تفاصيل مثيرة .. تعرف على المبلغ الذي رفضه طنطاوي من أجل تكليف الشاطر "رقم خيالي"

مرسي
حجم الخط

محمد مرسى بعد لقائه مع «السيسى والعصار وشاهين» قال لى: السيسى ده «فلتة»!!

«الإخوان» تعمّدوا إفشال الجمعية التأسيسية لتفويت الفرصة على إعداد الدستور قبل انتخابات الرئاسة

 

فى الحلقة السابعة من كتابه المهم والخطير «لغز المشير»، الذى سيصدر قريباً عن «الدار المصرية اللبنانية للنشر»، يكشف الكاتب الصحفى مصطفى بكرى عن تفاصيل المباحثات التى جرت بين المجلس العسكرى وقادة الأحزاب الممثلة فى البرلمان وعدد من النواب المستقلين، للتوصل إلى اتفاق مقبول بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور. ويرصد المؤلف الأسباب الحقيقية التى دعت الإخوان إلى الانقلاب على حكومة «الجنزورى» والضغط على المجلس العسكرى لإقالتها فوراً، وكذلك الإنذار الشهير الذى أعلنه رئيس مجلس الشعب من على شاشة قناة «الجزيرة» يمنح الحكومة مهلة أيام محدودة للاستقالة، وإلا فإن البرلمان سيلجأ إلى إقالتها. ويكشف الكاتب عن حقيقة تهديدات «الجنزورى» لـ«الكتاتنى» بحل مجلس الشعب وتفاصيل اللقاء الثلاثى الذى جرى فى سرية تامة بين «الجنزورى والكتاتنى» بحضور الفريق سامى عنان يوم الخميس 22 مارس.

ويروى الكاتب عن مصادر عليا داخل المجلس العسكرى تفاصيل العرض الذى قدمه محمد مرسى وخيرت الشاطر وسعد الكتاتنى بتكليف خيرت الشاطر بتشكيل الحكومة مقابل 200 مليار دولار استثمارات تضخ إلى مصر، وكيف رفض المشير طنطاوى هذا العرض رغم موافقة أغلبية أعضاء اللجنة المكلفة بهذا العرض.

بعد الإعلان عن انتخاب الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور الدائم للبلاد، زادت حدة الانتقادات فى الشارع المصرى، وأعلن العديد من القوى والأحزاب والمجتمع المدنى رفض الطريقة التى جرى بها انتخاب الجمعية، وهددوا بالمقاطعة ورفض الدستور الذى سيُعد بواسطتها.

فى هذا الوقت، دعا المشير طنطاوى إلى اجتماع للقيادة العسكرية، حيث تمت مناقشة تداعيات هذا الحدث، وخطورة انفراد الإخوان والسلفيين بتشكيل الجمعية التأسيسية، واستمر النقاش عدة ساعات، تم فيها بحث الخيارات المطروحة، وجرى الاتفاق على دعوة الأحزاب السياسية الممثلة فى البرلمان وعدد من النواب المستقلين للاجتماع بعدد من قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

تم الاتفاق فى حينه على أسماء رؤساء 19 حزباً ممثلين فى البرلمان وثلاثة من النواب المستقلين هم مصطفى بكرى وياسر القاضى ومريام ملاك، وتم تحديد السابع والعشرين من مارس 2012 موعداً للاجتماع فى مبنى وزارة الدفاع.

كان وفد المجلس العسكرى مكوناً من المشير طنطاوى رئيس المجلس، والفريق سامى عنان نائب رئيس المجلس ورئيس الأركان، وعدد من أعضاء المجلس، مساعدى الوزير، أبرزهم اللواء عبدالفتاح السيسى مدير المخابرات الحربية، واللواء محمد العصار، واللواء سامح صادق، واللواء ممدوح عبدالحق، واللواء ممدوح شاهين، واللواء عادل عمارة، واللواء أحمد أبوالدهب مدير الشئون المعنوية.

وفى هذا اللقاء تحدث المشير طنطاوى مطولاً عن ضرورات التوصل إلى اتفاق حول سُبل الخروج من أزمة تشكيل الجمعية التأسيسية. وأكد المشير أنه يحترم البرلمان كمؤسسة شرعية، لكن نظراً لأن الدستور الجديد هو دستور لكل المصريين، لذا لزم التوافق حوله من أبناء الأمة جميعاً.

