لا تقل سخونة الاتصالات السياسية خلال الأسبوعين الماضيين عن المواجهات الحدودية في قطاع غزة، ففي الوقت الذي كان الشبان يشتبكون مع جنود الاحتلال، كانت المبادرات تتوالى لكن من دون أن تسلك إحداها طريق التطبيق، الأمر الذي دفع حركة حماس إلى التريث في دراستها، واستكمال المسيرات لممارسة المزيد من الضغط.
بالتزامن مع هذه الاتصالات تتواصل الخطوات المصرية الإيجابية تجاه قطاع غزة بوتيرة واضحة، وذلك بعد وعودات حصلت عليها حركة حماس لتحسين الواقع الإنساني والاقتصادي في القطاع، والتي بدأت بإعلان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، عن فتح معبر رفح طوال شهر رمضان الجاري.
وبحسب صحيفة "الأخبار" اللبنانية، فإن البادرة الأكثر إيجابية، تتمثل في إفراج القاهرة عن معتقلين فلسطينيين في السجون المصرية قبل نهاية رمضان، مشيرةً إلى أن السلطات المصرية طلبت من "حماس" العمل على "ضبط الحالة الإعلامية والشعبية بشأن الإفراج عن المعتقلين، ومنع أي مراسم لاستقبالهم لتجنيب الأطراف كافة أي إحراج".
وبالتوازي مع خروج المسافرين وعودتهم عبر معبر رفح، توافد الشاحنات التجارية التي تعبر من الأراضي المصرية وهي تحمل مواد صناعية وإسمنتاً ومواد بناء، بالإضافة إلى قوافل مساعدات مصرية وأردنية وإماراتية وصلت خلال الأيام الماضية تباعاً.
وأكدت أن السلطات المصرية أبلغت حماس أنها تجري تقييمات لاستمرار فتح المعبر بصورة دائمة، لكن من دون تحديد هل سيكون ذلك بواقع أسبوع إلى أسبوعين شهرياً أو مفتوحاً بصورة كاملة، مرجعين الأمر إلى الواقع الأمني في سيناء.
وبيّنت المصادر، أن هذه الخطوات تأتي ضمن توافق عربي ودولي لتخفيف الأزمة في غزة، وذلك بعدما كادت تنزلق الأوضاع إلى مواجهة بعد ارتكاب القوات الإسرائيلية مجزرة بحق المتظاهرين ضمن مسيرة العودة في 14 أيار الجاري.
ولفتت إلى أن هذه الوساطات تتمحور حول "تهدئة طويلة الأمد" بين المقاومة والاحتلال، وهو ما كشفته مصادر مطلعة قالت إن مسؤولي "حماس" التقوا في الدوحة عدداً من الوفود الدولية خلال الأسابيع الماضية.
وأضافت: أن "دولاً كبرى أرسلت وفودها إلى الدوحة بالتنسيق مع القيادة القطرية... الحركة رحّبت بهذه الجهود الدولية لكنها أكدت للجميع استمرارها في فعاليات مسيرات العودة كضمان لتطبيق هذه المبادرات خلال الأسابيع المقبلة، وشعور الغزيين بتحسين حقيقي على الأرض".
وكشفت المصادر، أن الإدارة الأميركية أوصلت عرضاً لتحسين الواقع الإنساني والاقتصادي ورفع الحصار مقابل موافقة "حماس" على تحييد سلاحها عبر جهات دولية، وهو الأمر الذي رفضته الحركة وأصرّت على أن سلاحها غير قابل للنقاش»، لكنها توافق على مبدأ التهدئة الكاملة مقابل رفع الحصار.
وقالت: إن "حماس تواصلت أخيراً مع أكثر من 10 دول، من ضمنها دول أوروبية، وكذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا، بطرق مباشرة وغير مباشرة، لكن عملياً لم تتقدم سوى دولتين بمبادرتين ترتكزان بصورة كبيرة على اتفاق 2014".
خشية وحذر
وتخشى أوساط في "حماس" بحسب المصادر ذاتها، من أن تكون هذه المبادرات مجرد محاولات لإدخال غزة في مرحلة إلهاء جديدة تحت عنوان التسهيلات، لذلك أكدت الحركة لجميع الوفود استمرارها في مسيرات العودة، كما ستنظم مسيرة كبرى في الخامس من حزيران، ذكرى احتلال القدس، لتكون أشد من مسيرات الرابع عشر من أيار.
وفي موازاة ذلك، قدم منسّق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية الجديد، كميل أبو ركن، اقتراحاً على حكومته بتقديم تسهيلات واسعة إلى السكان في غزة تشمل: فتح المعابر لدخول العمال من القطاع إلى فلسطين المحتلة، وتوسيع مساحة الصيد البحري، ومنح رخص تتعلق بإنشاء المزيد من محطات المياه والكهرباء، وضخ الوقود إلى القطاع، لكنه أشار إلى أن هذه التسهيلات بحاجة إلى موافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
زيارة السنوار لـ"مصر"
وأشارت المصادر، إلى أن حركة حماس حددت زيارة رئيسها في غزة، يحيى السنوار، إلى مصر، في الثاني عشر من رمضان الجاري، وذلك في وقت نفى فيه رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، تلقي حركته أي اتصالات رسمية من فتح لزيارة غزة.
وكشف مصدر مصري أن وفداً أمنياً سيزور رام الله في غضون الأسابيع القليلة المقبلة من أجل تحريك ملف المصالحة، موضحاً أن الوفد سيرأسه مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة اللواء سامح نبيل، حيث من المقرر أن يتم بحث سبل الدفع باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية من جانب، والعمل على عقد مجلس وطني توحيدي من جانب آخر.