على مدار سنوات قليله تابعنا عدة اعمال دراميه مصريه تتناول بشكل او بأخر القضية الفلسطينيه من زوايا مختلفه تبعا لرؤيا الانتاج او وصولا الى اجندات تفرضها شروط جهات او قنوات دائما ما تتصف بعدم الحيادية ..والادهي من ذلك هو عدم اتصافها بالمصداقيه لقلة المعرفة والجهل بالبيئة والظروف الذي يعيشه المجتمع الذي تتناوله هذه المسلسلات . واقصد هنا المجتمع الفلسطيني الذي مازال عالما مجهولا لكتاب الدراما المصريه الذين يتحزرون كنهه و يعلمون عن تفاصيله بقدر علمهم بالذره ..
من المحزن ان تصرف الملايين على اعمال دراميه قد يراها من لايعرف البيئة والمجتمع الفلسطينى جيده . ويراها ابناء فلسطين مهزلة ليست بعدها مهزله .. ويحضرني بداية ( فلم اولاد العم ) اخراج شريف عرفه الذي بدا من اوله ساقطا دراميا بزوجه مصريه مسلمه (لها اولاد) تكتشف ان زوجها يهودي وتتفاجأ بانتهاء رحله بحريه يأخذها بها زوجها مع اولادها بالوصول الى ما يسمى اسرائيل .اما ماهو مضحك تماما . هو استسهال دخول فلسطين المحتله من قبل البطل كريم عبد العزيز واختراقه لمبنى الموساد والقيام بأعمال لم يقم بها رامبو فى اوج عظمته ,
واستوقفنى مشهد مهين للفلسطينين فى هذا الفلم حيث ينتحل البطل المغوار شخصية عامل تراحيل ويركب فى ( ترك) مرصوص بالعمال الفلسطينيين المتجهين الى فلسطين الداخل , ليخاطبه احد العمال المفترض ان يكون فلسطينيا ( هاظ اللي ناقصنا ييجو الغربا ينافسونا برزقتنا ) وهنا يبرز الفلم الشخصيه الفلسطينيه للمشاهد كأجير وعامل لدى اسرائيل لا اكثر..
ولعل المضحك المبكي الاكثر هو الرامبو العجوز ( عادل امام وفرقته ) فى مسلسل فرقة عطا الله ناجي .وتلك السذاجة المتناهيه فى تناول الاحداث بدء من سرقة بنك لؤومي الى السهوله فى الدخول والخروج الى فلسطين المحتله كاملة ..وكأن الفهلوة المصرية ابت الا ان تُظهر لنا غباوتها وغباوة من يتناولون مثل هذه المواضيع بتلك السذاجة التى يضحك لها الصغار قبل الكبار بفلسطين ..
اما اخر ما تفتق عنه الذهن المصري اخيرا فهو حارة اليهود وادخال فلسطين وشعبها فى الاطار العام للدراما لتصور لنا التخلف العربي امام الرقي اليهودي .ففي الحاره اليهودية المصريه يتقن العدل ومجموعته فن اظهار العنف بين شخوص المصريين ..وشيطنة البعض من المصريين مقابل العقلانية والطيبه والتسامح من قبل اليهود فى الحاره المصريه ..حتى حين يفكر احدهم ان يهاجر انما يهاجر لامر ملح واكبر الامثلة على ذلك شخصية ليلى (منه شلبي) التى كانت تعشق الشاب علي ( اياد نصار ) والتى بقيت رغم جفاءه معها محبة وفية حتى صدمها نهائيا فقررت الهروب الى الملاذ المسمى اسرائيل ومع هذا بقيت متسامحه حتى مع الهمجيين الفلسطينيين , فحين صوب فتى فلسطينى بندقيته الى مرافقها وسقط الى الارض , رفضت ان تصوب بندقيتها وتقتل هذا الصبي المعتدي ..
وهنا السؤال للقائمين على هذا العمل ، هل اطفالنا مشاريع للقتل تظهرونهم قتله وتظهرون المقابل ملاك متسامح .وتؤكدون ذلك اكثر بزيارة ليلى اليهوديه الى القرية الفلسطينيه ..ومشاركتهم افراحهم , فأي افراح يا سادة تلك التى كانت فى فترة اغتصاب الصهاينة لفلسطين عام 1948..ولعل الانكى والاكثر ايلاما هو اظهار اول فلسطينى نراه بالمسلسل كجاسوس لدولة العدوان فى بداية نشؤها على ارض فلسطين ..ولعل الكاتب استحى على نفسه حين ادرك غلطته الفاحشه واراد ان يرقع الامر بجعل تلك الشخصية السيئة تمثل دور الجاسوس لينقذ البطل المصري علي من اسره ..ونسي الكاتب ان اليهودي باسرائيل وخاصة فى بداية نشؤ الدوله لاتثق بأي عربي مهما كان دينه وجنسه ..فكيف تسمح لعربي بالدخول الى الزنازين بأي حجة كانت ..
سقطات وهفوات لا اعتقد انها مأجوره الدفع , ولكني اعتقد انها نتيجة جهل وعدم وعي حتى من قبل كتاب عرب كبار اتمنى ان يبقوا فى حدود ما يعرفونه عن مجتمعاتهم ولا يتجاوزوه للاساءة الى الشعب الفلسطيني بسوء التناول حتى لو كانت النية حسنة والهدف صادق ..فأعفونا يا كتاب ومنتجي الدراما من شفقتكم على فلسطين وانسوها تماما فى اعمالكم لانكم ان نسيتموها قدمتم لها معروفا كبيرا ..
وهنا يجيء السؤال : هل نشطب فلسطين وشعبها وقضيته من ذاكرة الدراما ..ونحن نعلم جيدا مدي تأثير الدراما فى عقول الشعوب من حيث توعيتها وتجيهها للاطصفاف الى جانب معين او حق معين .
الجواب سهل وبسيط .ولكن؟
هل نجد بفلسطين ممن يتبؤون مناصب كبيرة بالاعلام من يسمع او يدرك او يفقه ما نقول ؟
قلنا كثيرا ..ومازلنا نقول لايحك جلدك غير ضفرك ..وقلنا عشرات الصفحات للحل ..لكن الان ادرك تماما ان الحل للدراما الفلسطينيه بقيادة ابناءها الحقيقيين لن تتم الا بزوال القائمين على الاعلام الفلسطيني لانهم العقبة الوحيدة التى تجهض هذا الحلم , بل وتحاربه بشراسة مصالحها وما تستفيده من وراء ان لايكون هناك عمل فلسطيني خالص يحمل ختم وبصمة فلسطين .وهم بذلك اسوأ ممن يحاولون ويسيئون عن غير قصد .. لكنهم على اية حال يحاولون ...