حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الأحد من خطط يجري العمل عليها لطرد نصف مليون مهاجر "غير شرعي" من إيطاليا بصورة جماعية، إلى جانب إغلاق مخيمات مهاجرين وفتح مراكز احتجاز أخرى.
كما حذر المرصد في بيانٍ له مشروع قانون في المجر يقضي بالحبس الفعلي لمن يقدم المساعدة للمهاجرين وطالبي اللجوء، فضلاً عن توجه النمسا لتقليص المساعدات المالية المقدمة للاجئين بشكل حاد بغرض التضييق عليهم والحد من أعداد اللاجئين الوافدين الى البلاد.
وقال المرصد الحقوقي إن هذه المخططات جاءت عقب تولي أحزاب اليمين المتطرف أو أشخاص تابعين لها الحكم في البلدان الثلاثة، وحذر من أن هذه المخططات "تعني انقلاباً غير مسبوق على لوائح دبلن الخاصة بالتعامل مع المهاجرين واللاجئين في الاتحاد الأوروبي، وهي تمثل ردة عن المعايير الدولية وحقوق الإنسان المنصوص عليها في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والتي استقر التعامل بها منذ العام 1950".
وأوضح أنه بينما تتجه إيطاليا نحو تشكيل حكومة جديدة تضم اليمين المتطرف، كشف كل من زعيم حزب "الرابطة"، "ماتيو سالفيني"، والذي يُعرف بمعاداته للمهاجرين، و"لويجي دي مايو"، زعيم حزب "5 نجوم" الشعبوي، عن وثيقة سياسية جديدة جرى الاتفاق حولها خلال اجتماع مشترك عُقد قبل حوالي أسبوعين (الجمعة 18 أيار/مايو)، وتتناول الوثيقة أزمة المهاجرين في البلاد، حيث من المتوقع تنفيذ ما جاء فيها بعد أن تم الانتهاء من تشكيل الحكومة الخميس الماضي.
وأوضح المرصد الحقوقي أن الوثيقة الجديدة من شأنها تعميق أزمة المهاجرين بشكل مضاعف عبر زيادة تكدس المهاجرين الذين سيفتح لهم مراكز احتجاز في إيطاليا، تمهيداً لإعادتهم إلى ليبيا، إلى جانب مراكز الاحتجاز الأخرى المقامة أصلا والتي يعاني فيها المهاجرون من ظروف لا إنسانية تزيد من معاناتهم.
ولفت الأورومتوسطي إلى أن أخطر ما في الوثيقة المزمع تنفيذها هو تهديدها لمكانة الاعتراف الإيطالي بمعاهدة اللاجئين "اتفاقية دبلن"، حيث أنها تمثل دعوة لتملص إيطاليا من مسؤولياتها تجاه قضية اللاجئين التي كفلتها الاتفاقية.
وفي سياق مشابه، حذّر الأورومتوسطي من مخطط في المجر، تقدمت به حكومة رئيس الوزراء المجري "فيكتور أوروبان"، فقط بعد فترة وجيزة من إعادة انتخابه لفترة جديدة في أبريل الماضي، ويقضي بتجريم تقديم أي مساعدة للمهاجرين وطالبي اللجوء الوافدين إلى البلاد، وفرض عقوبة السجن لمدة عام كامل على المخالفين سواء أكانوا أفراداً أو مؤسسات.
وفِي هذا السياق أوضحت ساندرا أوين، الباحثة في قسم السياسات في المرصد الأورومتوسطي، إلى أن تمرير هكذا قانون، سيمثل اعتداء واضحا وصريحا على عمل المنظمات الحقوقية والإنسانية التي تعمل بشكل شرعي على تقديم العون للاجئين في البلاد، كما سيضيف عبئا قاسيا على طالبي اللجوء والمهاجرين الوافدين للبلاد.
وأوضح المرصد الحقوقي الذي يتخذ من جنيف مقرا له أن المخطط، الذي أطلق عليه اسم "أوقفوا سورس"، جاء ردا على نشاطات رجل الاعمال المجري الأمريكي "جورج سوروس"، والتي تهدف إلى تمويل عدد من المنظمات الحقوقية المختصة بمساعدة اللاجئين. ويهدف المخطط إلى سياسات لجوء أقسى وإجراءات أمنية أكثر تشددا على الحدود وذلك لمنع اللاجئين من دخول المجر، كما يعارض المخطط بشكل صريح برامج إعادة التوطين الأوروبية والتي تهدف إلى توزيع اللاجئين الوافدين إلى أوروبا بين الدول الأوروبية الأخرى ضمن ما عرف بنظام الكوتا.
وأشار المرصد إلى أن هذه السياسات التعسفية ليست الأولى التي تتخذها المجر، حيث كانت اتبعت نهجاً قاسيا في التعامل مع المهاجرين منذ عام ٢٠١٥ حين أقامت سياجا شائكا يفصل بينها وبين سلوفينيا، ونشرت الحرس لمنع دخول اللاجئين إلى أراضيها، بالإضافة الى فرض عقوبات بالسجن تصل إلى خمس سنوات على المهاجرين الذين ينجحون في الدخول الى البلاد بشكل غير شرعي.
وفِي النمسا، أعرب الأورومتوسطي عن قلقه من مخطط جديد يقضي بخفض المستحقات المالية الحكومية المقدمة للمهاجرين، بمن فيهم اللاجئون، وذلك في خطوة تهدف لتقليص تدفق اللاجئين الى البلاد.
وبحسب الأورومتوسطي، فإن النمسا تمارس سياسة تمييزية اتجاه المقيمين على أراضيها، حيث ستقوم بدفع مبلغ للمهاجرين لن يتعدى ال٥٦٣ يورو/شهريا كحد أعلى، فيما يحصل المواطن النمساوي على مبلغ مقداره (٨٦٣ يورو/شهريا)، ولن يتمكن اللاجئ من الحصول على مبلغ مساو للمواطن النمساوي إلا بعد اجتياز امتحان اللغة الألمانية وفقط بعد مرور خمس سنوات على إقامته في البلاد.
ورأى الأورومتوسطي أن هذا المخطط يأتي تنفيذا للبرنامج الانتخابي الخاص بوزير الخارجية والهجرة في البلاد "سيبستيان كوروز"، والذي كان تعهد بتقليص مخصصات اللاجئين وإغلاق طرق الهجرة إلى النمسا خاصة وأوروبا عامة.
وقالت "أوين": "إن على الاتحاد الاوروبي والمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات قانونية رادعة لمثل هذه المخططات التي تضيف معاناة جديدة على اللاجئين المتواجدين في إيطاليا والنمسا والمجر، وعلى حكومات هذه الدول الوقوف عند مسؤولياتها تجاه اللاجئين والتوقف عن ممارسة سياسات تمييزية قاسية ضدهم".
ودعا المرصد الأورومتوسطي في نهاية بيانه إلى كبح دعوات الكراهية وخطاب العنصرية تجاه طالبي اللجوء والمهاجرين، وضرورة اتخاذ موقف حاسم إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون والمهاجرون إثر تصاعد موجات اليمين المتطرف في أوروبا، والمحافظة على الإرث الأوروبي في حماية اللاجئين عبر اتفاقية دبلن والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.