في حوارٍ مطول مع "سبوتنيك"

"هنية" يتحدث عن مسيرة العودة والخلاف مع أبو مازن والعلاقة مع سوريا

هنية.jpg
حجم الخط

أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية،على أن الخلاف بين حركتي حماس وفتح ليس في قضية عمل الحكومة بل في طبيعة النظر إلى المصالحة برمتها.

وحول قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال هنية في حوار له مع وكالة "سبوتنيك": "لو اتخذت الدول العربية قراراً بقطع العلاقات مع الإدارة الأمريكية أو فرض المقاطعة الاقتصادية؛ لتغير الموقف الأمريكي تماما، ولكن للاسف الإدارة الامريكية كانت تدرك مسبقا حجم الرد وحالة التردي لدى الأمة".

وإليكم نص الحوار…

سبوتنيك: ما الهدف من مسيرات العودة وهل حققت مردوداً سياسياً؟

هنية: لقد جاءت مسيرات العودة في ظل ظروف بالغة الدقة تحيط بالقضية الفلسطينية، إذ تمر المنطقة بحالة غير مسبوقة، وخاصة من حيث حالة الانشغال والتزاحم والاقتتال في المنطقة العربية وتحول الاهتمام الدولي والإقليمي إلى قضايا أخرى، مما أدى إلى استقواء واستفراد الاحتلال الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني، وأغرى على صياغة مشاريع وخطط تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية، بدأ بعضها يشق طريقه إلى التطبيق الصامت و فرض الأمر الواقع، وكان الشعب الفلسطيني أمام أمرين إما الاستسلام إلى هذا الواقع المؤلم أو التحرك في كل الاتجاهات من أجل وقف مثل هذه الخطوات وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية باعتبارها قضية مركزية للإنسانية.

من جملة هذه الخطوات كانت مسيرات العودة والتي شارك بها مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتركزت يوم ذكرى النكبة واحتلال فلسطين، وهو ذات اليوم الذي قررت فيه إدارة ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وقد وصلت ذروة العنف الإسرائيلي ضد المتظاهرين في ذلك اليوم، والذي استشهد فيه نحو 68 من المتظاهرين السلميين من خيرة أبناء شعبنا.

رغم هذا العدد المؤلم من الشهداء والذي وصل إلى نحو 120 شهيداً منذ بدء مسيرات العودة إلا أن مجمل النتائج التي حققتها هذه المسيرات غيرت كثيرا من طبيعة المشهد الذي كان قائماً قبل اندلاعها، إذ:

أولاً: أعيد الاعتبار إلى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية مركزية للعالم الحر وعادت إلى صدارة الاهتمام العربي والإقليمي والدولي.

ثانياً: أظهرت الصورة الحقيقية للاحتلال ولطبيعة الصراع معه وكشفت الإجرام بحق شعبنا وأكدت أنه احتلال لابد أن ينتهي وأن الشعب الفلسطيني هو الضحية، وأن المظلومية التي يدعيها قادة العدو هي ادعاء باطل يخفون من خلاله جرائمهم.

ثالثاً: استعادة حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني على مستوى العالم.

رابعاً: التأكيد على حق العودة باعتباره أحد أسس القضية الفلسطينية وجوهرها وهو استحقاق لطالما سعى قادة الاحتلال إلى إنهائه ويعتبر إلغائه جزءاً مركزياً من مخططات تصفية القضية الفلسطينية.

خامساً: استعادة الوحدة الميدانية الفلسطينية كفاحياً، حتى في ظل حالة الانقسام فإن الشعب الفلسطيني توحد خلف هذه المسيرات رجالا ونساء شيوخاً وأطفالاً، وقد تحققت وحدة ميدانية من كل الفصائل الفلسطينية تقود هذا الحراك الشعبي السلمي.

