تحديات أمام الرئيس السيسى

thumbgen (21).jpg
حجم الخط

 

أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى تحديات كثيرة وهو يبدأ فترة رئاسية ثانية.. إن التحدى الأكبر أن المصريين ينتظرون من رئيسهم الكثير ولديهم أحلام واسعة بحياة أكثر رخاء وأمنا وكرامة.. والرئيس فى فترته الرئاسية الأولى قدم إنجازات كثيرة تبدو شواهدها فى أكثر من مكان وأكثر من جانب والشعب المصرى يقدر ذلك كله ويعلم أن الرئيس فى أحيان كثيرة كان يقف وحيدا متصديا للكثير من القرارات الصعبة التى لم يجرؤ أحد قبله على التصدى لها حتى تراكمت عاما بعد عام ووصلت بنا إلى ما نحن فيه..

إن أخطر ما فى الفترة الرئاسية الثانية أن الرئيس سوف يحتاج دعما حقيقيا من سلطة القرار حوله وسوف يحتاج بالأمانة إلى شعب يعمل وينتج ويشعر بضخامة المسئولية تجاه وطن يتعرض لظروف صعبة أمام تحديات ضخمة..

< سوف يكون العمل والإنتاج هما أخطر وأهم ما يواجه الرئيس. إن انجازات الفترة الرئاسية الأولى كانت تمهيدا للطريق فى صورة مشروعات أساسية يقوم عليها بناء هذا الوطن, ومهما كانت الخلافات حول بعض هذه المشروعات من حيث الأولوية وحجم الإنفاق إلا أنها تمثل ضرورات أمام وطن يعانى كل ألوان التخلف فكرا وسلوكا وإنتاجا..سوف تحتاج مصر فى الفترة الثانية للرئيس أن تدور عجلة الإنتاج فى كل المجالات وأن يحاسب كل مسئول ليس بالشهر أو العام على ما أنجز ولكن يجب أن تكون هناك محاسبة يومية.. إن أخطر التحديات التى تواجه المصريين الآن هو الزمن, لأنه لا ينتظر الآن أحدا وكل شعوب العالم تقف أمام الزمن تنتظر دورها إما فى البناء والانطلاق أو فى المزيد من التراجع والتخلف وأمام المصريين الآن فرصة تاريخية لتعويض ما فات وهو كثير جدا..

ولا احد ينكر أن وزارة شريف إسماعيل أنجزت وإن الرجل رغم ظروفه الصحية الصعبة كان أهلا للمسئولية والثقة وهناك وزراء نجحوا وآخرون أخفقوا والصورة واضحة أمام الجميع..

< سوف يحتاج الرئيس إلى فريق من المساعدين وكتيبة من العقول الواعية والضمائر الحية لتحقيق أحلام هذا الشعب فى الرخاء والحياة الكريمة, لا شك أن تجربة السنوات الأربع الماضية فى الحكم قد شهدت ميلاد مجموعة من المصريين الشرفاء الذين شاركوا فى كل الانجازات ولكن السنوات المقبلة تختلف كثيراً فى أهدافها وطموحاتها وأزماتها..

فقد بدأ الرئيس السيسى معركة ضد الفساد وعليه أن يكملها خاصة أنه جند كتيبة مقاتلة تحت قيادة اللواء محمد عرفان رئيس الرقابة الإدارية وقد نجحت فى كشف الكثير جدا من عورات الفساد فى مصر.. إن اخطر ما كشفت عنه عمليات مطاردة الفساد انه وصل فى أحيانا كثيرة إلى أماكن حساسة فى سلطة القرار ما بين وزراء ومحافظين ومسئولين كبار فى مواقع مهمة وخطيرة..