وقال المشير: إن عنصر الزمن عامل مهم فى تلك المرحلة والتوقيتات الزمنية تحكمنا، خاصة أن المجلس العسكرى مصمم على تسليم السلطة فى الموعد المحدد سلفاً آخر يونيو.

وتحدث فى هذا اللقاء عدد من رؤساء الأحزاب وممثلو المستقلين، الذين أبدوا قلقهم من تشكيل الجمعية التأسيسية، وطالبوا بأن يتم التشكيل بالتوافق وتحت رعاية المجلس العسكرى.

انتهت الجلسة فى هذا اليوم بعد نحو ست ساعات من انعقادها، وقد طلب منى المشير طنطاوى فى هذا الوقت أن أتولى إعلان البيانات الصادرة عن الاجتماعات وعقد المؤتمرات الصحفية لشرح حقائق ما جرى.

وقُبيل عقد الاجتماع الثانى يوم الخميس 29 مارس، جمعنى لقاء مطول مع الفريق سامى عنان، لدراسة آخر تطورات الموقف وتقييم الجلسة السابقة.

وبالفعل مع بدء عقد الجلسة الثانية التى استمرت نحو أربع ساعات تقريباً، طلب المشير طنطاوى من الحاضرين ضرورة التوصل إلى اتفاق سريع فى هذه الجلسة، وقال: «إن الشعب كله ينتظر موقفكم وأتمنى أن تكونوا عند مستوى التحديات التى تواجه البلاد»!!

ورغم المناقشات المطولة، لم ينجح قادة الأحزاب فى الوصول إلى حل يُنهى هذه الأزمة، وجرى الاتفاق فقط على ما سبق أن أكدته الأحزاب والقوى السياسية من مبادئ عامة لصياغة الدستور والمطالبة بتشكيل لجان نوعية فنية تكون مهمتها معاونة الجمعية التأسيسية وتقديم خبراتها فى إعداد وصياغة ومراجعة النصوص الدستورية.

فى العاشر من أبريل أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكماً يقضى بحل الجمعية التأسيسية للدستور، بسبب عدم مراعاتها أحكام المادة 60 من الإعلان الدستورى، والإصرار على انتخاب نصف أعضائها من نواب مجلسى الشعب والشورى.

وقد أثار الحكم ردود فعل واسعة، مما استدعى من المجلس العسكرى أن يدعو مرة أخرى إلى عقد لقاء جديد فى الخامس عشر من أبريل بحضور الأحزاب ذاتها وممثلى المستقلين.

وقد حدثت مشادات متعددة فى هذا اللقاء، خاصة عندما قال المشير طنطاوى إنه لن تجرى انتخابات رئاسة الجمهورية دون دستور دائم للبلاد، وتم التوافق فى هذا الاجتماع على ضرورة تحديد موعد لرؤساء الأحزاب الممثلة للبرلمان وبعض النواب المستقلين مع رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب داخل مجلسى الشعب والشورى لعقد اجتماع مع رئيس مجلس الشعب، وذلك للاتفاق حول قواعد تشكيل الجمعية التأسيسية، ثم العودة مرة أخرى للاجتماع مع المشير طنطاوى ووفد المجلس العسكرى يوم الأحد 21 أبريل 2012، على أن يتلو ذلك توجيه الدعوة من رئيس المجلس الأعلى إلى مجلسى الشعب والشورى، للانعقاد وانتخاب الجمعية التأسيسية على الفور.

وقد طلب د. محمد مرسى خلال الاجتماع منى أن أتولى شخصياً هذا الأمر، وأن ألتقى بالدكتور سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب، وأبلغه بما تم الاتفاق عليه، للبدء فوراً فى عقد الاجتماع المرتقب.

