أكد مسؤولون في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، على أن رواتب الموظفين العاملين في هذه المنظمة لشهر يوليو المقبل، من المحتمل أن يجري تأجيلها، وكذلك وقف الخدمات في كثير من مؤسسات هذه المنظمة في مناطق عملياتها الخمس، بما ينذر بوقوع «كارثة» بحق اللاجئين، إذا ما فشلت هذه الوكالة الدولية في الحصول على تمويل من مؤتمر المانحين الذي عقد الاثنين الماضي في نيويورك.
واستباقا لوقوع الكارثة، حذر اللاجئون الفلسطينيون بمشاركة من الفصائل الفلسطينية خلال تظاهرة أمام عدة مقرات لـ «الأونروا» في قطاع غزة، من انهيار خدمات هذه المنظمة التي تساعد أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني.
وحملوا في بيان صدر عن اللجان الشعبية للاجئين المجتمع الدولي، اليوم الثلاثاء، ممثلا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والأمين العام، المسؤولية الكاملة عن حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين. وطالبوا المجتمع الدولي والدول المانحة لـ «الأونروا» بتنفيذ كل القرارات التي لها علاقة باستمرار عمل وكالة الغوث، وإلزام جميع الدول بتعهداتها المالية، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي بانتهاكاته ضد اللاجئين الفلسطينيين.
كما وحذرت اللجان الشعبية، من أي «تقاعس أو تهاون» في عمل «الأونروا»، أو المساس بقرار استمرار تفويضها في تقديم خدمات اللاجئين الفلسطينيين، أو حرفها عن شرعيتها الدولية. وأكدت أن الأزمة التي يعيشها لاجئو غزة، تهدد بانهيار الحياة الاجتماعية بكل مكوناتها، وجددت رفضها للجوء «الأونروا» لتقليص خدماتها المقدمة لجموع اللاجئين، بسبب الأزمة الحالية، وأكدت أن أي تقليص سيكون له «مردود سلبي» على حياة الفلسطينيين.
وانتقدت في بيانها بشدة ما قامت به الإدارة الأمريكية بسبب وقفها الدعم المقدم لـ «الأونروا»، وهو ما خلق الأزمة المالية الحالية لهذه المنظمة الدولية، ورفضت في الوقت ذاته ما تروجه الإدارة الأمريكية من مخططات لـ «إغاثة غزة» إنسانيا، وأكدت أن ذلك يعد محاولة لـ «الالتفاف على دور «الأونروا».
وكتب على لافتة كبيرة وضعت خلف منصة الاحتجاج الذي أقيم أمام البوابة الرئيسية» لمقر «الأونروا» في غزة «لا لتقليص الخدمات الممنهج».
وبدورهم، حمل قادة الفصائل ووجهاء وأطفال وشبان ونساء شاركوا جميعا في التظاهرة أعلاما فلسطينية، ولافتات كتب عليها «استمرار خدمات الأونروا هو مسؤولية المجتمع الدولي».
يشار، إلى أن أزمة «الأونروا» قد بدأت مطلع العام الحالي، بعدما أوقفت الإدارة الأمريكية تمويلها السنوي الأكبر لهذه المنظمة، والمقدر بـ 350 مليون دولار، واكتفت فقط بدفع 65 مليونا، ما خلف عجزا كبيرا زاد عن 255 مليونا، وهو أمر ينذر بتدهور كامل للخدمات المقدمة لجموع اللاجئين في مناطق العمليات الخمس وهي قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان.
وتقدم «الأونروا» خدمات تعليمية لأكثر من نصف مليون طفل لاجئ، وكذلك خدمات صحية واجتماعية ومساعدات غذائية لهؤلاء اللاجئين.
ولم تفلح عمليات الدعم التي وصلت لـ «الأونروا» بعد مؤتمر روما الذي انعقد قبل عدة أشهر، في حل الأزمة، بل ساهمت في تأجيل وقوع «الكارثة» ووقف الخدمات المقدمة للاجئين. وقال أحد المسؤولين في «الأونروا» خلال التظاهرة لـ «القدس العربي»، إن هناك معلومات تشير إلى اتخاذ رئاسة «الأونروا» قرارا بالاستغناء عن 1000 موظف من العاملين حاليا في قطاعاتها المختلفة، إضافة إلى عدم وجود التمويل لدفع رواتب الموظفين عن شهر يوليو المقبل. وأكد الموظف الذي طلب عدم ذكر اسمه، كونه غير مخول بالإدلاء بالتصريحات، أن وقف خدمات الـ 1000 موظف، سيؤثر على كل القطاعات الحيوية في «الأونروا» وفي مقدمتها التعليمية والصحية.
وفي السياق ذاته، قالت المسؤولة في اتحاد الموظفين العاملين في "الأونروا" آمال البطش، إن الاتحاد لديه «مخاوف كبيرة» من انهيار الخدمات.
وأكدت في تصريح صحفي اليوم لـ «القدس العربي»، على هامش المشاركة في الفعالية، أنه في حال عدم قدرة مؤتمر نيويورك على سد العجز المالي، فإن ذلك سيخلق «كارثة في مناطق العمليات الخمس». وأضافت أن كامل الخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية «مهددة بالتوقف»، وأكدت، على أن بدء العام الدراسي الجديد لنصف مليون طالب لاجئ مهدد بالتأجيل أيضا. وأشارت إلى أن وقف عمليات التمويل لها علاقة بمخططات سياسية، وأكدت أن الفلسطينيين «لن يخضعوا لأي عمليات ابتزاز سياسي».
وحسب القائمين على الفعالية، من المقرر أن يستمر الحراك القائم في قطاع غزة وباقي مناطق العمليات الخمس، للتصدي لأي إجراءات لها علاقة بوقف أو تقليص خدمات «الأونروا».
وكان مسؤولون من «الأونروا» قد أكدوا على أن قرارات التقليص أو وقف الخدمات سيتم اتخاذها في ضوء ما يصدر عن مؤتمر المانحين في نيويورك.
ومؤتمر المانحين الذي عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك هو ثاني مؤتمر يعقد في غضون ثلاثة أشهر بهدف إيجاد مصادر تمويل جديدة للأونروا.
وخلال مؤتمرات مشابهة سابقة (روما، عمّان..) حصلت الاونروا على تبرعات اضافية ناهزت 200 مليون دولار لكنها ظلت بعيدة كل البعد عن هدفها المتمثل بجمع 446 مليون دولار تحتاج إليها لمواصلة نشاطاتها حتى نهاية العام.
وقال قال الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، بالأمس، إنه “بفضل الـ200 مليون الجديدة تمكنت الأونروا من الإبقاء على خدماتها الحيوية، وفي الوقت نفسه أخذت الأونروا تدابير جذرية لخفض نفقاتها بمقدار 92 مليون دولار إضافية”.
يذكر، أن دولًا عديدة أطلقت بالأمس وعودا بتقديم مساعدات إلى الوكالة الاممية، لكن المنظمة الدولية لم تعلن عن إجمالي قيمة هذه الوعود. ومن أبرز الدول التي اطلقت وعودا في مؤتمر نيويورك بلجيكا التي وعدة بتقديم “أربعة ملايين يورو إضافية”. والمكسيك التي وعدت بمساهمة مالية قدرها 500 ألف دولار.