سادساً: تغيير سلم الأولويات الذي أرادت أن تفرضه الجهات المحاصرة لقطاع غزة بتحويل الاهتمام الشعبي إلى قضايا مطلبية مثل الكهرباء والرواتب وما إلى ذلك من قضايا وطنية جامعة تشكل عوامل إقدام وتضحية وليس عوامل اختلاف وفرقة.

سابعاً: وضع ملف كسر الحصار على طاولة جميع الفاعلين على المستوى الإقليمي والدولي، بما يعني إفشال أهداف الاحتلال من هذا الحصار والذي أراد من خلال التضييق على الشعب الفلسطيني ابتزاز تنازلات سياسية.

ثامناً: إظهار حجم الغضب الفلسطيني من قرار الإدارة الأمريكية نقل سفارتها إلى مدينة القدس المحتلة وعدم تمرير جريمة نقل السفارة دون إظهار الرفض الفلسطيني الممهور بالدم.

وبالتالي هذه المسيرات المستمرة حققت جملة من الأهداف وستتواصل حتى تكتمل جميع الأهداف السابقة وغيرها باعتبارها رافعة مهمة للمشروع الوطني الفلسطيني.

سبوتنيك: حماس دافعت بشدة عن شرعية سلاحها كحركة مقاومة ولكن البعض يتساءل ما أهمية السلاح طالما بقي في المخازن وقت أن أهدى ترامب القدس كاملة لإسرائيل؟

هنية: إن حق الشعب الفلسطيني كشعب تحت الاحتلال في المقاومة حق ثابت، وكذلك امتلاك وسائل المقاومة، والتي لا تقارن بما يملك العدو من ترسانة عسكرية وتفتح أمامه أبواب مخازن السلاح الأمريكي وصولا إلى امتلاكه السلاح النووي، غير أن قضية نقل السفارة إلى القدس ليست قضية عسكرية يمكن مواجهتها بالقوة المسلحة، في ظل واقع الأزمة الراهنة، ومع ذلك شاهد العالم أجمع رد الفعل الفلسطيني على هذه الخطوة في خروج مئات الآلاف من أبناء شعبنا في كل أماكن وجوده يحملون أرواحهم على أكتفاهم يهتفون (على القدس رايحين شهداء بالملايين) وهي أبلغ رسالة وصلت للاحتلال والأمريكيين معا، أننا قد لا نستطيع وقف نقل السفارة عسكريا ولكن ندافع عن القدس ولو بصدور عارية. وسنواصل مراكمة الوسائل التي تمكن شعبنا من تحقيق النصر واستعادة أرضنا باعتباره عمل تراكمي متواصل.

سبوتنيك: ما هو جوهر الخلاف بينكم وبين الرئيس أبو مازن في تسليم القطاع لحكومة الحمد الله؟

هنية: الخلاف ليس في قضية عمل الحكومة بل في طبيعة النظر إلى المصالحة برمتها، نحن دخلنا إلى المصالحة لتحقيق عدة أهداف أولها استعادة وحدة شعبنا، وثانيها مواجهة المخططات الأمريكية الاسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية، وثالثها تحقيق إجماع وطني على الأهداف الوطنية العليا لشعبنا والعمل على تطبيقها معا، وهذا يتطلب الشراكة الحقيقية في الميدان وفي السياسة والأمن والمقاومة.

للأسف إن هذا المنطق لم نقابل به وحاول الأخوة في السلطة استخدام هذا التوجه من أجل تحقيق إقصاء لنا من المشهد السياسي وتعميق مشهد التفرد في القرار الفلسطيني، نحن لسنا قوة أجنبية لنقول تسليم القطاع ولكننا شركاء وهو ما تنص عليه جميع بنود المصالحة، لذلك المنطق هو قيام الحكومة بمهامها، وهو ما لم تقم به رغم كل التنازلات التي قدمتها حركة حماس ثم قاموا بالاستنكاف التام وإصدار قرارات لجميع الوزراء بذلك وفصل الضفة عن القطاع بل وفرض عقوبات على غزة يدفع ثمنها المواطنون والموظفين حتى من أبناء حركة فتح.

