حين وصل الحمد الله إلى كرسي رئاسة الوزراء قبل عامين، اعتقد كثيرون أنه بدأ لتوه «مهمة انتحارية»، لن تطول قبل أن يهرب الرجل الرصين الهادئ، والأكاديمي الذي يحظى برصيد كبير من الاحترام والنجاحات، من حقل الألغام الذي وجد نفسه متورطا فيه.
كان مقدرا له أن يقود حكومة مؤقتة إلى حين عقد اتفاق مصالحة بين حركتي فتح وحماس. لكنه ظل بعد ذلك بطلب من الحركتين، على رأس حكومة التوافق الحالية، ويفترض أنه سيقود حكومة الوحدة الوطنية المقبلة كذلك.
يدرك الرجل أنه يعمل في ظروف احتلالية وداخلية من شأنها أن تحول النجاحات إلى إخفاقات، لكنه على الأقل، يعرف ماذا يريد اليوم وغدا. وخلال عامين أظهر قوة لا يستهان بها، منطقها بسيط للغاية: «صلاحياتي أو نراكم على خير».
استقبلنا في مكتبه في رام الله من دون أي احتياطات أمنية، وكان مستعدا للمقابلة بمجموعة من الأوراق التي تحوي تفاصيل وأرقاما؟
سألني حول ما سنركز عليه في المقابلة، ثم قال وهو المقل جدا في إجراء مقابلات إعلامية، اسأل كيفما تشاء وفي أي موضوع؟ وسأجيبك. وهكذا مضت ساعة ونصف الساعة من الحوار والدردشة، تحت مظلة من صراحة مطلقة ومستفزة لخصومه.
* سأبدأ من حكومة التوافق. أردتم تغيير الحكومة ثم أصبح الحديث الآن عن تعديلها. بصراحة هذه الحكومة فشلت أم أفشلت؟
- الحكومة لم تفشل. الحكومة أسست في 2-6- 2014 ووضع لها مهمات أهمها استكمال المصالحة، واستكمال بناء وتوحيد المؤسسات، والتحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية. وكما تعلم، بعد أسابيع قليلة، حدثت حرب قطاع غزة واستمرت 50 يوما وما ترتب على هذه الحرب من دمار هائل وشهداء ومئات آلاف البيوت المدمرة كليا وجزئيا. كان هذا عبئا كبيرا. ورغم ذلك، بدأنا بخطوات عملية لإنهاء الانقسام، وذهبت إلى قطاع غزة للحديث عن استيعاب الموظفين الذين تم تعيينهم بعد عام 2007. وللحديث عن المعابر.
أذكر اجتماعي مع هنية في 10-10- 2014 ومع وقيادة حماس، اتفقنا على حل موضوع الموظفين وموضوع المعابر. حماس قالت لي بأنه ليس لديها أي مشكلة في تسليم المعابر إلى حكومة التوافق الوطني. وكان هذا شرطا مهما لعملية إعادة الإعمار. عدت من غزة بهذا الاتفاق لكن لم يتم تسيلم المعابر. ذهبت في زيارة أخرى في أبريل (نيسان) 2015.
واجتمعت مع قيادة حماس وتحادثنا حول نفس النقطتين ، الموظفين والمعابر. للأسف لم يوافقوا على الخطة التي تقدمنا به وعرضتها شخصيا على حماس. ولو وافقوا كنا قطعنا شوطا مهما في عملية المصالحة وعملية التوافق، ولكُنّا انتقلنا إلى مرحلة ثانية لتوحيد المؤسسات والوزارات، ولو نجحنا لانتقلنا طبعا إلى مرحلة ثالثة، وهي الإعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية التي يجب أن تجرى. كما هو معلوم هذا هدف نهائي.
* هل تشرح لنا خطتك حول موضوع الموظفين تحديدا؟
- نحن نتحدث عن 54 ألف موظف بينهم 23 ألف موظف مدني والباقون موظفون عسكريون. في المرحلة الأولى، قلنا لهم دعونا ننهي ملف الموظفين المدنيين، وذهبت بخطة واضحة إلى حركة حماس، اجتمعت مع السيد إسماعيل هنية (قائد حماس في غزة). قلنا لهم نحن كحكومة جاهزون لحل موضوع الموظفين على 3 مراحل.
