حذر الكاتب توماس فريدمان في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، من أن سكان غزة ينفقون الآن ما بين 20 و30% من دخلهم في محاولة لشراء مياه شرب نظيفة، مستنتجا إن الاحتجاجات (المظاهرات) القادمة في غزة لن تنظمها حماس، وإنما الأمهات بسبب انتشار وباء الكوليرا والتيفوئيد نتيجة لتلوث المياه.
وذكر الكاتب فريدمان، في مقاله الذي نشر اليوم الجمعة، أنه "عند ذلك، سيضطر جميع سكان غزة إلى التوقف عن شرب المياه الملوثة، وعندها فانه سيكون من السهل تخيل مجئ مليوني فلسطيني إلى السياج الحدودي مع إسرائيل وهم يحملون دلاء فارغة، من أجل الحصول على مياه نظيفة.. نحن نسير في هذا الاتجاه"، وفقا له.
وأشار، إلى أن "حظر إسرائيل لإمدادات البناء بسبب استغلالها من حركة حماس لحفر الأنفاق"، وانقطاع الكهرباء بسبب الانقسام الداخلي، أدى إلى عجز خطير في البنية التحتية في غزة، وخاصة محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
وقال، إن سكان غزة يتخلصون الآن من حوالي 100 مليون لتر من مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البحر الأبيض المتوسط يومياً، كما يوضح غيدون برومبرغ، المدير الإسرائيلي لمنظمة إيكو-بيس EcoPeace (سلام البيئة) في الشرق الأوسط، التي تعمل على تعزيز السلام من خلال التعاون البيئي".
ومن ثم شرح فريدمان، أنه "وبسبب التيار السائد في البحر المتوسط، فان معظم مياه الصرف الصحي هذه تتدفق شمالاً إلى مدينة عسقلان الشاطئية الإسرائيلية، حيث توجد ثاني أكبر محطة لتحلية المياه في إسرائيل. وتأتي 80% من مياه الشرب في إسرائيل من تحلية المياه، منها 15% من محطة عسقلان".
واستدرك : "لكن الآن، تتدفق نفايات سكان غزة إلى هذه المحطة، التي جرى إغلاقها عدة مرات لتنظيف فلاتر المياه من نفايات غزة. وإضافة إلى ذلك، فان معدل الاستخراج المتجدد للمياه الجوفية في غزة يبلغ حوالي 60 مليون متر مكعب من مياه الأمطار سنوياً، كما يشير برومبرغ، لكن سكان غزة كانوا يستخرجون نحو 200 مليون متر مكعب سنوياً منذ أكثر من عقد من الزمن، لذلك فقد تم استنزاف المياه الجوفية وقد تسربت مياه البحر إليها، والكثير من السكان يشربون الآن مياه مالحة وملوثة بمياه الصرف الصحي على حد سواء".
ويعتبر فريدمان في مقاله، أن الطبيعة الأم أصبحت الطرف الثالث في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وحرض الكاتب الأمريكي على حركة "حماس" ودعا لمنحها جائزة "مضادة" لجائزة نوبل للسلام، مكررًا تصريحات المسؤولين الإسرائيليين بأنها المسؤولة عن سقوط الشهداء يوم 14 مايو الماضي خلال مسيرة العودة الكبرى شرق غزة.
وأضاف : "على الرغم من أن فكرة المسيرة نتجت عن المجتمع الفلسطيني في غزة، فقد استغلتها حماس لإخفاء فشلها المطلق في توفير أي شكل من أشكال الحياة الكريمة للفلسطينيين هناك، الذين حكمتهم منذ عام 2007"، وفقا له.
كما أدان فريدمان حكومة نتنياهو ويقول "من جانبها، عملت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على توطين المزيد من المستوطنين داخل المناطق التي يسكنها الفلسطينيون في الضفة الغربية -والذين يبلغ عددهم الآن 100 ألف شخص خارج الكتل الاستيطانية التي قد تحتفظ بها إسرائيل في أي اتفاق سلام قائم على أساس الدولتين. ويجعل هذا النهج الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين مستحيلاً على نحو متزايد، في حين يجعل الفصل العنصري أمراً محتملاً بشكل متزايد".
ويعتقد فريدمان "إن نتنياهو يرغب، كما ترغب حماس، في السيطرة على كل الأراضي الفلسطينية؛ وفي ظل الدعم المطلق الذي يزوده به الرئيس الأميركي دونالد ترامب والكونغرس، يعتقد نتنياهو أنه يستطيع الحصول على كل ما يتمنى، ومن ثم لا يحتاج لتقديم أي تنازلات من أجل السلام".
وأوضح، أنه "يأتي هنا دور الطرف الثالث في النزاع، وهو الطبيعة الأم/ الطبيعة"، التي يقصد بها في هذه الحالة التركيبة السكانية وانهيار النظام البيئي حيث "أفادت وكالة رويترز الإخبارية في مارس الماضي أن عدد اليهود والعرب بين البحر المتوسط ونهر الأردن اصبح متقارباً أو يكاد أن يصبح متكافئاً، حسبما تبين التقديرات التي قدمها مسؤولون إسرائيليون، ما يثير تساؤلات حول قدرة إسرائيل على الحفاظ على ديمقراطيتها إذا احتفظت بالأرض حيث يسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولتهم".
وشرح فريدمان "يوجد الآن حوالي 2.7 مليون فلسطيني في الضفة الغربية، ومليوني فلسطيني في غزة و 1.84 مليون /عربي إسرائيلي/، أي ما مجموعه 6.5 مليون نسمة، وهذا هو تقريباً نفس عدد اليهود الذين يعيشون بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. وإذا استمرت معدلات المواليد الحالية، فمن المرجح أن يصبح اليهود أقلية، مع كل العواقب السلبية التي ستترتب على ذلك"، بحسب ما أوردته صحيفة القدس المحلية.