وبعد انتهاء الاجتماع، وقُبيل تناول طعام الغداء مباشرة، طلب منى محمد مرسى أن أعد له لقاءً مع المشير طنطاوى حتى يمكن تصفية آثار الأزمة الناشبة بين الإخوان والمجلس العسكرى التى نجمت بعد اتهام الإخوان للمجلس بالإعداد لتزوير الانتخابات الرئاسية ورد المجلس الحاد على الجماعة، وكنت أجلس دوماً على المائدة الرئيسية مع المشير والفريق عنان ومعنا د. السيد البدوى رئيس حزب الوفد، وفى هذا الوقت أبلغت المشير برغبة محمد مرسى فى الاجتماع معه جانباً، إلا أن المشير قال إنه مرتبط بموعد مسبق وليس لديه وقت، وهنا طلب المشير من اللواء عبدالفتاح السيسى واللواء العصار واللواء ممدوح شاهين الجلوس مع محمد مرسى، واشترط ضرورة حضورى، لأكون شاهداً على هذا الموقف.

وبالفعل جلسنا ومعنا محمد مرسى فى الصالون الملحق بقاعة الاجتماعات، وقد قلت فى بداية اللقاء إن د. محمد مرسى لديه بعض الإيضاحات لموقف الإخوان يريد إبلاغها، ثم استأذنت وانصرفت لعقد المؤتمر الصحفى الدورى فى أعقاب كل اجتماع بحديقة وزارة الدفاع، هبطت إلى الدور الأول، حيث ينتظر الصحفيون عقد المؤتمر الصحفى، واستمر المؤتمر لأكثر من نصف الساعة، وكان السؤال الأهم: ماذا يعنى المشير بمقولة إن الانتخابات الرئاسية لن تجرى إلا بوجود دستور جديد للبلاد؟

وقُبيل نهاية المؤتمر الصحفى بقليل، جاء إلينا د. محمد مرسى، وبعد انتهاء المؤتمر طلب منى أن نتجول معاً فى حديقة الوزارة، لأنه يريد أن يبلغنى بما جرى خلال اللقاء مع أعضاء المجلس العسكرى الذين التقى بهم..

وبالفعل، بدأ محمد مرسى يحكى لى باختصار ماذا حدث، فقال إن اللواء عبدالفتاح السيسى شخصية واعية جداً، وإنه رجل مسيس، وشعر بالصدق فى كلامه، وإنه مرتاح جداً لهذا اللقاء، وقال.. أعتقد أن الأزمة انتهت وسأبلغ إخواننا بما حدث، ثم بادرنى بالقول: وهل تعتقد أن أصحابك جادون فعلاً فى تسليم السلطة؟ وكان يقصد بذلك المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

فقلت له: ألم تسمع المشير أكثر من مرة؟ أعتقد أنهم جادون تماماً، وأنا على ثقة من ذلك.

قال: ولكن ما معنى الأزمات التى يفتعلونها مع جماعة الإخوان بين الحين والآخر؟

قلت له: يا دكتور، المجلس العسكرى ليس هو الذى يفتعل الأزمات، ولكن لديكم عناصر فى الجماعة تتعمّد الاستفزاز، ومن بينها حكاية تدخّل المجلس العسكرى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.. المجلس العسكرى ليس صاحب مصلحة فى نجاح هذا الشخص أو ذاك، لقد قالوها أكثر من مرة، إنهم على مسافة واحدة من الجميع.

قال: ولكن مجريات الأحداث يمكن أن تغير الأوضاع وتغير موقفهم.

قلت له: أريد أن أحكى لك حكاية يا د. مرسى، لتعرف أنه ليس هناك تربّص بكم، أثناء انتخابات مجلس الشورى، كنت فى اليوم التالى ألتقى بالفريق سامى عنان فى مكتبه، وسألته فى هذا الوقت عن توقعاته بمن سيفوز فى الانتخابات، وقال لى دون تفكير: «الحرية والعدالة» طبعاً، ليست هناك قوى أخرى يمكن أن تنافسهم فى الوقت الحالى.. وأكمل حديثه معى بالقول: «لقد سألتنى ابنتى أثناء ذهابها للإدلاء بصوتها عن الحزب الذى يمكن أن تعطيه صوتها، فقلت لها على الفور.. (الحرية والعدالة) طبعاً».

اندهش د. محمد مرسى ونظر إلىّ غير مصدق وقال: معقولة هذا الكلام؟!

قلت له: هذه الحقيقة لا أحد لديه موقف مسبق منكم.

