إعطاء "حماس" حافزاً للحفاظ على هدوء طويل الأمد

الحدود المصرية
حجم الخط

 09 تموز 2015


عدة دروس مهمة من حملة «الجرف الصامد» كان يمكن استخلاصها اثناء الحملة أو فور انتهائها، ومع ذلك بعد سنة هناك منظور أفضل.
  هناك خطآن كلاسيكيان يتكرران مرات عديدة، وليس عندنا فقط. الخطأ الاول هو وصف غير صحيح للواقع أو قص مغلوط للرواية. خطأ مشابه ميز فكرنا عما يجري في غزة منذ 2006. «قصتنا» كانت على النحو التالي: «حماس» منظمة «ارهابية» سيطرت على غزة، ولهذا فان حكمها غير شرعي. فهي تحكم بالقوة نحو 1.8 مليون مواطن مسكين. ولما كان هكذا، فعلينا ان نقاطع كل من يتحدث مع «حماس». وبالمقابل، من ناحية عسكرية يمكننا ان ننتصر عليها بسهولة ؛ لان هذه منظمة «ارهابية» غير قوية على نحو خاص.
  أما الوضع الحقيقي لغزة، فقد كان ولا يزال مختلفا. غزة اصبحت بحكم الامر الواقع دولة مستقلة بكل معنى الكلمة. «حماس» ليست منظمة «ارهابية» كـ «القاعدة»، بل حركة انتخبت بشكل ديمقراطي جدا، تمثل باخلاص السكان ومدعومة منهم. لولا ذلك لما كانت تنجح في أن تجند كل المقدرات الوطنية لغزة لبناء ترسانة عسكرية على هذا القدر من الاثارة وشبكة انفاق على هذا القدر من التهديد.
 الخطأ الكلاسيكي الثاني يتعلق بتعريف المصالح. فالمصلحة الوطنية ليست امنية، بل شيء مهم بما يكفي كي نكون مستعدين  لندفع ثمنا من أجل ان نحققه. وبالفعل، بالنسبة لغزة توجد لنا مصلحة أمنية فقط: نحن نريد ان نضمن الا يطلقوا النار علينا، ونحن نريد ايضا لقدرة «حماس» العسكرية في المستقبل أن تتآكل. ليس لنا مصلحة اقليمية، اقتصادية، او حزبية هناك. بالمقابل، مصلحة «حماس» هي أولا وقبل كل شيء حزبية: فهي تريد أن تحقق شرعية دولية لحكمها في غزة. صحيح اننا اعداء، ولكن هذا لا يعني ان تضارب المصالح بيننا مطلق. ولما كان هكذا، فان اسرائيل يمكنها أن تسمح لـ «حماس» بان تحقق مطلبها مقابل هدوء طويل المدى.
ان العناد الذي ميز السياسة الاسرائيلية منذ 2006 وحتى وقت قريب، وبموجبه يجب ضمان التواجد والتأثير للسلطة الفلسطينية في غزة، ليس فقط لا يخدم أي مصلحة لنا بل يمس ايضا بالمصلحة الحقيقية، التي هي كما أسلفنا المصلحة الامنية.
ان اطلاق «حماس» للنار نحو اسرائيل، والذي أدى الى حملة «الجرف الصامد»، كان أولاً وقبل كل شيء نتيجة إحباطها عقب توقف تحويل الاموال اليها و»النجاح» الاسرائيلي في منع جهات مختلفة من زيارة غزة والتبرع لها بالاموال. اذا كان رمز «حماس» للاستقلال هو اقامة ميناء من الصحيح اليوم الموافقة على اقامته مقابل تنازل من «حماس» عن صواريخها بعيدة المدى. إذا لم توافق، فإننا لن نخسر شيئا، بل نكون حصلنا على نقاط استحقاق في المواجهة الدولية مع «الحصار الاسرائيلي على غزة». اما اذا وافقت، فالربح الاسرائيلي سيكون مضاعفا.
 صحيح أن هناك من يدعي بان ميناء في غزة سيشكل تهديدا أمنيا. ولكن ما يقرر حجم المخاطرة الامنية ليس وجود أو عدم وجود ميناء بل النظام البحري. يمكن بسهولة الوصول الى تسوية تضمن الجانب الامني في هذا السياق. كما يجدر بنا أن نتذكر بان بناء ميناء سيستغرق بضع سنوات، ما سيعطي «حماس» حافزا ايجابيا للحفاظ على الهدوء.
 في نظرة الى الوراء، لا شك أن حملة «الجرف الصامد» خلقت ردا ناجعا. ففي نهايتها بقيت «حماس» فقط مع نحو ثلث كمية صواريخها قبل الحملة. واليوم توجد لها مصاعب كبيرة للتزود بصواريخ جديدة، وقيادتها العسكرية تضررت بشكل كبير، والدمار الذي لحق بغزة يلزمها بان تستثمر في اعمار القطاع وليس في محاولة الخروج الى مغامرة جديدة. الهدوء طويل المدى سيستمر اذا كنا سنخلق لـ «حماس» الى جانب الردع حافزا ايجابيا للحفاظ عليه ايضا. حافز لا يتناقض بالضرورة احتياجاتنا الأمنية.

 عن «يديعوت»