تيار الإصلاح والادعاء عليه

e30ba9114c613e09366766481ce09eac.jpg
حجم الخط

 

كنا ولا نزال، كتيار وطني فتحاوي يتوخى استعادة الحركة لمؤسساتها وتقاليدها؛ نستنكف عن الرد على التخرصات الساذجة، التي ترمز الى التيار بكلمة "دحلان" لكي تحاول اختزاله في النائب المنتخب وعضو اللجنة المركزية المنتخب في المؤتمر العام الطبيعي الأخير السادس لحركة فتح. ففي كل يوم، وحيال كل مشهد، حتى في الجوار العربي، يرتجل المأزومون اتهاماً للتيار، بأنه سبب المشكلة وله ضلع. وسرعان ما تتبخر هذه الاتهامات بحرارة الحقائق الساخنة. فالمهم عندهم أن تؤدي الإدعاءات غرضها كما يتمنون. فقد كنا نستنكف عن الرد أو عن دفع الإدعاء، مدركين أن مثل هذه الثرثرات تنتهي من تلقاء نفسها. وللعلم، نحن في التيار، ثبّتنا في أدبياتنا الفتحاوية، مبدأ وجوب التشجيع والاحترام لأي كادر فتحاوي يعمل في أية منظومة عمل، سواء كان سفيراً لفلسطين، أو وزيراً في السلطة، يؤدي واجبه بشرف ولا ينخرط في همروجة الهجاء والتدليس تحت عنوان الشرعية. فالأصل، أن  من يؤدي عمله بروح وطنية، ويركز على التناقض الأساسي مع الإحتلال، هو جزء من الشرعية التي نسعى الى رفعة شأنها وصواب عملها، بصرف النظر عن انقطاع الصلة بيننا وبينه. فنحن سنظل بوجود عباس أو في غيابه، إخوة من حركة واحدة لن نغادرها ولن يستطيع مليون عباس زحزحتنا عنها.

غير أن العناصر التي تعتاش على التوتر والكيديات، وهي للأسف متنفذة، تلعب من وراء حُجب، لكي تجعل تيار الإصلاح الديموقراطي في حركة فتح، سبباً في كل مشكلة. وبحكم تعجل هذه العناصر واندفاعها الى الإتهام قبل التفكير، فإنها تقع في خطأ في حق نفسها وتؤكد على ضآلتها، حين تجعل "دحلان" قد بلغ من سعة التفشي وشموليته، سبباً للأعاصير، وتُركز على عنصر المال باعتباره وسيلة، علماً بأن جميع العاملين والناشطين من التيار، بخلاف المكلفين بعمل بعد قطع رواتبهم، لا يقبضون مخصصات أو مساعدات ولا يصرفون، وهم منتشرون في القارات، ومعظمهم يغطي كلفة نشاطه من رزق أسرته، ثم إن قيادة التيار لا تملك ما يغطي دائرة أوسع من نشاطها الاجتماعي الخيري، ومعه المكلفون بأعمال، لأن فكرة الإصلاح أو أمنيته، هي هاجس الفتحاويين جميعاً، سواء كانوا مع التيار أو بعيدين عنه. والتيار نفسه، ليس فوق النقد، لا من داخله ولا من خارجه، ويكفيه أنه وضع نفسه تحت مسطرة القياس الموضوعي للسلوك وليس فوقها، أما فتح بصيغتها العباسية، فلا تضع نفسها تحت أية مسطرة قياس!

إرسال الاتهامات جزافاً، بأن التيار له في كل عرس قرص، على صعيد الفعاليات الشعبية، هو شرف لا ندعيه، لأن الدفق الشعبي في اتجاه العدالة والتزام النظام وإنهاض الحركة والإجهاز على عناصر التوتر في الساحة الفلسطينية والترهل الفتحاوي حصراً؛ يتولاه تيار الجماهير الوطنية العريضة التي هي أكبر من فتح في صيغتها الراهنة والملفقة، وأكبر من التيار العريض الذي في قلبها!

علاقة التيار بحماس، التزمت الصيغة الإجبارية التي ارتضاها عباس وحماس لو استجابت حماس لمطلب عباس تسليم السلاح واستجاب عباس لمطلب حماس استيعاب موظفيها. هذه الصيغة تلتزم مبدأ تصفير المشكلة والكف عن الضرب والطرح وبناء علاقات احترام متبادل. فما دون ذلك هو متاهة لا نهاية لها. فعلى هذا الصعيد، التزم تيارنا بهذا المبدأ، ونعلم أن تياراً وازناً في حماس يرغب في الالتزام به، لكن عناصر منها جعلت الالتزام الحقيقي عسيراً، بحكم طبائعها وبقايا شحنة الغل وتأثيرات الأوهام والحسابات الخاطئة. ونحن نتفهم أوضاع الطرف الحمساوي، ولا نميل الى فتح معارك من شأنها مفاقمة الأوضاع في غزة أكثر مما هي متفاقمة. لكننا في الوقت نفسه، نسعى الى إقناع حماس بأن المخاطر الموضوعية وعربدة العدو، تتطلب وئاماً إجتماعياً وعلاقات احترام متبادل بين القوى السياسية. فالمخاطر التي تتهددنا، ينبغي ألا تدع لنا وقتاً نستقطعه لتأجيج خلافات داخلية، وهذا هو نفسه الذي قلناه لعباس أثناء محاولات تحقيق مصالحة فتحاوية!