستمرت لسنوات ، ولم تغب المساعدات الدولية للفلسطينين ولم تتأثر وقد بلغت ذروتها في عام 2008 ، و2009، وبالتالي اشك أن هذه الأزمة ستقود الى قيام الدول بتخفيض مساعداتها، لأن الأزمة متوقعة وعمرها سنوات وليست مفاجئة على عكس الازمة العالمية، وبالتالي هذا السيناريو متوقع ". تعاني اليونان منذ عدة سنوات من أزمة مالية طاحنة استوجبت تدخل الاتحاد الاوروبي أكثر من مرة وضخ البنك المركزي الاوروبي مليارات اليورو لمساعدة الاقتصاد اليوناني على التعافي وتمكين الدولة من سداد ديونها التي فاقت بكثير حجم ناتجها الاجمالي. واليوم البنوك اليونانية أغلقت أبوابها حتى السادس من الشهر القادم ، اذ ستشهد هذه الفترة تنظيم الاستفتاء العام حول شروط اتفاق الانقاذ الذي عرضه الاتحاد الاوروبي على حكومة اليونان والذي يتضمن تقييد حركة سحب المواطنين اليونانيين للنقد بـ 60 يورو يوميا فقط لا غير . فهذا فرض على الاموال وعلى حق المواطن فهل سيلتزمون؟
اليورو ليس متداولا في فلسطين
في الاراضي الفلسطينية عملة اليورو ليست متداولة لا ادخارا ولا تعهدا ولا حتى استثمارا فهي محدودة للغاية وربما سيستفيد الفلسطينون من الأزمة اليونانية وما حل باليورو وهذا ما اكده عبد الكريم في حديثه للاقتصادي قائلا" انخفاض السلعة المستوردة من اوروبا لها اثر ايجابي في تنشيط حركة التجار، اما فيما يتعلق بالمساعدات التي تقدم للسلطة الفلسطينية هي بعملة الدولار وليست اليورو، وبالتالي حجم التأثير غير ملموس لانعزال الاقتصاد الفلسطيني عن العالم ". " انخفاض اليورو يعطينا قيمة ايجابية " هذا ما أكده الرئيس التنفيذي لباديكو القابضة سمير حليلة حيث اشار اثناء حديثه لـ"الاقتصادي" إلى أن انخفاض اليورو يؤثر ايجابيا على القطاع الخاص لاسيما وان الاقتصاد الفلسطيني هو اقتصاد متأثر ولا يؤثر " نحن مستوردون ولسنا مصدرين لاوروبا، وانخفاض اليورو يعطي لنا قيمة ايجابية لانخفاض اسعار السلع المستوردة من اوروبا وبالتالي هذا يجعل لدينا قدرة على المنافسة مع الاقتصاد الامريكي وغيرها من الدول التي نستورد منها، وانخفاض اليورو يعني زيادة قدرتنا الشرائية على البضائع الاوروبية في المرحلة القادمة ". واضاف "هناك آفاق عميقة تلقي ظلالا من الشك على قدرة الاتحاد الاوروبي على معالجة مشاكل أعضائه وايجاد الحلول لها، وهذا الاثر البعيد مقلق لنا وللاقتصاد الفلسطيني، لاننا جزء من دول محيطة بالبحر المتوسط، وجزء من منظومة عربية محيطة بالمتوسط، وبالتالي اي اثر على الاتحاد الاوروبي يؤثر علينا ". " على المدى المباشر المستهلك هو المستفيد وليس المنتج "اي ان من يستورد المواد الخام من اوروبا هو المستفيد حاليا، ولكن على المدى البعيد هناك شك من العلاقة الاوروبية الفلسطينية وعليها علامات استفهام كثيرة حول قدرة الاتحاد الاوروبي على دعمنا كما في ازمة اليونان" يقول حليلة. العوامل الدولية هي من تحدد صرف العملات، ويختل ميزان العملة بإختلال ظروف الدولة الاقتصادي فعدم قدرة اليونان على سداد ديونها يمكن ان يؤدي الى ابطاء الاقتصاد العالمي برمته وعلى اوروبا ان تزيد من نموها.