في المجزرة المرتكبة وحفلة نقل السفارة

images.jpg
حجم الخط

 

الدماء والجماهير الفلسطينية توحدت على طول وعرض فلسطين التاريخية،وهي كانت ترسل رسائل بالدم الى المتطرفين ترامب وصهره المتطرف كوشنير الذي قال في إفتتاح سفارة بلاده بالقدس امس،بأن إسرائيل وصية على القدس وكل ما فيها،وهذا يعني رسالة واضحة للأردن بنزع وصياته عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس،وبعد الحجم الضخم والكبير لأعداد الشهداء والجرحى الذين سقطوا وجرحوا في المجرزة والمذبحة التي ارتكبت بحق شعب أعزل،أراد أمس ان يعبر عن حقه بالعودة الى أرضه التي طرد منها بصدوره العارية،لو كان هناك عرب ومسلمين احرار،راضعين من حليب أمهاتهم العزة والكرامة لا الخنوع والذل لما بقيت سفارة أمريكية مفتوحة في الوطن العربي اننا امام تحديات كبيرة كشعب فلسطيني وكقوى سياسية وسلطتين...فالأصيل وليس الوكيل بلغة سماحة السيد نصر الله انتقل من إنحيازه السافر لجانب دولة الإحتلال الى المشاركة الفعلية في العدوان على شعبنا،ليصبح جزءاً من هذا العدوان،حيث منعت أمريكا مجرد صدور بيان من مجلس الأمن الدولي امس يدين الجريمة النكراء ويدعو الى تحقيق مهني مستقل،وفي خط مواز لتلك الجرائم تتوالى وعود بلفور لهذا العدو المغتصب لأرضنا فمن بعد وعد المتصهين ترمب بإعتبار القدس المحتلة عاصمة لدولة الإحتلال والتطبيق العملي لنقل سفارة بلاده من تل أبيب الى القدس والسعي لشطب حق العودة لشعبنا وفق القرار الأممي (194) الى قول البعض بالحق التاريخي لليهود في فلسطين،وليكشف صهر ترامب بشكل واضح لا لبس فيه ولا تنفع فيه التبريرات والذرائع،عن الموقف الأمريكي من الوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس،بالقول ان إسرائيل وصية على القدس وما فيها....ونحن نشهد ونتوقع المزيد من الإنهيارات في الموقف والنظام الرسمي العربي الواصل الى مرحلة التعفن ...ولذلك ما نشهده من " تسونامي" تطبيعي علني وشرعي مع المحتل ،هو نتاج تعفن هذا النظام الرسمي،وضعف الحلقة الفلسطينية وتراخيها،ومشاركة البعض منها في التطبيع ...وهذا يعني بالملموس بأن قرارات ما يسمى بالقمم العربية والتي اخرها قمة ما يسمى بالقدس في الظهران ستبقى حبراً على ورق ومجرد شعارات للإستهلاك المحلي ..وستسعى دول أخرى الى نقل سفاراتها من تل أبيب الى القدس،فغواتمالا قالت بأنها ستنقل سفارتها نهاية الشهر الحالي ...والمكتوب يقرأ من عنوانه فهناك دولة عربية واخرى اسلامية أحيت اسرائيل في عاصمتيها الذكرى السبعين لما يسمى بقيام دولتها،ذكرى نكبة شعبنا الفلسطيني. الرهان هنا هو على الحالة الشعبية الفلسطينية،فالجماهير التي زحفت بصدورها العارية مكللة بأكاليل العزة والكرامة أمس من قطاع غزة نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948،ومن لبنان والأردن لترجمة حق العودة ،تؤكد على تمسك شعبنا بحقه التاريخي بالعودة الى أرضه مهما طال الزمن او قصر،وبأن صغار شعبنا لن ينسوا هذا الحق... مسيرات العودة التي جرت لثمان جمع متواصلة من قطاع غزة نحو حدود فلسطين -48 -،كانت ايجابية على شعبنا الفلسطيني،على الرغم من الأعداد الكبيرة جداً من الشهداء والجرحى،فهي ساهمت وتسهم في إزدياد قوة وصلابة شعبنا ،كما انها تراكم نضوجاً وتجذراً في وعيه الجمعي .....المحتل المصاب بحالة كبيرة من القلق والإرباك في كيفية التعامل مع مثل هذه المسيرات الشعبية الضخمة ...سعى عبر القوة والقمع والتخويف والعقوبات لوقف مثل هذه المسيرات ولكنه فشل في ذلك ...كما أنه حاول أيضاً صرف الأنظار عنها بإفتعال مواجهات عسكرية مع سوريا وايران....ولكن كل ذلك لم يفلح في وقف تلك المسيرات الشعبية ...الذكرى السبعين لنكبة شعبنا تزامنت مع نقل أمريكا راس الإرهاب لسفارتها من تل ابيب الى القدس ..والحراك الشعبي الواسع كرد على ذلك قال كلمته في غزة والقدس والداخل الفلسطيني -48- والضفة الغربية ،قال لترامب إن اعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال،لن يغير من الواقع شيئاً وبأن صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية مهما كانت مساحة التطبيع العربي مشرعنة وعلنية مع دولة الاحتلال،فهي لن تنجح في شطب قضيتنا وتغيب حقوقنا لا قدس ولا لاجئين،وشعبنا لن يعترف بإسرائيل كدولة قومية لما يسمى بالشعب اليهودي.ورد فصائلنا والقيادة الفلسطينية على مجزرة الأمس يجب أن يكون بتصعيد محسوب ومدروس دون الوصول الى حرب مفتوحة مع المحتل..ويجب الحفاظ على الطابع الشعبي السلمي لهذا الحراك المتواصل وعلى الفصائل ان تحمي الجماهير ولا تتركها مكشوفة للمحتل،فالمحتل هو لا يخشى من شن حرب على قطاع غزة،ولكن خشيته انه لا يستطيع التحكم في كيفية انهاء هذه الحرب،فهو شن ثلاثة حروب عدوانية على قطاع غزة في ست سنوات،خرج منها شعبنا اكثر قوة وصلابة وتماسكاً،رغم كل الدمار والحصار والتجويع الذي سببته تلك الحروب،والقيادة الفلسطينية باتت مطالبة بترجمة قرارات المجلسين المركزي والوطني الى فعل،دون تلكؤ أو ابطاء أو الرهان بالعودة للمفاوضات مجدداً.


