دعا وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي إلى ضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الأعزل من بطش الاحتلال وارهاب دولته، وميليشيات مستوطنيه، وغثيان الدول المارقة .
يأتي حديث المالكي في كلمته أمام مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية في دورته غير العادية الذي عقد في الجامعة العربية، اليوم الخميس، برئاسة السعودية.
وأوضح المالكي أن لجنة التحقيق المستقلة التي طالبت بها دول العالم أجمع تم رفضها من قبل الولايات المتحدة الحامي والمدافع عن جرائم إسرائيل، وهو ما يجبرنا على ضرورة العودة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ودعوتها للانعقاد تحت بند مُتحدون من أجل السلام، للتخلص من استغلال أميركا البشع لامتياز الفيتو، والعودة بإصرار للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف إننا أمام الظروف الصعبة التي تعصف بالقضية الفلسطينية والمخاطر التي تتهددها؛ نجد أنفسنا أمام اختبار حقيقي وتحدٍ كبير، فإما أن نثبت مصداقيتنا أمام شعوبنا، ومصداقيتنا حيال القرارات العربية التي اتخذت في القمم المختلفة، أو أن نثبت ما تتداوله بعض الألسنة بأن قراراتنا ليست للتنفيذ والاستعمال، وبالتالي نفقد مصداقيتنا أمام شعوبنا على وجه الخصوص.
وشدد على ضرورة الالتزام بقرارات القمم العربية، خاصة قرار قمة عمان في العام 1980 الذي دعا لقطع العلاقات مع أي دولة تنقل سفارتها إلى القدس، ذلك رغم تفهمنا لتطورات علاقات الدول العربية مع الولايات المتحدة وتشابكها، فليس هناك من ضير أن يتم استدعاء جماعي لسفراء الدول العربية في واشنطن لعواصمهم للتشاور، ولإظهار الامتعاض العربي من الانحياز الأميركي للاحتلال كحد أدنى، إضافة إلى أهمية استدعاء سفراء الولايات المتحدة المعتمدين لدى العواصم العربية لإبلاغهم مجددا بالرفض العربي نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
وقال المالكي إنه في ظل غياب ردود فعل حازمة، تجرأت عدد من الدول على اتخاذ نفس الخطوة الأميركية، و"غواتيمالا" مثال على ذلك، وستلحق بها دول أخرى من القارة الأميركية، وقد نجد أنفسنا أمام توجه مشابه لبعض الدول الإفريقية تحت ضغط وابتزاز وإغراءات أميركية إسرائيلية، فإذا لم تشعر الإدارة الأميركية أن هناك تغييراً حقيقيا قد طرأ في شكل وطبيعة الاتصالات العربية معها كنتيجةً لنقلها سفارتها إلى القدس، فإنها لن تشعر أنها ارتكبت خطأ جسيماً وتاريخياً، ليس فقط بحق فلسطين وإنما بحق العرب المسلمين والمسيحيين، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي الرسالة التي نوجهها من بيت العرب الأول مقر الجامعة العربية للإدارة الأميركية وحكومة غواتيمالا تعبيراً عن رفضنا لقرار نقل السفارة؟ كيف بالإمكان أن تصل رسالة الرفض العربية والاحتجاج للدول الأخرى التي قد تفكر أو تجد نفسها مضطرة تحت الضغط والابتزاز للقيام بذلك حتى تستشعر هذا الرفض لقرارها، نحن امام لحظة تاريخية تُملي علينا تحمل مسؤولياتنا والتصرف وفقها، حيث أن هناك تخوف من دول أخرى ستلحق بنقل سفاراتها، وأمام المجازر التي ترتكب في غزة، ستكون هناك مجازر أخرى مقبلة؛ فماذا نحن فاعلون؟
وأشار إلى خطاب الرئيس محمود عباس أمام مجلس الأمن في العشرين من شباط الماضي الذي كان خارطة طريق لتحقيق السلام المطلوب، وأمام تبني القمة العربية الأخيرة لهذه الرؤية، وجب علينا العمل لترجمتها عملياً في أقرب الأجيال، وتكليف اللجنة الوزارية العربية السداسية لهذه المهمة وتقديم تقريرها خلال شهر من الآن، إذا أردنا إظهار الجدية المطلوبة في عملنا وتحملنا مسؤولياتنا حيال هذا الخطر القاتل.
وقال المالكي إننا نلتقي اليوم على وقع مجزرة دموية عنصرية ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بدم بارد ضد أبناء شعبنا العُزل المشاركين في مسيرات العودة السلمية في قطاع غزة، وبإسناد ودعم غير محدود من الإدارة الأميركية المُنحازة بشكل أعمى للاحتلال وسياساته، فمنذ قرار الرئيس الأميركي ترمب الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارة بلاده إليها، سقط أكثر من 100 شهيد في غزة والضفة بمن فيهم الطفلة الرضيعة "ليلى"التي لم تتجاوز الـ8 أشهر، فيما جُرح أكثر من 6000 فلسطيني نصفهم سيبقى يعاني من إعاقة دائمة وأكثر من4000 معتقل، إضافة إلى عمليات التغول الاستيطاني التهويدي واسعة النطاق التي تتعرض لها الأرض الفلسطينية المحتلة عامةً والقدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك بشكل خاص، وعمليات القمع والتنكيل والإعدامات الميدانية وهدم المنازل والتهجير القسري، وغيرها من العقوبات الجماعية التي يتعرض لها أبناء شعبنا.
وأضاف إنه على وقع هذه المجزرة احتفلت امريكا بنقل سفارتها للقدس، واختارت في تحدي مقصود ذكرى النكبة الأليمة على شعبنا للتعبير عن انحيازها المطلق لإسرائيل ولروايتها التلمودية الصهيونية. وكأن هذا لم يكن كافياً لإشباع رغبات الاحتلال والانحياز الأعمى للإدارة الأمريكية، عندما أطلت علينا الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض لتبرر الجريمة التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق شعبنا الأعزل في غزة، حيث خرجت علينا مندوبة الولايات المتحدة نيكي هيلي، لتُحمل الشعب الفلسطيني المسؤولية عن المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقنا، مُتهمة الضحية بالمسؤولية عما ارتكبه الجلاد الإسرائيلي من جرائم، ولتؤكد مرة أخرى على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، ثم يخرج نتنياهو ليهنئ جنوده بهذا الإنجاز العظيم، مشيرا إلى أننا الآن أمام مفاهيم غريبة وعجيبة تعكس انحطاط أخلاقي واستهتار للقيم الإنسانية العالمية، تُشجع الاحتلال والاستيطان، وتُبرر القتل خارج القانون والاستعمال المفرط للقوة.
وتطرق إلى المفاهيم المعكوسة التي تُعطي المُحتل كامل الحُرية بالقتل تحت ذريعة الدفاع عن النفس، بينما يُتهم شعبنا الأعزل الرازخ تحت الاحتلال بالتحريض والتصعيد والإرهاب والاستفزاز، فيما يمكن أن نُسميه بلطجة القوة التي تؤسس لتحول أخلاقي دنيء يرسم مفاهيم جديدة في العلاقات ما بين الدول يُنذر بكوارث مستقبلية، ويؤسس لانقلاب علني على مرتكزات العلاقات بين الدول والمنظومة الأممية برمتها ومبادئ حقوق الانسان.