المرحلة الأولى: هناك 28 ألف موظف مدني معينون قبل 2007 (سيطرة حماس على غزة)، هؤلاء جالسون في بيوتهم ويتقاضون رواتب. دعونا نبلغهم بأن عليهم العودة إلى العمل، ومن لا يعود يعتبر خارج الوظيفة.
الخطوة الثانية: نستبدل الذين لم يعودوا ويتاقضون رواتب فورا بموظفين من موظفي حماس الذين عينوا بعد 2007، نتحدث عن آلاف هنا.
الخطوة الثالثة: أي موظف لا توجد له فرصة عمل نحن ملتزمون بشكل كامل، بإيجاد حلول لهم، سواء عبر مكافآت أو إيجاد فرص عمل. قلنا لهم نحن جاهزون، وربطنا هذا الموضوع بموضوع تسلمنا للمعابر.
وبالمناسبة، خطتنا مدتها 3 شهور وأنا اتفقت مع كثير المؤسسات الدولية والأمم المتحدة على إنشاء صندوق لدفع رواتب وإيجاد حلول لكافة الموظفين، كنا سنبدأ في 20 نيسان (أبريل)، لكن لم تسمح حماس بعملية التسجيل لو سمحت لكنا أنهينا الموضوع الآن.
* إذن المعابر والموظفون هما العقبتان الأساسيتان الآن أمام الاتفاق مع حماس؟
- حماس تصر على أن أي حل أو تقدم في عملية المصالحة وتوحيد المؤسسات، لن يتم إلا باستيعاب الموظفين. وأنا أقول لك عملية استيعاب الموظفين ليست سهلة. عندما تتحدث عن 23 ألف موظف مدني جديد؟ أي حكومة في العالم.. حتى الحكومات الغنية لن تستطيع استيعاب هذا العدد دفعة واحدة.
* وهل هذه الخلافات (الموظفون والمعابر) هي التي تعيق انطلاق عملية الإعمار. أما هناك أسباب أخرى؟
- الإعمار موضوع وقد أضيف إلى مهمات الحكومة. كما هو معلوم في 13 أكتوبر (تشرين الأول) في القاهرة، تم التعهد بـ4.9 مليار دولار لإعادة إعمار القطاع. لم يأت من هذه الأموال سوى 27 في المائة فقط. الدول المانحة تقول: إنها تريد أن ترى السلطة على المعابر، بعض الدول الأخرى لم تف بالتزاماتها، ولكن رغم كل ذلك، أريد أن أرد على الذين يقولون: إنه لا يوجد إعمار بالأرقام. لغاية اليوم ما تم إعادة بنائه من البيوت المدمرة جزئيا، هو 95 ألف شقة، وهذا رقم ليس سهلا. خذ القطاع الاقتصادي 62 في المائة من المؤسسات المدمرة تم تعويضها. قطاع الكهرباء تمكنا من إعادة 97 في المائة من شركة الكهرباء للعمل. ونسعى لتحويل هذه المحطة إلى محطة غاز. أنجزنا في القطاع الزراعي، أعدنا الكثير للعمل بإمكانيات ضئيلة، وأنجزنا مهمات في خطوط المياه والآبار تم إصلاح الخطوط ومحطات التنقية. أيضا طورنا آلية لإدخال المواد مع الأمم المتحدة والجانب الإسرائيلي. لغاية الآن تمكنا من إدخال 131240 طن إسمنت إلى قطاع غزة. 12355 طنا من الحديد. 3389 شاحنة حصمة بمعدل 135 ألفا و200 طن. وأدخلنا للمشاريع القطرية 11 ألفا و40 طنا. هناك حركة كبيرة وإنجازات في معظم القطاعات.
* لكن دكتور مع كل هذه الأرقام يبدو الإعمار بطيئا جدا، الأحياء مدمرة الناس لم يعودوا إلى منازلهم، والحياة صعبة؟
- عندما انتهت الحرب كان هناك 400 ألف مواطن في مراكز الإيواء، اليوم يوجد 231 فردا فقط، واستأجرنا لهم منازل وسيخرجون. لا يوجد أي مواطن في مراكز الإيواء، استأجرنا منازل للبعض وأصلحنا منازل البعض الآخر. هذا إنجاز في ظروف صعبة، إنجاز رغم قلة الموارد المالية والحصار المفروض على قطاع غزة منذ سنوات. (يسأل) أي حكومة في العالم (تستطيع) في اليابان عندما حدث زلزال تسونامي، آثاره لليوم، ما زالوا يعملون. فما بالك نحن دولة فقيرة ونعتمد على المساعدات والتبرعات.