■ ■

تواعدنا على التواصل من أجل إنهاء أزمة الجمعية التأسيسية، لكن فى اليوم التالى كان محمد البلتاجى يشن هجوماً شرساً على المجلس العسكرى ويطالبه بالتوقف عن التدخل فى تشكيل الجمعية التأسيسية ويحذّر من أن اشتراط المجلس العسكرى ضرورة وضع الدستور أولاً قبل انتخابات الرئاسة يعنى أن المجلس يهدف إلى تأجيل الانتخابات، والاستمرار فى التمسك بالسلطة.

ويبدو أن «البلتاجى» لم يكن وحده الذى يتبنى وجهة النظر تلك، ففى يوم الثلاثاء 17 أبريل، كان موعدى مع د. سعد الكتاتنى وأبلغته بما اتفقنا عليه مع المجلس العسكرى، وبحضور د. محمد مرسى الذى كان فى هذا الوقت مرشحاً احتياطياً لرئاسة الجمهورية.. واقترحت عليه عقد لقاء للأحزاب ورؤساء الهيئات البرلمانية فى 18 أبريل، إلا أنه طلب منى تأجيل الاجتماع إلى الحادية عشرة من صباح الخميس 19 أبريل، بسبب انشغاله بجلسات المجلس.

وفى اليوم التالى أجريت اتصالاً بسامى مهران، أمين عام مجلس الشعب، للاتفاق معه على استعدادات عقد الاجتماع داخل المجلس، إلا أنه أكد لى أن رئيس المجلس سعد الكتاتنى لم يعطه أى تعليمات بذلك، فأبديت دهشتى، ثم أجريت اتصالاً آخر مع «الكتاتنى»، وشعرت أنه يتهرّب من وعده.

فى تمام الساعة العاشرة من صباح الخميس 19 أبريل 2012، كان هناك موعد لى للقاء مع المشير طنطاوى، حضرت مبكراً، التقيت بالفريق سامى عنان، وأطلعته على رفض الإخوان عقد الاجتماع المقرر للأحزاب ورؤساء الهيئات البرلمانية للاتفاق على تشكيل الجمعية التأسيسية، وسألته عن موقف المجلس العسكرى من تلك التطورات.. فقال لى الفريق عنان، هذه مراوغة، لكن بالقطع سنبحث ذلك تفصيلياً مع المشير..

وبالفعل فى الموعد المحدد، صعدنا وحضر المشير ومعه اللواء ممدوح شاهين المسئول عن الشئون القانونية والدستورية بالمجلس الأعلى.

قال المشير: بعد موقف الإخوان، هل ترى ضرورة فى عقد لقاء 21 أبريل للأحزاب مع المجلس العسكرى؟!

قلت: الموقف فى مجلس الشعب أوضح كل شىء، الحقيقة أن الإخوان لا يريدون دستوراً على الإطلاق.

«طنطاوى» للإخوان: لن نجرى انتخابات رئاسية إلا بوجود دستور جديد للبلاد

وبعد استبعاد خيرت الشاطر من الترشّح لمنصب رئيس الجمهورية أصبحوا فى مأزق شديد، ولا أظن أن لديهم أملاً فى الفوز، الناس يسمون محمد مرسى «الاستبن» ويتهكمون عليه وكل استطلاعات الرأى تؤكد أنه فى مركز متأخر بين المرشحين.

هنا قال سامى عنان: وأنا حافكرك، المسألة محصورة فقط فى اثنين، محمد مرسى وعبدالمنعم أبوالفتوح، أحدهما سوف يفوز فى انتخابات الرئاسة.

استبعد المشير حدوث ذلك، وقال القوات المسلحة على مسافة واحدة من الجميع، ولكن أستبعد فوز أحدهما..

قلت له: ولماذا لا يدعم المجلس العسكرى أحمد شفيق أو عمرو موسى؟!

قال: الشعب هو اللى يختار، نحن سنقف على الحياد.

قلت: أنا أرى أنه من الواجب أن نعقد الاجتماع المقرر مع الأحزاب يوم 21 أبريل.

قال الفريق عنان: يوم 21 أبريل، هناك اجتماع مقرر مع حوالى ثلاثين من أساتذة القانون لبحث الموقف من الدستور وتشكيل الجمعية التأسيسية، يا ريت نختار موعداً آخر.