سبوتنيك: اتهمتم أبو مازن بتفخيخ مشروع المصالحة ما مصلحة أبو مازن في ذلك؟

هنية: نحن قلنا إن هناك عدم جدية من الأخ أبو مازن في تطبيق المصالحة، فهو هكذا يضرب عصفوين بحجر الأول التخلص من غزة وأعبائها وإلقائها في حجر حماس، والثاني عدم تمكين حماس، والتي حققت أغلبية برلمانية من أي مشاركة في القرار السياسي واستمرار الاستئثار بالقرار الفلسطيني، لذلك تتهرب رئاسة حركة فتح في كل محطة من استحقاقات المصالحة متذرعة بذرائع مختلفة كل مرة، ولا يوجد لديهم الإرادة الجادة لإنهاء الانقسام ولتحقيق شراكة حقيقية.

سبوتنيك: لماذا رفضتم من اللحظة الأولى إشراك أجهزة أمن السلطة في التحقيق حول محاولة اغتيال ماجد فرج والحمد الله؟

هنية: على العكس تماما منذ اللحظة الأولى الأجهزة الأمنية في قطاع غزة كانت ترسل كل ما لديها للدكتور رامي الحمد الله؛ باعتباره وزيرا للداخلية، ولكن للأسف خرجت علينا حركة فتح والرئاسة يقولون لا نريد تحقيقا ولن نستمع لنتائج التحقيقات، وكان هناك أسلوب غير مقبول وطنيا من الخطاب، الذي نترفع عن الرد عليه، وكنا نأمل أن يشاركوا في التحقيق، ولكنهم بدلا من ذلك أعطوا تعليمات لشركات الاتصالات والهواتف المحمولة بعدم التعاون مع المحققين، ورغم ذلك استطاعت الأجهزة الأمنية في القطاع بكشف الغموض عن هذه الحادثة وإعلان المتورطين فيها بمنتهى الوضوح، وتم إطلاع كافة الفصائل وكذلك الإخوة في مصر على نتائج التحقيقات بمنتهى الشفافية، وهناك قناعة لدى الجميع فلسطينيا بمن هي الجهة التي تقف خلف الحادث.

سبوتنيك: هل الاختلاف حول مكان انعقاد المجلس الوطني سبب منطقي يجعلكم ترفضون المشاركة فيه؟

هنية: القضية ليست فقط مكان انعقاد المجلس على اهميته، ولكنه منهج وسلوك في قضية شديدة الأهمية؛ وهي إعادة بناء وصياغة أعلى مؤسسة قيادية للشعب الفلسطيني، حيث تم الاتفاق وطنيا على عدة قواعد لكيفية عقد المجلس الوطني، وفق القواعد الديمقراطية، وتمثلت أولًا في اتفاق القاهرة عام 2005 ثم اتفاق المصالحة 2011 وأخيرا ما عرف بتفاهمات بيروت2017، والتي تضمنت آليات محددة وعدد محدد للمجلس وكيفية اختيار أعضائه، وللأسف تم ضرب عرض الحائط بجميع هذه التفاهمات والاتفاقات الوطنية الموقعة من جميع فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني، بل وتدخلت مؤسسة الرئاسة، في استبعاد أعضاء واختيار بديلا عنهم وفق مزاجية من أبرزها أمين سر اللجنة التنفيذية السابق الذي أسقطت عضويته، وغيره الكثيرون.