الدمار ليس بسيطا، هناك 16 ألف منزل هدمت بالكامل، وأنا كنت في زيارة للكويت والسعودية وقطر وبدأنا في إعمار البيوت المدمرة، هناك 700 شقة سنبدأ فيها فورا.. لدينا وعود من الكويت بـ1500 شقة ووقعنا عقودا مع الإخوة في الكويت. الإخوة في السعودية سيعيدون بناء 800 شقة، وقطر بدأت بـ1000 شقة وقد تزيد إلى آلاف، وكل هذا في شهور قليلة. من الظلم أن نقول: إن الإعمار لم يبدأ. طيب كانت في حرب 2008 لم يعمل أحد أي شيء و2012 لا شيء، نحن في 2014 الآن، وبصراحة نحن عمليا نعيد إعمار ما خلفته 3 حروب.
* طيب تحدثت عن آلية إعادة الإعمار المتفق عليها هل توضحها لنا؟
- كما تعلم هناك حصار ظالم وإسرائيل تسيطر على المعابر، وفق ذلك بدأنا نخطط كيف سندخل المواد إلى غزة. روبرت سيري منسق الأمم المتحدة لعملية السلام السابق، قام بمفاوضات بين الجانب الإسرائيلي والأمم المتحدة، وتوصلوا إلى اتفاق ينص على أن أي مواد تدخل إلى القطاع ستتم بمراقبة الأمم المتحدة ومن خلال مراقبة الجانب الإسرائيلي، حتى عندما يتم توزيع المواد في قطاع غزة سيتم تحت مراقبة وإشراف الأمم المتحدة. هذا الاتفاق وافقت عليه جميع الجهات، الحكومة وحماس ولم يعترض عليه أحد. لكن ما نطلبه الآن هو إعادة النظر في هذا الاتفاق. نحن مثلا نريد 100 طن إسمنت يوميا حتى نبدأ إعمارا حقيقيا، وما نطلبه هو رفع الحصار كاملا، وأن تسمح إسرائيل بإدخال جميع المواد المطلوبة. بصراحة نحن نطالب بوقف العمل بهذه الآلية وتحسينها والأهم رفع الحصار.
* إذا بدأت العملية بالطريقة التي تريدونها هل هناك سقف زمني لإعادة إعمار القطاع؟
- إذا تم رفع الحصار ووصلت الأموال التي تعهدت بها الدول الآن وفي الحروب السابقة، سنعيد غزة إلى عهدها السابق في أقل من 3 سنوات.
* في ظل هذه الخلافات مع حماس، العلاقة مع الحركة إلى أين؟
- حماس جزء مهم من الشعب الفلسطيني ومكون من مكوناته. نحن نريد حوارا حقيقيا ومصالحة حقيقية. نريد تجانسا. أنا أعتقد أن المخرج هو انتخابات رئاسية وتشريعية. علينا تهيئة الأجواء وأن نمهد لهذه الانتخابات. اليوم أقول هناك فرصة عبر حكومة وحدة وطنية. هذا مهم جدا، وأنا أدعو حماس للمشاركة في حكومة وحدة وطنية وعدم وضع عقبات. الاشتراطات التي وضعتها حماس اشتراطات مستحيلة.
* ماذا وضعت؟
- تطلب الإطار القيادي الموحد أن يجتمع، لكن أين؟ السيد الرئيس يحاول مع عدة دول لكن لا يوجد تجاوب. هناك اشتراطات بالنسبة للانتخابات وقانون الانتخابات. كما أبلغوني في شهر 4 يريدون انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلسا وطنيا في آن واحد، نحن قلنا لهم رئاسية وتشريعية نعم، لكن مجلس وطني لا. أنت ترى الأوضاع في الدول العربية وهي معروفة. كيف نستطيع إجراء انتخابات في الدول العربية، هذا صعب، تحدثوا معي في قانون الانتخابات، هم وافقوا في 2011 في القاهرة على قانون التمثيل النسبي 75 في المائة والباقي دوائر، والآن يريدونه جميعه دوائر. هذه المسائل اتفقت عليها الفصائل في 2011 ويجب أن لا يكون هناك الآن اشتراطات، بل الذي يجب هو تمكين حكومة الوفاق الوطني، لو قبلوا خطتي لاختلف الوضع الآن.
* بالمناسبة هل خطتك ما زالت قائمة؟
- نعم ما زالت قائمة، وأنا أدعوهم للمباشرة فورا كي نعالج ملفات أخرى متقدمة.
