صحة الرئيس... والرئاسة

2913f7aaea5088a34da141e63df6328c.jpg
حجم الخط

 

إبتداء ندعو للرئيس محمود عباس بالمعافاة والشفاء التام، فما زال امامه من المسؤوليات والقرارات ما يحتاجه الشعب في هذه المرحلة المصيرية. الرئيس وصحته قضية عامة بحكم المناصب التي يشغلها، ولذا من حق الشعب الفلسطيني على تفاوت مواقفه أن يقلق على المستقبل السياسي او على اليوم التالي للرئيس عفاه الله، والقلق يعزي لغموض وعدم التوافق على آلية تحول السلطة، ورغم أن القانون ألأساسي قد حسم ألأمر بتولي رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطه لمدة ستين يوما تجري بعدها انتخابات رئاسية.

لكن الإ شكالية الدستورية أن الدستور لم يوضح ماذا لو لم تتم الانتخابات لأسباب أمنية أو سياسية ، هل يبقى رئيسا؟ ومن يمنحه هذا الحق؟.

ألآن يفترض أن لدينا محكمة دستورية عليها تفسير الدستور بما يحقق المصلحة العامة، وبحكم تخصصى في النظم السياسية فإن التفسير الدستوري يخضع أحيانا بل كثيرا للتوجهات السياسية لأعضائه كما في المحكمة الدستورية في الولايات المتحدة.لا توجد لدينا مشكلة دستورية لأن الدستور وضح بشكل قاطع آلية إنتقال الرئاسة لأي سبب من ألأسباب ، لكن الإشكالية سياسية بسبب الإنقسام والذي خلق واقعا سياسيا جديدا بكل بنيته في غزة تقوده وتترأسه حماس، وبعبارة أخرى أستطيع أن أقول ان غزة قد حسمت نفسها.

والإشكالية السياسية الثانية أن الرئيس محمود عباس لا يستمد شرعيته فقط من شرعية الانتخابات كونه الرئيس الثاني بعد الرئيس الراحل ياسر عرفات، المنتخب إنتخابا مدنيا، وما يميزه أنه رئيس مدني.

الرئيس يملك شرعية تاريخية ثورية بحكم أنه من جيل المؤسسين، وقد يكون آخر هذا الجيل، ولذا سنقدم على مرحلة سياسية لا يستطيع أحد حسمها ومن هنا ينبع القلق السياسي ، فالرئيس يشغل المناصب الرئاسية للمنظمة و«فتح» والسلطة. لكن تبقى المشكلة الأساس في الرئاسة ، فرئاسة فتح وآلية خلافتها حسمت، وحتى منظمة التحرير لا مشكلة خصوصا بعد عقد المجلس الوطني وإختيار مجلس مركزي جديد ولجنة تنفيذية جديدة، المسألة ببساطة عقد جلسة طارئة للجنة التنفيذية إذا تعذر اجتماع المجلس المركزي وإختيار رئيس جديد.

لكن السؤال هل من حق رئيس المنظمة ان يكون رئيسا للسلطة؟ يكمن هنا الجدل الدستوري الذي في كل الأحوال سيكون محل عدم موافقه بسبب الإنقسام، لأن حماس لن تقبل إلا بالحل الدستوري الذي يعطي رئيس المجلس التشريعي الحق في الرئاسة لمدة ستين يوما قابلة للتمديد في حالة الإنقسام، لكن إشكالية هذا الحل الدستوري أن الرئيس الفلسطيني لا بد أن يحظى بالإعتراف الإقليمي والدولي ، وهذا الإعتراف بناء على البرنامج السياسي للمنظمة وبرنامج الرئيس ، والذي يقوم أساسة على الإعترا ف بإسرائيل وخيار السلام والتفاوض، وحماس ليست مستعدة، لذلك فإن إختيار رئيس من حماس مستبعد، والبديل لذلك التوافق بين جميع الكتل البرلمانية بما فيها فتح، على رئاسة جديدة للمجلس التشريعي وإختيار شخصية توافقية كشخصية الدكتور سلام فياض وهي شخصية دوليه، وبعدها الذهاب لإنتخابات رئاسية أولا بحكم الظروف الإستثنائيه ، والكل متفق عليها، لكن لهذه الانتخابات شروطها الإقليمية والدولية وحتى الإسرائيلية ، ولا أعتقد انها متوفرة، وتحتاج لضمانات دوليه لإنجازها.

إحتمالات هذا السيناريو قائمة لو قامت دول عربية موزونة لها تأثيرها على الطرفين كالدور المصري وألأوروبي ، وقد يكون لهذا السيناريو ثمنا سياسيا وإقتصاديا يمنح لغزة في ظل سيطرة حركة حماس.

اما السيناريو ألآخر والذي قد يكون حتميا وواقعيا الإعلان عن مرحلة الدولة ، والتي تعني إلغاء مرحلة أوسلو ، والسلطة ، والحديث عن مؤسسات الدولة الجديدة.

وبحكم ان المنظمة وبعد تشكيلها رغم معارضة حماس والجهاد تبقى الممثل الشرعي والوحيد وهي مرجعية الدولة ، فقد يتم إختيار رئيس لهذه الدولة من قبل احد أعضائها ، وهل يمكن إختيار شخصية من خارجها؟ هذه إشكالية أخرى وهل يكون من خارج فتح صاحبة الأغلبية في اللجنه؟ هذا مستبعد.

لكن هذا السيناريو قائم وإحتمالاته كبيره ، وكل ما يتطلبه هو الاعتراف الاقليمي والدولي السريع. وعندها سيفرض نفسه على الواقع السياسي الفلسطيني ، وعلى غزة ،وخصوصا إذا ما طرح الرئيس الجديد مبادرة مقنعة لغزة تخرجها من متوالية أزماتها ، وأساسها ألإعترا ف بحماس كفاعل رئيسي فيها.

هذان هما السيناريوهان الأكثر إحتمالا. لكن يبقى سيناريو الانتخابات وبالتوافق هو السيناريو ألأكثر شرعية ودستوريه، والذى فيه مخرج للحالة السياسيه الفلسطينيه العنكبوتية، ما دون ذلك قد تكون سيناريوهات الفوضى العارمه في الضفة الغربية وهنا قد يبرز الخيار الأمني الذي يحسم هذه الحالة ، وبعدها ستبرز حلول الربط الإقليمي لكل من الضفة وغزة.

في هذا السياق يبدو البعد والمكون السياسي لصحة الرئيس الذي نتمنى له ثانية المعافاة للوصول بالحالة السياسية لمخارج وحلول تضمن الآلية السياسية التوافقية.

ولاشك إجراء انتخابات في حياة الرئيس افضل، ولذلك أتمنى ان يدرس هذا الخيار ، وأمد الله الرئيس عمرا وصحة.