يضاف إلى ذلك عقد المجلس في رام الله أي أن الاحتلال يتحكم في دخول وخروج أي عضو، وهو ما أدى إلى غياب رموز وطنية عن هذا اللقاء، وقد عكس هذا الأسلوب في عقد المجلس منهجية الإقصاء المرفوضة لدينا، ولذلك رفضنا أن نشكل غطاءا سياسيا لهذا المنهج بالتفرد، وأخيرا وتأكيدا على صوابية موقفنا تم ضرب عرض الحائط حتى بمخرجات المجلس، وممثلي قوى وفصائل تحدثوا للإعلام عن تلاعب بالبيان الختامي وقرارات المجلس، وحتى ما أعلن من قرارات بخصوص غزة لم يتم تنفيذه، أي أن المجلس تحول إلى ديكور لتمرير قرارات بعينها وما غير ذلك يبقى حبيس الأدراج وهو منهج لا يمكن تمريره أو إقراره في العلاقات الفلسطينية الداخلية.

سبوتنيك: أبو مازن ترك لكم الباب مفتوحا لثلاثة مقاعد فارغة داخل المنظمة هل خيار العودة مطروح لديكم؟

هنية: لا يمكن التعامل في الإطار الوطني بهذه المنهجية الإلحاقية، نحن لا نلتحق بأحد وإنما نطرح مشروعا واضحا؛ لاستعادة وحدة شعبنا، يتمثل في الدعوة الفورية إلى عقد مجلس وطني توحيدي بمشاركة الجميع، خاصة أنه ليس فقط حماس والجهاد من قاطعتا المجلس، بل هناك الجبهة الشعبية والقيادة العامة والصاعقة وقوى وفصائل تحالف دمشق وعشرات المستقلين، والخطوة الثانية تشكيل حكومة وحدة وطنية والثالثة تطبيق اتفاق القاهرة 2011 والدعوة لإجراء انتخابات عامة خلال ثلاثة أشهر.

سبوتنيك: حال استمر أبو مازن على موقفه ما البديل لدى حركة حماس لمعالجة أزمات القطاع المتعددة؟

هنية: نحن أمام عدة اولويات نسعى لتحقيقها بغض النظر عن التزامن بينها؛ أولها استعادة وحدة شعبنا، وسنواصل العمل على هذا المسار إلى أن ننجزه، والثاني هو إنهاء الحصار على غزة وتوفير الحياة الكريمة للمواطنين فيها، والأولوية الثالثة هي إكمال مسيرة التحرير وتحقيق الأهداف العليا لشعبنا الفلسطيني، والتي نعتقد أن تحقيق الوحدة مقدمة ضرورية لتحقيقها.

سبوتنيك: ذهبت لجنة مصرية أمنية لمتابعة تسليم القطاع، كيف قيمت تلك اللجنة تعاطي الطرفين الحكومة وحماس مع المصالحة؟

هنية: نستطيع التحدث عن أنفسنا، إذ أننا نؤمن إيمانًا تامًا بأننا قدمنا كل ما يلزم من أجل تحقيق مصالحة جادة وتطبيق أمين، لما تم التوقيع عليه من اتفاقات، وقد استمعنا إلى حالة رضا واضحة من معالي الوزير عباس كامل في الزيارة الأخيرة إلى القاهرة من الخطوات التي قمنا بها، ولكن المشكلة هي ليست قضية ما يسمى تمكين الحكومة أو تسليم القطاع، إذ أن جوهر اتفاق القاهرة يتحدث عن الشراكة، وهي كلمة السر في إنجاح أي مصالحة وهي التي تتطلب إرادة حقيقية للإخوة في حركة فتح.

سبوتنيك: هل تقبل حماس بالنائب محمد دحلان خلفا لأبو مازن؟

هنية: إن ملف الرئاسة من الملفات المهمة التي يجب دراستها جيدا في إطار المجموع الفلسطيني كجزء من تحقيق حالة من الإجماع الوطني، وفي النهاية الشعب الفلسطيني هو صاحب الخيار الأهم عبر صندوق الاقتراع الحر والنزيه.