قال المشير: وهل تعتقد أن هناك جدوى من اللقاء مع الأحزاب مرة أخرى؟

قلت: يجب عقد الاجتماع حتى يتحمّل كل منهم مسئولية ما يحدث، الشارع المصرى غاضب ويعرف تماماً أن جماعة الإخوان لا تريد دستوراً وما حدث بينى وبين «الكتاتنى» والهجوم الذى شنّته اللجنة التشريعية على المجلس العسكرى بدعوى تدخله فى تشكيل الجمعية التأسيسية هو محاولة هدفها البحث عن مبرر.

قال المشير: نحن لا ناقة لنا ولا جمل فى كل ذلك، لقد طلبنا منهم الاتفاق، وقد رأيت بنفسك كيف وافق محمد مرسى على القرار فى الاجتماع السابق، لكن للأسف هناك قرارات أخرى تلزم الجميع.

قلت: ولماذا لا يصدر إعلان دستورى للمادة «60» من الإعلان الصادر فى 30 مارس 2011، يحدد تشكيل الجمعية التأسيسية ويلزمها بإصدار الدستور قُبيل انتخابات الرئاسة؟

قال المشير: صعب إصدار إعلان دستورى جديد الآن، ومجلس الشعب لن يسمح، أنت تعرف الموقف وتعرف الهدف.

قلت: إذن كيف سيكون التصرف؟!

قال المشير: نحن عازمون على تسليم السلطة فى الموعد المحدد 30 يونيو، أياً كان الأمر، نحن لن نبقى يوماً واحداً بعد الموعد.

قال الفريق عنان: بل إن الانتخابات إذا حُسمت يوم 24 مايو، وفاز المرشح الرئاسى من أول مرة، فسوف نسلم له السلطة على الفور دون تردد.

قلت للمشير: هناك مخاوف من حل مجلس الشعب!!

قال: دى تبقى مصيبة، إحنا مش ناقصين، نعمل انتخابات وندفع فلوس تانى، منين، البلد أحوالها صعبة.

قال ممدوح شاهين: لقد سبق أن حذرنا من أن قانون الانتخابات قد يتعرّض للطعن الدستورى، خلينا نشوف بكرة حكم المحكمة الإدارية العليا فى القضية المرفوعة، التى تطعن فى عدم دستورية قانون الانتخابات.

قلت: إذا حدث ذلك، فهل معنى هذا أن الطعن يؤثر فى قانون الانتخابات الرئاسية الذى أقره مجلس الشعب؟

قال ممدوح شاهين: لدينا سوابق عديدة وقرارات مجلس الشعب محصّنة، ولا تجيز بطلان ما اتخذ من قرارات سابقة، لكن الأمل كبير فى أن يستمر مجلس الشعب فى أداء مهامه.

قال المشير: أياً كان الأمر، لا بديل عن تسليم السلطة فى موعدها للرئيس المنتخب.

كان الحديث عن قرب حل مجلس الشعب يتردد فى الكثير من الأوساط السياسية والشعبية والقضائية خاصة بعد صدور حكم المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار مجدى العجاتى، الذى قضى بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخاب مجلس الشعب وانتفاء شرط المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وإحالة الحكم الصادر إلى المحكمة الدستورية العليا.

عقد مكتب الإرشاد اجتماعاً خصص لسبل التعامل مع هذا الحكم ودراسة مخاطر احتمال صدور حكم من الدستورية يقضى بحل البرلمان، دار حوار مطول بين أعضاء المكتب والمرشد تم الاتفاق فيه على التحرك السريع لمواجهة تداعيات هذا الحكم.

فى هذا الوقت طلب وفد مكون من خيرت الشاطر ومحمد مرسى الالتقاء بالمشير طنطاوى، ووافق المشير على اللقاء، وحضر الوفد فى الموعد المحدد.

استقبل المشير وفد جماعة الإخوان فى حضور عدد من أعضاء المجلس العسكرى، وكان محمد مرسى هو أول المتحدثين.

قال مرسى: لقد جئنا إليك سيادة المشير باحثين عن حل للأزمة الاقتصادية الراهنة، نحن نعرف أن معدلات النمو قد تراجعت، وأن الجيش قد دعم الدولة بالمليارات، ولكن استمرار الأحوال بهذه الطريقة سيؤدى إلى انهيار اقتصادى كبير، ويدفع الناس إلى التمرد وإحراق البلد.