* دعوت حماس مرة أخرى للقبول بحكومة وحدة. ما الهدف من تغيير التوافق إلى وحدة؟
- الذي دعا لها هو الأخ أبو مازن، وطلب من كافة الفصائل وتم التشاور معهم، لكن حماس وضعت اشتراطات. نحن نريد حكومة فصائل تشارك فيها جميع الفصائل لأن حكومة الوفاق هي حكومة تكنوقراط. المطلوب حكومة وحدة فصائلية تلتزم ببرنامج منظمة التحرير، لكن حماس تحفظت ونحن الآن سنجري تعديلا.
* وما هي أهداف التعديل؟
- كما تعلم الحكومة العادية تتشكل من 24 وزيرا. الحكومة الحالية تم تشكيلها على عجل في ظروف صعبة ومعقدة، وتم تشكيلها من 17 وزيرا بمن فيهم رئيس الوزراء؟ استقال وزير الاقتصاد، نحن الآن بـ16. تصور أن الوزير يدير 3 وزارت. هناك خلل، أنا أريد أداء أفضل. سنملأ الفراغات الموجودة، نحن نتحدث عن 8 حقائب فارغة، لكن على الأقل نريد تعبئة 5 لأنه بحسب القانون، مسموح لك أن تعدل أقل من الثلث فقط، سنغير حيث يوجد ضعف.
* يعني لو تمكنت كنت ستغير أكثر من 5 وزارات؟
- لو تمكنت نعم. لكن الآن نكتفي بـ5 وزارات، سنضيف كفاءات جديدة شابة مشهودا لها بالعمل والنجاح والتميز، أنا الآن في إطار مشاورات لملء بعض هذه الفراغات ووزراء سيخرجون من الحكومة يعني سنشهد إضافة زائد تغيير.
* أنت زرت غزة مرتين ما هو الانطباع الذي خرجت به؟
- الواقع غزة مأساة إنسانية، أنا عندما زرتها أول مرة في شهر 10 (أكتوبر)، فجعت من هول الدمار، وبعدما عدت كان لدي التزام شخصي عميق أن أولى أولوياتي ستكون غزة، وهذا عهد أخذته على نفسي والإنجازات في ظل الظروف الصعبة في أكبر دليل. نحن نساهم فقط في قطاع الكهرباء بـ35 مليون شيقل.
* مساهمة بمعنى أنها غير مستردة؟
- نعم.
* رغم أنكم متهمون بأنكم سبب في الأزمة وترفضون إعفاءهم من الضرائب؟
- أتمنى عليك توضيح ذلك. لا يوجد ضرائب على الديزل مطلقا. نحن نساهم شهريا في الكهرباء التي تغذي غزة عبر إسرائيل من خط 161 إسرائيل تدفعنا شهريا من 50 إلى 60 مليون شيقل غير مستردة، (إضافة إلى 35) ندفع شهريا ما يقابل 80 مليون شيقل. هذه أرقام معروفة وهذا واجب. ولكن المطلوب أن يدفع من يستطيع من الناس الدفع.
* في هذا الوقت ثمة تقارير عن مفاوضات بين حماس وإسرائيل غير مباشرة بهدف هدنة طويلة مقابل ميناء. هل أنت مع أي اتفاق؟
- نحن نسمع عن اجتماعات، ولقاءات بين توني بلير وبعض الدول الأوروبية وبين حركة حماس، لكن أنا أقول إذا كان هذا يصب في موضوع فصل قطاع غزة عن الضفة، أعتقد أنه موضوع خطير وخط أحمر، ويجب أن نقف عنده. هذا خطر كارثي والشعب الفلسطيني يعي ذلك. الذي نريده هو رفع الحصار، وإعادة تفعيل الاتفاقيات السابقة. نحن نريد إيجاد ممر آمن كما كان في الاتفاقيات السابقة. إذا طبقت الاتفاقات السابقة ورفع الحصار ستحل كل المشاكل.
* ما هي خطتكم إذن لرفع الحصار؟
- أقصر الطرق هو تمكين الحكومة. بعدها نجري انتخابات للخروج من حالة الانقسام. ونحن نتعهد الآن بإجراء انتخابات رئاسية تشريعية.