أمام الرئيس مهمة صعبة فى ضرب جذور الفساد لأنه تجذر فى مواقع كثيرة وتشعبت أنشطته ولم يعد مقصورا على موظف صغير يأخذ رشوة من هنا أو يزور صفقة هناك.. إن الفساد يدق الآن أبواب السلطة بضراوة لأنه لم يعد جديدا, فقد كبر وتوحش فى ظل عصور سبقت ووجوه شاركت ولم تجد من يتصدى لها بقوة.. إن مسئولية كشف أوكار الفساد لا ينبغى أن تقف عند سلطات الرقابة الإدارية ولكن يجب أن نبحث عن الأسباب ونحن نتصدى للظواهر وهنا يجب أن تخضع اختيارات كبار المسئولين وحتى صغارهم أيضا لقواعد ثابتة فى الأخلاق والضمير والسلوك والشفافية, وبجانب هذا فإن اختيار المسئول لابد أن يخضع للدراسة حتى لو تطلب الأمر العرض على مؤسسات نفسية فقد ثبت بالدليل القاطع أن الجوانب الأمنية لا تكفى وإنها أحيانا تخضع للمجاملات والتقديرات الخاطئة..إن الانجازات مهما كانت كبيرة فإن الفساد قادر على أن يشوه كل شىء.

< أمام الرئيس السيسى أيضا قضية مهمة وهى فقراء وبسطاء هذا الوطن. إذا كان فى هذا الشعب من يستحق الإشادة والتكريم فهم فقراء مصر الكادحون الصامدون الذين تحملوا أعباء ثورتين ولم يخرجوا وتحملوا قرارات حادة وعنيفة تمس أرزاقهم وحياتهم ولم يتنكروا وكانت بين عشوائياتهم وقصور الأغنياء من الطبقة الجديدة أمتار قليلة ولم يتمردوا.. إن بسطاء مصر هم الذين تحملوا القرارات الاقتصادية الصادمة.. تحملوا مأساة الدولار والضرائب وزيادة الأسعار والمستشفيات والمدارس والسلع الغذائية والخضراوات وفى الوقت الذى زادت فيه ثروات القادرين من رجال الأعمال والتجار والسماسرة من المضاربة فى رزق الشعب كان البسطاء يتحملون كل هذه الأعباء بنفوس راضية..

< ينبغى الآن أن تتجه أنظار الدولة المصرية إلى عهد جديد بينها وبين رجال الأعمال.. إن بعض رجال الأعمال لم يشاركوا فى بناء مصر فى السنوات الأربع الماضية, ربما جلسوا فى انتظار أشياء لن تعود ولن تجىء وعليهم أن يدركوا الآن أن رهانهم خاب ولا بديل أمامهم غير أن ينضموا إلى كتائب البناء.. هناك حشود كبيرة من رجال الأعمال حققت مكاسب مذهلة فى ظل سياسة الإصلاح الاقتصادى وكان ينبغى أن يكونوا على قدر المسئولية.. لقد جمعوا الكثير من الأموال فى عهود سبقت وحتى فى ظل الظروف الحالية هناك من تاجر فى طعام هذا الشعب سواء فى مضاربات الدولار أو استيراد السلع أو العقارات أو الأراضى وهناك حصل على أعلى الفوائد فى ودائع البنوك وعلى هؤلاء جميعا أن يدركوا أن القافلة ستمضى ولن يوقفها أحد وعليهم أن يلحقوا بمواكب البناء لأنها الأبقى..

< لا شك أن مقاييس العدالة فى مصر قد تداخلت كثيرا خاصة فيما كنا نسميه تكافؤ الفرص وقد اقترحت يوما أن يكون هناك جهاز صغير فى مؤسسة الرئاسة يتابع ما يجرى فى مسابقات طلب الوظائف والتعيينات والمسابقات لكى يوقف قصص الظلم التى يتعرض لها المميزون من شباب مصر.. إن التلاعب والتحايل فى هذه المسابقات يتم بصورة فجة, حيث توزع المناصب دون مراعاة لجوانب التفوق والتميز ومن لا يملك واسطة أو كارتا من مسئول كبير أو أن يكون قريبا من صاحب قرار فعليه أن يلحق بركب المتقاعدين.. فى أيامنا كان للتفوق قيمة وللكفاءة مكانة وهناك أجيال من أبناء البسطاء فى هذا الشعب أخذت مواقعها فى الحياة وأصبحوا فى صدارة المجتمع دون واسطة أو نسب أو قرابة لمسئول.. إن الوظائف الآن توزع بالكامل وبعد ذلك تكون الإعلانات المزيفة الكاذبة حول طلب الوظائف..