قال المشير: وما مقترحاتكم التى طلبتم إبلاغها؟!

قال مرسى: لقد اتفقنا على توفير مبلغ 200 مليار دولار كاستثمارات من الخارج تضخ إلى الخزانة المصرية على الفور، وستنعش الاقتصاد، وتحسن مستوى دخل المصريين وتحدث طفرة كبيرة فى البلاد.

قال المشير: والله ده اقتراح رائع، وإيه المانع؟!

قال محمد مرسى: هذا لن يتم إلا بتولى المهندس خيرت الشاطر رئاسة الحكومة وإعادة تشكيلها من رجال متخصصين.

قال المشير: يعنى حكومة من الإخوان!!

قال خيرت الشاطر: القضية ليست إخوان أو غير إخوان يا سيادة المشير، البلد على حافة الانهيار ونحن نبحث عن حلول ناجحة، ليس معقولاً أن نستجلب مليارات من الخارج، ثم تبددها حكومة الجنزورى التى لا نثق فى أدائها.

قال المشير: لقد كنتم من أنصارها حتى وقت قريب، بل أنتم أيدتم ترشيح الجنزورى لرئاسة الحكومة منذ البداية!!

قال مرسى: كان ظننا بها حسناً، ولكن للأسف الممارسات كشفت عن الكثير من أوجه القصور، نحن على ثقة من أن تشكيل حكومة جديدة برئاسة المهندس خيرت الشاطر سيؤدى إلى تحقيق إنجازات كبرى، ومبلغ الـ200 مليار دولار جاهز يا سيادة المشير، ولكن لا أحد يريد أن يستثمر فى ظل وجود هذه الحكومة.

سامى عنان كان متأكداً من فوز «الحرية والعدالة» بأغلبية البرلمان.. ووجه ابنته لانتخاب الحزب

قال المشير: طالما أنتم جادين فى هذا العرض، فأنا لا أستطيع أن أرفضه، ولكن قرار تشكيل حكومة برئاسة خيرت الشاطر هو قرار خطير ستكون له ردود فعل عديدة، ولذلك أنا لا أستطيع أن أتخذ هذا القرار وحدى، أنا سأشكل لجنة من تسعة من أعضاء المجلس العسكرى للاجتماع مساء اليوم لمناقشة العرض وإبلاغى بالقرار الذى سيجرى الاتفاق عليه.

■ ■

انتهى الاجتماع الذى استمر لأكثر من ساعة ونصف الساعة، قرر المشير بعدها تشكيل لجنة من تسعة من أعضاء المجلس، وطلب منهم دراسة العرض جيداً، وإبلاغه بالنتيجة صباح غد.

وفى مساء ذات اليوم اجتمع أعضاء اللجنة المكلفة وظلوا مستمرين فى اجتماعهم حتى وقت متأخر من المساء، وكل منهم أدلى برأيه وفى نهاية الاجتماع تم التصويت على القرار.

فى صباح اليوم التالى وقبل أن يصعد المشير إلى مكتبه قام بالمرور على مكتب اللواء ممدوح عبدالحق عضو المجلس وأحد أعضاء اللجنة.

سأله: ماذا فعلتم؟

قال اللواء ممدوح: ناقشنا العرض حتى وقت متأخر من المساء.

قال المشير: والنتيجة إيه؟

قال اللواء ممدوح: خمسة وافقوا على تولى الشاطر تشكيل ورئاسة الحكومة الجديدة وأربعة رفضوا العرض.

أبدى المشير دهشته وقال: وأنا صوتى بكام؟!

قال اللواء ممدوح: سيادتك المرجح لأى قرار.

قال المشير: لازم يعرف الجميع، طول ما أنا موجود على رأس المجلس العسكرى أننى لن أسمح للإخوان بتشكيل الحكومة أو حتى أن يكون لهم وجود بداخلها، هذا العرض مرفوض، والقوات المسلحة لن تسمح بانهيار البلد، ونحن لن نقبل بتشكيل الإخوان للحكومة ولو كان المقابل ألف مليار وليس مائتى مليار.

صعد المشير إلى مكتبه، كان غاضباً، وطلب إبلاغ الدكتور محمد مرسى برفض المجلس العسكرى للعرض الإخوانى، وإغلاق هذا الملف نهائياً.