* خلال كم من الوقت تكونون جاهزين لهذه الانتخابات؟
- إذا أعلنت الفصائل أنها موافقة. والسيد الرئيس أصدر مرسوما، فلجنة الانتخابات جاهزة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية خلال 3 أشهر (واللي ينجح يحكم). الانتخابات هي المخرج.
* أنت الآن وزير للداخلية هل يأتمرون في غزة بتعليماتك؟
- من اليوم الأول الذي تم فيه إعلان الشاطئ، تم الطلب مني رسميا أن أترك موضوع الأمن، أبلغت أن هذا سيترك للجنة الأمنية العليا. الموضوع معقد، هناك شرطة وقوات دفاع مدني وفصائل لديها أجنحة عسكرية، هذا الموضوع ليس من اختصاص الحكومة هذا من اختصاص اللجنة الأمنية.
* وبخصوص الوزارات الأخرى، هل فعلا مصطلح حكومة ظل في غزة توصيف حقيقي؟
- أنا شخص تعودت أن أتحدث بصراحة مطلقة، بالتأكيد في غزة يوجد حكومة أخرى. سمها حكومة ظل أو ما تشاء، هناك حكومة تدير قطاع غزة، وإلا ما معنى جباية الضرائب التي تجبيها وتصرفها هذه الحكومة ونحن لا نعلم. أعطيك أمثلة، الحكومة التي تدير غزة تريد من جوال أن تدفع ضرائب، يضايقون بنك فلسطين. هناك مشكلة الآن مع رئيس جامعة الأقصى، لديه حسابات في قطاع غزة وقاموا بتجميد حساباته. والحكومة الشرعية تقول هذا غير قانوني.
* يعني يتصرفون من دون الرجوع لكم؟
- انقل على لساني، أنا قلت هذا الموضوع في اجتماعين مع قيادة حماس، قلت لهم السيد زياد الظاظا يدير هذه الحكومة في قطاع غزة، حكومة الظل، وهذا يعيق عملنا.
* تحدثنا عن غزة بما فيه الكفاية. بالنسبة للضفة، هل تشرح لنا العقبات التي تواجه حكومتك.
- أكيد الاحتلال عقبة أولى، انظر إلى تقسيم الضفة (أ ب ج)، كل مصادرنا الطبيعية من المياه والأراضي الزراعية، والبحر، والبترول أيضا، هناك حقل في رنتيس 400 كيلومتر مربع، كلها في منطقة سي، وإسرائيل لا تسمح لنا باستغلال مواردنا. 2.2 مليار دولار ممكن أن نجندها من خلال الاستثمار في مناطقنا التي تسيطر عليها إسرائيل. نحن نحكم 36 في المائة من الضفة فقط. هناك الظروف المالية، لدينا مشكلة الضرائب مع الإسرائيليين، في أي لحظة نختلف معهم يحجزون أموالنا، وهذا يجعلنا بصراحة لا نستطيع أن نخطط للمدى البعيد أو المتوسط ولا القريب، (كل شغلنا) مربوط مع الاحتلال. يوجد موضوع اتفاق باريس، نحن بحاجة إلى إعادة النظر فيه، ناهيك عن التهرب الضريبي في مناطق سي، تهرب من أعلى المناطق في العالم، ورغم كل ذلك البنك الدولي يشهد أن مؤسساتنا أفضل من مؤسسات 80 دولة.
* طيب ماذا عن الأمن في الضفة، هل أنت راض عنه؟
- الأمن ممتاز. نعم أنا راضٍ عن مستوى الأمن، تستطيع أن تتجول في رام الله حتى ساعات الفجر. تستطيع أن تقول ما تشاء هناك حرية إعلام. أي دولة تسمح بذلك. ينتقدون أمورا بشكل شخصي. نحن نفخر، ومع هذا يحدث أخطاء نحن غير منزهين، والأخطاء يتم التحقيق فيها.
* نريد أن نعرف عن دخل الحكومة ومصروفاتها ومديونيتها؟
- الحكومة يدخلها 800 مليون شيقل تصرف مليارا و150 مليون شيقل بعجز 100 مليون دولار. تأتي مساعدات متفاوتة ولكن يبقى عجز دوار، نرحل بعض المصاريف نتعامل بإدارة أزمة. لكن نحن قللنا المصاريف، عملنا ترشيد ووفرنا 300 مليون شيقل من الدين العام. أنا جئت على الحكومة وهي مديونة بـ4.8 مليار دولار. المساعدات قلت، والمصاريف زادت، ولكن تمكنا من سد عجز بقيمة 300 مليون دولار ودفعنا لصندوق التقاعد الذي استنفدته الحكومات السابقة، نسدد التزاماتنا كافة شهريا، وهذا يكلفنا مبالغ طائلة. لدينا ما نفخر به.