< يجب أن تخصص السنوات المقبلة لمواجهة فكر الإرهاب, إن جيش مصر والشرطة اقتربا الآن من حسم الجوانب الأمنية فى قضية الإرهاب وبقى الجانب الأهم والأخطر وهو الثوابت الدينية والفكرية التى قام عليها هذا النشاط الإجرامى وهو يتطلب مواجهة فكرية تقوم بها المؤسسة الدينية ممثلة فى الأزهر الشريف والكنيسة من اجل تأكيد سماحة الأديان والتواصل بين أبناء الوطن الواحد.. هنا ينبغى أن نبدأ حوارا واسعا حول قضايا الحريات وإنشاء الأحزاب والاجتهاد فى ثوابت الدين ودور النخبة وقد تخلت تماما عن مسئولياتها ودورها الفكرى والثقافى والسياسى وضرورة مواجهة أزمات ومشاكل الشباب فى التعبير عن نفسه.. إن فكر الإرهاب كان شيئا عارضا فى حياة المصريين، لأن الوطن الذى احتوى كل الأديان عبر مئات بل آلاف السنين لا يمكن أن يكون أرضا للخراب والدمار والعنف والتخلف..

< مازلت اعتقد أن مأساة الجهاز الإدارى فى مصر لابد أن تخضع لعمليات جراحية حادة ولا ينبغى أن يغضب احد إذا قلنا إن مصر لابد أن تجدد شبابها بدماء جديدة وأساليب فى العمل والإنتاج تتناسب مع روح العصر.. إن الصناعة المتقدمة والزراعة الحديثة والطب العصرى والأدوية الجديدة وتكنولوجيا المعلومات وتوفير الوقت وتحدى الزمن كل هذه الأشياء تحتاج إلى عقل وفكر جديد والشباب هم الأرض الصالحة لكل هذه التحديات..

إن الإدارة فى مصر تحتاج إلى عملية تطهير واسعة فى كل المجالات، لأنه لا يعقل أن يبقى الحنطور وسيلة نقل فى عهد الصواريخ والطائرات أو أن يتكدس الآلاف فى مكان واحد وهم لا يعملون شيئاً.. مطلوب ثورة إدارية حقيقية تخرج بنا من عصور التخلف وتنطلق نحو مستقبل يليق بنا شعباً وأرضا ومكاناً..

< المصريون يثقون كثيراً فى حكمة الرئيس السيسى الرجل الذى اختاروه رئيسا لأربع سنوات مقبلة وإذا كانت مصر قد استعادت مكانها ومكانتها على خريطة العالم فإننا نقدر رغبة الرئيس وإصراره على إعادة بناء مصر فى كل المجالات، وفى ظل واقع شديد الغموض حولنا فى كل الجبهات وفى ظل دماء تجرى وأوطان تضيع وسماوات أظلمت  يصبح من الضرورة  والحكمة أن نحافظ على ما بقى لنا من مصادر القوة فى جيش مصر العظيم وهنا لا ينبغى أن يخرج جندى واحد خارج الحدود إلا فى مهمة لحماية تراب هذا الوطن.. لقد عشنا تجارب سابقة أخذنا منها دروسا كثيرة والحكيم من تعلم من أخطائه..

< سيادة الرئيس أطيب تمنياتنا لك بفترة رئاسية ناجحة وموفقة فى تاريخ مصر الحديث أكثر أملاً وعملاً وإنتاجاً واستقراراً وأمناً.. رعاك الله وسدد على طريق الخير خطاك.