سبوتنيك: كيف قيمت حماس التعاطي العربي والإسلامي مع قرارات ترامب الأخيرة؟

هنية: لقد تجاوزت قرارات ترامب كل الخطوط الحمراء، خاصة في ما يتعلق بالقدس وتحديدا الاعتراف بها عاصمة للكيان الصهيوني، وهو أمر لا يمكن أن نقبله تحت أي ظرف من الظروف، وقد تفاوتت ردود الفعل العربية والإسلامية تجاه هذه الخطوة، ونقدر المواقف المتخذة، ولكن كنا وشعبنا نأمل في خطوات أكبر وأعمق تأثيرا مع إدراكنا لطبيعة الواقع الصعب، الذي تمر به الأمة ولكن القدس فوق كل الخلافات وفوق كل الاعتبارات.

سبوتنيك: الرئيس التركي سحب سفراءه من إسرائيل وأمريكا لماذا لم نجد هذا الموقف من دول عربية؟

هنية: الموقف التركي موقف مقدر ومحترم وله أهمية وخصوصية، وكما قلت أن الأمة تمر بواقع صعب نأمل أن يتم تجاوزه، ولو اتخذ قرارا بقطع العلاقات مع الإدارة الأمريكية من الجميع أو فرض المقاطعة الاقتصادية لكان الموقف الأمريكي تغير تماما، ولكن للأسف الإدارة الأمريكية كانت تدرك مسبقا حجم الرد وحالة التردي لدى الأمة.

سبوتنيك: إدراج اسمكم على قوائم الإرهاب في أمريكا هل أثر على علاقتكم مع الدول العربية الحليفة لواشنطن؟

هنية: الانحياز الأمريكي للكيان الصهيوني له العشرات من الدلائل، ومن بينها هذا القرار، فقد أصبحت الإدارات الأمريكية تتبارى في تنفيذ تعليمات وأوامر قادة الكيان، ونحن عندما سرنا في هذا الطريق منذ البداية نذرنا أنفسنا وأرواحنا في سبيل الله وفداء لفلسطين، ولا تهمنا كثيرا هذه التصنيفات، بل إنها شهادة فخر تزيدنا إصرارا على المضي بذات الطريق، ولو حدث خلافا لذلك لشككنا في صوابية مسارنا.

سبوتنيك: لماذا لا تتعجل سوريا في إعادة العلاقات معكم رغم محاولات حزب الله وإيران؟

هنية: نحن لم نقطع العلاقة مع سوريا ولكن الكثير من الظروف الموضوعية أدت الى شكل العلاقة الحالي، ونحن نعتبر سوريا دولة شقيقة وقف شعبها ونظامها دوما الى جانب الحق الفلسطيني، وكل ما أردناه أن ننأى بأنفسنا عن الإشكالات الداخلية، التي تجري في سوريا، ونأمل أن يعود الأمن والاستقرار والسلم الأهلي في سوريا وأن تعود إلى دورها الإقليمي القومي.

سبوتنيك: البعض يحمل شخص السيد هنية مسؤولية تدمير العلاقات مع سوريا، حين أعلنت من مصر دعمك لما اعتبرته ثورة شعبية، هل ما زلت ترى أن ما حدث في سوريا ثورة؟

هنية: لقد مرت المنطقة بمعظم دولها في عاصفة حقيقية اختلفت تفسيراتها، ومع ذلك نحن أردنا منذ البداية أن ننأى بأنفسنا وابتعدنا عن أي توصيفات، فما نسب لي غير دقيق، نحن وقفنا إلى جانب الشعب السوري، ولكن لم نكن يوما في حالة عداء مع النظام السوري، والذي وقف إلى جانبنا في محطات مهمة وقدم لنا الكثير كما الشعب السوري العظيم، وأن ما يجري في سوريا تجاوز الفتنة الى تصفية حسابات دولية وإقليمية لذلك نأمل أن ينتهي هذا الاقتتال ويتوقف شلال الدم النازف، والذي يدمي قلوبنا ويضر أبلغ ضرر بالواقع القومي للأمة وبقضيتنا الفلسطينية على وجه الخصوص.

