يدل التحقيقان اللذان علق فيهما أمس القائدان الكبيران – العقيد يسرائيل شومر والمقدم نارييه يشورون جيدا على تعقيدات القتال وعلى المعاضل التي يتعرض لها القادة في الميدان في يهودا والسامرة وفي منطقة غزة، حين يعملون أمام قوى معادية مزروعة عميقا بين سكان مدنيين.
فهل العيادة في الشجاعية، التي أمر المقدم المقدم نارييه يشورون باطلاق «صلية» عليها في اثناء جنازة مرؤوسه ديما لويتس، كانت هدفا مشروعا؟ هذا هو السؤال الذي سيقع في مركز التحقيق الجنائي ضد قائد كتيبة 82، المقدم يشورون، اليوم في مكاتب شرطة التحقيق.
خلافا لقرارات مختلفة، وبعضها غريبة، للنائب العسكري العام، اللواء داني عفروني، استقبل هذه المرة القرار بالتحقيق مع قائد كتيبة 82 في حملة الجرف الصامد بتفهم في الجيش، بما في ذلك في أوساط قادة ميدانيين قاتلوا في الصيف الماضي. فما قاله المقدم يشورون في جهاز الاتصال ما كان يمكن له أن يبقى في الهواء بلا فحص. في الجيش أيضا واضح أن التحقيق محتم، يبث جدية ويوضح بان الجيش الاسرائيلي يعرف كيف يحقق مع نفسه.
ولكن حتى حين يبدو القرار صحيحا يُسـأل السؤال: لماذا الان فقط، بعد سنة من الحملة؟ اين كانت النيابة العسكرية العامة عندما بثت الاشرطة في موقع رسمي للجيش وفي تقرير صحافي في المجلة الناطقة بلسان الذراع البري؟
من جهة، عندما نسمع قائد الكتيبة ونراعي المكان والزمان اللذين وقع الحدث فيه – جنازة قائد السرية، الملازم ديما ويتس، في جبل هرتسل، يمكن ان نشعر بالالم الذي يعيشه. ومن جهة اخرى، ينبغي التوقع من قائد كتيبة ألا يبادر حتى في اللحظات الصعبة الى اطلاق النار على العدو لغرض الثأر فقط. وهنا يكمن لب الخلاف الذي يفترض بتحقيق الشرطة العسكرية أن تستوضحه: هل كان اطلاق النار مبررا من ناحية عملياتية لانه اطلقت من العيادة النار قبل ذلك أم انه نبع من اسباب عاطفية فقط.
سيدعي نارييه يشورون اليوم امام محققيه بان تعبير «صلية شرف» ما كان ينبغي أن يقال من قبله ولكن رغم ذلك فقد كان هذا هدفا شرعيا اطلقت منه النار التي قتلت الملازم ويتس، وأنه كانت في المنطقة عدة انفاق، فضلا عن أنه لم يصب أي فلسطيني بأذى جراء النار.
اذا ثبت بان العيادة كانت هدفا شرعيا، فان الملف سيغلق، وإلا فان المحكمة العسكرية هي التي ستحسم في المسألة، ولائحة اتهام اولى سترفع ضد قائد الكتيبة على أعماله في ايام القتال في غزة. وستكون آثار مثل هذا القرار دراماتيكيا، ولكن السبيل الى هناك لا يزال طويلا ومشكوك أن يصلوا الى هناك. معقول اكثر الافتراض بان الاستنتاجات ستكون أن هدف النار كان شرعيا، أما القول في جهاز الاتصال فكان أقل بكثير، ولهذا فان الملف سينتهي بالعقاب الانضباطي.
أما حالة قائد لواء بنيامين، العقيد يسرائيل شومر فأكثر تعقيدا بكثير. فقد سبق أن خضع شومر للتحقيق تحت طائلة التحذير وقدم رواية اولى، ولكن الشريط الذي نشرته «بتسيلم» يثير عدة أسئلة. لا شك أن الصخرة التي رشق بها جيب قائد اللواء عرضت حياته للخطر. ولكن واضح ايضا أن العقيد شومر نفذ إطلاقا للنار حين لم يكن في خطر على الحياة.
في توثيق كاميرا الحراسة الذي نشرته منظمة «بتسيلم» يبدو الجنود ينزلون من الجيب بعد الإصابة – ولكن لا يبدو ان القوة كانت لا تزال تحت الهجوم. راشق الحجارة الفلسطيني كان قد فر في هذه المرحلة وبالتالي لم يعد يشكل خطرا. هل الصخرة التي رشقة على المركبة كان يمكن لها أن تقتل؟ نعم. هل كان يمكن انهاء هذا دون قتيل فلسطيني؟ نعم ايضا.
وبعد كل ذلك، في الحالتين ينبغي أن نتذكر بأنها حكمة صغيرة الجلوس في المكيف في ظروف المختبر وانتقاد القادة في الميدان. ما مر على عقل قائد اللواء شومر عندما تحطمت الصخرة على نافذته لا يعرفه احد غيره. ما مر في قلب قائد الكتيبة الذي قتلوا له قائد سريته شعر به هو وحده. وعليه، من يبعث بهما الى هذه الأماكن ينبغي أن يعرف ويفهم بانهما يمكن لهما أن يقعا في أخطاء أيضا.
عن «يديعوت أحرونوت»