* بالنسبة للقدس هناك اتهامات لحكومتكم بالتقصير؟
- القدس من أولوياتنا، التدخلات كثيرة وتتم بالاتفاق مع مؤسسات دولية وأحيانا مباشرة. ورغم أننا ممنوعون من العمل هناك، نعمل في قطاع التعليم والترميم والمشاريع الصحية ودعم المستشفيات، وبدأنا بدعم تجار البلدة القديمة. ونحن نطالب جميع العالم بأن يقفوا معنا. اعلم أن التدخلات ليست كافية، نحن بحاجة إلى مليارات، إسرائيل تستثمر مليارات، نريد دعما.
* لكن تم تشكيل صندوق عربي لدعم القدس؟
- كان يفترض أن يوفر الصندوق نصف مليار لكن لم يتم الوفاء بذلك.
* أنتم متهمون بشكل شخصي أنكم ضد النقابات وأغلقتموها وذهبتم إلى القضاء كذلك؟
- نحن مع العمل النقابي بشرط أن يكون منظما، لكن من غير المعقول أن تعمل النقابة إضرابا مخالفا للقانون. كما تعلم نقابة الموظفين العموميين تضم 61 ألف موظف، وأعلنت إضرابا ثم أعلنت ساعات تقليص العمل لساعة واحدة قبل نهاية الدوام، واستمروا 3 أشهر، تصور في اليوم عندك 61 ألف ساعة عمل تضيع على الحكومة وندفع أجرها، هل هذا عمل نقابي منظم؟ يوجد خطوات للإضراب، وأنا أتحدى أن أيا من النقابات قامت بهذه الخطوات. جميع الإضرابات في فلسطين كانت ضد القانون، (شغلة متعودين عليها)، وأحيانا هذه الإضرابات كانت مدفوعة لأهداف غير نقابية. وأقولها بصراحة بعض هذه الإضرابات في حكومتي أو الحكومات السابقة كانت موجهة من بعض الجهات. ما يحكمنا الآن هو القانون وسنلتزم.
* بعد كل هذه الفترة هل أصبح لديك خصوم؟
- بالتأكيد أي شخص يعمل في العمل السياسي ليس الكل مطالبا بأن يتفق معه، الخلاف صحي، لكن آمل أن لا يتحول إلى خصومات، وأنا لا أعتقد أن لدي خصومة شخصية مع أي شخص.
* هل هناك من يحاول أن يضع لك العقبات من متنفذين في الفصائل والسلطة؟
- بصراحة نعم. هناك من يحاول وضع العصا بالدواليب. لكن أنا تأقلمت مع التحديات وأتغلب عليها، هناك بالفعل من يضع عقبات لأمور شخصية وليست مهنية. هناك من يحاول نعم ولكن أنا لا أنظر إلى هذه الأمور، أنظر إلى المستقبل والمصالح العليا وأطالب الجميع بحوار هادئ وليس لأمور شخصية.
* وهل تملك كل صلاحياتك؟
- النظام الفلسطيني نظام رئاسي، السيد الرئيس لديه صلاحيات في مواضيع، والحكومة لديها، ولكن للحقيقة لمست دعما كاملا من الأخ أبو مازن وأنا أشكره. لم يقف في طريقنا، هو دائما في حوار مستمر معي شخصيا وأتداول معه في القضايا اليومية والحياتية والسياسية، أنا أشكره على التعاون والدعم. هذا ساعدنا في عملنا.
* بعد عامين من العمل السياسي هل أنت نادم على دخول المعترك؟
- بصراحة الخبرة مهمة. كل فلسطيني هو سياسي بطبعه، لكن أنا كنت في عالم أكاديمي مختلف، عالم واقعي ومثالي، وانتقلت إلى عالم آخر عالم فن الممكن. وما هو الممكن في ظل هذه الظروف؟ (قالها متسائلا). العالم السياسي يختلف. عدو اليوم قد يصبح صديق الغد، السياسة عالم متغير والذي يحكم السياسة هي المصالح.
* وأهم شيء تعلمته خلال العامين؟
- يجب أن تكون لديك إرادة قوية، من دون ذلك ستهزم خصوصا في فلسطين، تحديات لا تعد ولا تحصى.