سبوتنيك: أعلنتم رفضكم القاطع، في بيان، العدوان الثلاثي على سوريا وبارك السيد مشعل لأردوغان على دخول عفرين، ألا ترى في ذلك ازدواجية سياسية؟

هنية: لقد أعلنت الحركة موقفا واضحا برفض العدوان الأمريكي والصهيوني على الأرض السورية، كما أن موقف الحركة ثابت بوحدة التراب السوري وحتى اجتهاد الأخ خالد مشعل أبو الوليد لا يقصد اقتطاع شبر من الأرض السورية وإنما قصد التهنئة بالقضاء على ميليشيات داعش والتي لا يليق بنا إلا الترحيب بإزاحتها عن أي شبر من الأرض.

سبوتنيك: تحسنت العلاقة بين مصر وحماس بشكل مفاجئ رغم اتهامكم مرارا من إعلام محسوب على الدولة المصرية بالتورط في عمليات إرهابية في سيناء ما تعليقكم؟

هنية: نحن نعتبر أن العلاقة مع مصر استراتيجية بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم في مصر، وهي السياسة التي اتبعناها منذ عهد الرئيس مبارك إلى اليوم، ولكن كنتاج للعواصف السياسية والميدانية التي مرت بها المنطقة، شهدت العلاقة مدا وجزرا، ولكن تبين للجميع صدق ما قلناه أن حماس نأت بنفسها ولم تتدخل في أي بقعة من مصر أو غيرها من دول المنطقة، ولذلك بدأت العلاقة تعود إلى طبيعتها ونأمل أن يكون هذا هو الواقع مع الجميع.

سبوتنيك: هل يستمر الدعم الإيراني للحركة بنفس حجم ما كان عليه قبل 2011؟

هنية: إيران دولة محورية مهمة في المنطقة وعلاقتنا معها تكتسب ايضا بعدا استراتيجيا وقد قدمت الكثير لصالح شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة ونتقاطع في ما يتعلق بالشأن الفلسطيني في الرؤية والوجهة ويمكن أن نقول إن العلاقة مع إيران اليوم في مرحلة مميزة ومتقدمة.

سبوتنيك: إذا لماذا فضلت حركة حماس المحور المصري الإماراتي على نظيره الإيراني القطري؟

هنية: نحن لا ندخل في محاور ضد محاور أخرى، نحن أصحاب قضية جامعة هي قضية فلسطين، والتي تحتاج إلى دعم من الجميع، لذلك في الوقت الذي نتجه فيه لعلاقات قوية مع مصر، نحافظ فيه على علاقات قوية مع قطر وايران، ولسنا في ترف من أمرنا أن نستغني عن أي شكل من العلاقة مع أي دولة تود أن تقف إلى جانب الحق الفلسطيني، صحيح أنها معادلة صعبة ولكنها ممكنة وواجب تنفيذها، ننأى بأنفسنا عن الخلافات الاقليمية، ونسعى لتحقيق الإجماع العربي والإسلامي حول قضيتنا الوطنية التي يجب ألا يختلف عليها اثنان.

سبوتنيك: كيف تنظرون للدور الروسي في المنطقة وهل يمكن أن يكون راعيا للسلام بديلا عن الولايات المتحدة في القضية الفلسطينية؟

هنية: لطالما شكل الروس قطبا مهما في السياسة الدولية وأيضا في الإقليم، وأي دور روسي يمكن أن يحقق توازنا يقف في مواجهة الاستفراد الأمريكي والانحياز الأعمى لإدارة ترامب لصالح الاحتلال، ولكن نحن لا نؤمن بوجود مسيرة تسوية يمكن أن تكون بالمنظور القريب، ليس لعدم إيماننا بالدور الروسي، ولكن لقناعتنا أنه لا يوجد من قادة وأحزاب إسرائيل من يؤمن بالسلام.