كيف نحيي ليلة القدر؟

orgg9.jpg
حجم الخط

ليلة القدر هي ليلة من وحي الإله، منحها الله -عزّ وجلّ- لعباده المؤمنين في الأرض، فإنّ في دُنياهم نفحات، وخير النفحات خُصَّت في خير شهور السّنة، وهو شهر رمضان، وفي ليالي العشر الأواخر من رمضان ليلة خير من ألف شهر؛ ففيها تنزّل القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى بيت العِزّة في السماء الدنيا، ولذلك اصطفاها الله -سبحانه وتعالى-على سائر ليالي العام، وهي فرصة للمسلم حتّى يُقبل على الله تعالى، ويُجدّد توبته ورجوعه إليه، ويزيد حسناته وأعماله الصالحة، فكيف يُحيي المسلم ليلة القدر، وما هي الأعمال الصالحة التي يقوم بها فيها؟

ليلة القدر هي الرّحمة المُهداة من ربّ السماء لقلوب المُتعطّشين لرحمته، والسّاعين لنيل المغفرة، والعِتق من النيران، والفوز بالرضوان وأعالي الجنان، والتفريط بساعاتها من الحرمان، فمن أضاعها بغفلة قلبه، وشرود عقله بالملذّات والمُلهيات فإنّما أضاع العُمر كلّه والخير كلّه، وفيما يأتي أمثلة على أعمال صالحة يقوم بها العبد المسلم في ليلة القدر:

- الإكثار من الابتهالات والرّجاء والدُّعاء، وإعمال اللسان بالذِّكر وتلاوة القرآن.

- الامتثال بخير البشر سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- باعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان؛ لنيل فضل ليلة القدر، وإدراك خيرها وبركتها.

- قيام ليلة القدر بالصّلاة، إيماناً بالإجابة، ويقيناً بالقبول، واحتساباً للأجر من الله تعالى؛ ليغفر الله -تعالى- ما تقدّم من الذنوب والخطايا، فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: (مَن قام ليلةَ القدرِ إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه، ومَن صام رمضانَ إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِه).

- الالتزام بما فرض الله -تعالى- من الصّلوات المكتوبة، وعدم إطاعة هوى النفس بالتّفريط بها.

- إيقاظ الأهل والأصحاب لأداء الصلاة والتنافس في الطاعات.

- الدُّعاء في ليلة القدر، فإنّ أفضل ما يُستحَبّ فيه الدعاء ليلة القدر ما جاء عن أمّ المُؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث قالت: (يا رسولَ اللَّهِ، أرأيتَ إن وافقتُ ليلةَ القدرِ، ما أدعو؟ قالَ: تقولينَ: اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ، فاعفُ عنِّي).

فضائل ليلة القَدْر

لِليلة القدر فضائل عظيمة، ونفحات إيمانيّة؛ تزيد الأرض بهاءً وسكينةً، وفيما يأتي بيان لفضائل هذه الليلة:
أنزل الله -تعالى- في ليلة القدر القرآن الكريم، هُدىً لقلوب العباد، ورحمةً وسكينةً لأنفسهم؛ فهو أعظم الذِّكر وأشرف الكُتُب؛ وهو الشفاء لِما في صدورهم، وخير رفيق في دنياهم، وشفيع في آخرتهم، قال الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).

أسلوب الاستفهام في الآية الكريمة يدلّ على التفخيم والتعظيم؛ لِما تحمله ليلة القدر في طيّاتها من عظيم الأجر والثواب والخير والبركة التي منحها اللهُ -تعالى- للسّاعين إلى الفوز بالحياة الآخرة، قال الله تعالى: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ).

قيام ليلة القدر خير من قيام ألف شهر؛ فهي الغنيمة لكلّ عبد توّاق يطمع برضا خالقه، والفوز بجنّته، والنّجاة من النار، والتجاوز عن سيّئاته، قال الله تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ).

تتنزّل ملائكة الرحمن في ليلة القدر؛ لتُضيء الأرض نوراً، وتكتسي الأرض بهم لكثرة عددهم؛ حيث يكون جبريل -عليه السلام- من بينهم؛ ليبشّروا أهل الدنيا بالخير والبركة والرحمة من خالقهم، قال الله تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ).

وصف اللهُ -تعالى- ليلة القدر بأنّها السّلام؛ لكثرة السّلامة فيها من العِقاب والعذاب؛ حيث يُكثِر العبد فيها من العبادات والطاعات؛ فهي ليلة الراحة والطمأنينة والسكون والمُناجاة، وهي تخلو من الأذى والشرور، قال الله تعالى: (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).

خصّ الله -تعالى- ليلة القدر بسورة عظيمة في القرآن الكريم؛ لتُتلى على ألسنة العباد في الأرض إلى أن تقوم الساعة؛ لِما لهذه الليلة من فضل عند الله تعالى.