واضح من الأعداد الكبيرة للشهداء والجرحى الذي،استشهدوا وجرحوا في مسيرات العودة امس في قطاع غزة،بان المحتل اتخذ قراره بالتصعيد بقمع تلك المسيرات وإيقاع أكبر عدد من الشهداء والجرحى لتخويف وإرهاب الجماهير المتجهة صوب الحدود مع فلسطين المحتلة عام 48 والمقتحمة لها .


هذا اشتباك شعبي مفتوح ومتواصل،بتواصل واستدامة عوامل الصراع...والميدان سيقول كلمته وما ستؤول اليه الأوضاع بعد هذه المجزرة الرهيبة.ولكن والميدان وطبيعة الحراك يقولان كلمتهما، ان هذه الحاضنة الشعبية الواسعة لمثل هذه المسيرات،وما يجري من حراكات شعبية وبرلمانية ومجتمعية في الكثير من الساحات والعواصم الدولية،باتت تحتم على القوى والفصائل والسلطات القائمة،التفكير بشكل عميق بأن أولى خطوات الإستثمار في تلك المسيرات والحراكات الشعبية،هو تقوية وتحصين الحلقة والجبهة الداخلية الفلسطينية بإنهاء الإنقسام وإستعادة الوحدة الوطنية،ورسم استراتيجية ورؤيا فلسطينيتين تقومان على الصمود والمقاومة...والعمل على عقد دورة توحيدية للمجلس الوطني بمشاركة كل الوان الطيف السياسي والمجتمعي الفلسطيني،ما دام الجميع متفق على ان منظمة التحرير الفلسطينية،هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني،كيف سيجري تفعيل المنظمة وإعادة الإعتبار والصلاحيات لها ولمؤسساتها،والمهم ديمقراطية قراراتها،والأليات التي تضمن التنفيذ والترجمة لها على أرض الواقع ،والعمل على تزخيم هذا الحراك شعبياً وتطويره وإيجاد الحوامل والأطر الشعبية التي تسمح بتجذره وإستدامته وصموده أمام آلة البطش الصهيوني وقمعه،ونحن نعاني من ضعف وإنقسام وتشرذم ..؟؟.
قضيتنا امام مرحلة تاريخية فاصلة،هجوم غير مسبوق على مرتكزات برنامجنا الوطني القدس واللاجئين،ومحاولة جادة لتصفية القضية الفلسطينية،ضمن ما يسمى بصفقة القرن،صفعة العصر، في إطار إقليمي يشارك فيه جزء من النظام الرسمي العربي،الذي يعمل على تطبيع علاقاته مع إسرائيل علناً...هذه المرحلة المفصلية بحاجة من الجميع وبالذات من طرفي الإنقسام الترفع عن الخلافات والمناكفات والتحريض والتحريض المضاد،وصب كل الجهود والطاقات في إطار موحد يمكن من التصدي لهذا المشروع وإفشاله.