مخاوف إسرائيل ومكافأة الاتفاق النووي الإيراني

روحاني-نتنياهو
حجم الخط

اختلفت الأنباء حول ما إذا كانت طواقم المفاوضات الغربية مع إيران على وشك التوصل لاتفاق أم تأجيل المفاوضات لمنع إعلان فشلها.

ولكن إسرائيل لا تنتظر النتيجة وهي تواصل شن الحملة على الاتفاق النووي مع إيران ، والذي تراه سيئاً في كل الأحوال لأنه لا يحقق الهدف الرئيس لها وهو دفع الغرب لتوجيه ضربة عسكرية لإيران وتدمير قدراتها العسكرية.

و حمل رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" على استمرار المفاوضات مع إيران ، بغض النظر عما يُقال عن المصاعب التي تواجهها، وأعلن أنه فيما تحرق أعلام أميركا وإسرائيل في طهران يواصل الغرب تقديم التنازلات لإيران في فيينا.
والواقع أن إسرائيل تبني على الإفادة من المفاوضات مع إيران في كل الأحوال ، فالتهويل من الخطر النووي الإيراني يرمي إلى تحقيق أهداف عدة في وقت واحد، 
وأبرز هذه الأهداف إظهار إسرائيل في موضع الضحية ولكن القادرة على الدفاع عن نفسها والتي تطالب العالم بأن يمسكها حتى لا تضرب إيران دفاعاً عن وجودها ، ولكن لا يقلّ أهمية عن ذلك أن إسرائيل تطمح لنيل تعويض سخي من الغرب عموماً ومن الولايات المتحدة خصوصاً عن أي اتفاق يبرم مع إيران

وهناك إشارات كثيرة إلى مطالب إسرائيلية مبالغ فيها بشأن ما تريده من أسلحة ومنظومات أمنية لا تحافظ فقط على تفوق إسرائيل النوعي وإنما تحفظ أيضاً تفوقها الكمي. وإلى جانب ذلك هناك التوق الإسرائيلي لتشكيل تحالف مع "الدول السنية المعتدلة" ضد "الهلال الشيعي".
 

وفي إطار محاولاتها إقناع الغرب بضرورة عدم التوصل إلى اتفاق مع إيران تثير إسرائيل مخاوف من أن الاتفاق الذي يضبط المشروع النووي الإيراني ويقيّده سوف يقود إلى سباق تسلح نووي في المنطقة ، وهي ترى أن دولاً مثل السعودية ومصر والأردن وتركيا سوف تسعى من الآن فصاعداً لامتلاك قدرات نووية بغرض إحداث توازن نووي مع إيران وإسرائيل في عرضها لهذه المبررات تخفي تماماً واقع أنها الدولة النووية الأولى في الشرق الأوسط وأنها الدولة الوحيدة التي ترفض التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، كما ترفض إخضاع منشآتها النووية للمراقبة الدولية.

وقال الخبير في الشؤون الأميركية، الدكتور أبراهام بن تسفي، في صحيفة "إسرائيل اليوم" أن "واقع مرور موعد الاتفاق الدائم بين الدول العظمى وإيران حول السلاح النووي من دون أن يتصاعد الدخان الأبيض، يثير الاستغراب، فليس هناك أي مؤشر على تراجع أو زوال اندفاع واشنطن لإنهاء المفاوضات بنجاح بل العكس، ويتبين في الأشهر الأخيرة أكثر فأكثر أن الرئيس اوباما قد جعل موضوع الاتفاق هدفاً مركزياً، وأن تحقيقه سيغطي على جميع أخطائه وفشله في الشرق الأوسط، حيث سيُبشر بذلك عن بدء مرحلة جديدة تكون فيها ايران الشريك الجديد".

وأضاف أن "أوباما مصمّم ويؤمن بسياسة المصالحة، التي تستند الى مجموعة واسعة من خطوات بناء الثقة في الاقتصاد، وتضع نظام آيات الله على خط التعامل البراغماتي والمعتدل، عن طريق جزرة الاستثمارات الاقتصادية وإلغاء العقوبات، يتم وضع الأساس لتعاون سياسي واستراتيجي قوي بين واشنطن وطهران، يكون مركزها استعداد النظام الايراني للعب دور اساسي في الصراع للقضاء على داعش، ومن اجل تحقيق هذا الحلم تستمر الادارة الاميركية الآن ايضاً في التدهور باتجاه الاتفاق الدائم وبأي ثمن، وهذا من خلال غض النظر والتغاضي عن استمرار العمليات الإرهابية التي مصدرها العاصمة الإيرانية والتي تشمل المنطقة كلها".

في كل حال يتناسب هذا التحليل مع المنطق الذي يشيعه نتنياهو ومفاده أن الاتفاق النووي مع إيران "يمهد لها الطريق لإنتاج الكثير من القنابل النووية ما يعرض للخطر سلامة العالم بأسره"، ويشير نتنياهو إلى أن إيران لا تخفي نيتها في مواصلة عدوانها الدموي حتى على من يتفاوضون معها"، ويشدّد على "ربما أن الدول العظمى مستعدة للخنوع للواقع الذي تفرضه إيران، والذي يشمل دعوتها التي لا تتوقف إلى تدمير دولة إسرائيل، ولكننا لن نسلم بذلك".

غير أن تهديدات نتنياهو تعتبر في نظر الكثير من القادة الإسرائيليين فارغة، إذ ليس بوسع إسرائيل فعل شيء إذا ما قررت دول الغرب الكبرى الاتفاق مع إيران، وسوف تعتبر كل محاولة إسرائيلية لضرب إيران تخريباً على هذا المسعى الغربي، ولكن هناك في إسرائيل من يؤمنون أنه ليست في إسرائيل قدرة فعلية على توجيه ضربة ناجعة للمشروع النووي الإيراني، ورغم امتلاك إسرائيل لقدرات عسكرية هامة بعضها مؤذٍ لإيران إلا أن ذلك شيء وضرب المشروع النووي الإيراني شيء آخر، ومع ذلك تحاول إسرائيل في الغرف المغلقة التأكيد على أن استمرارها في إثارة تهديد الضربة العسكرية يرمي إلى مساعدة المفاوض الغربي في مواجهة إيران.

عموماً، ورغم ميل إسرائيل إلى الحفاظ على استقلالها العملياتي فإن تضارب مصالحها مع مصالح الغرب في المنطقة قد يقود إلى فرض قيود عليها حتى لو كانت هذه القيود من حرير، ومعروف أن إسرائيل تتلقى مساعدات عسكرية كبيرة، خصوصاً من الولايات المتحدة وألمانيا الملتزمتين الحفاظ على تفوقها العسكري، وليس مستبعَداً أن تقبل في النهاية عروضاً أميركية بمنحها مظلة نووية لحمايتها في إطار تبديد مخاوفها المرضية التي لا علاج لها.